عماد موسى

Merci جبران جبران Merci

28 شباط 2020

01 : 51

أمر لا يُصدق، فتحتُ حنفية المغسلة نزل غاز سائل. فتحتُ صنبور ري الحديقة فنزل منها بنزين 98 أوكتان بلا رصاص. ناديت جاري أسعد ليشهد على الأعجوبة، أسرع الخطى حاملاً في يده اليسرى كوب قهوة وبين أصابع يده اليمنى سيكارة متوهجة. وكانت آخر مرة أرى فيها أسعد. إحترق أسعد. Merci جبران. فداك.

بعد 94 عاماً على إصدار المفوّض السامي هنري دو جوفنيل تشريعاً أجاز فيه التنقيب عن النفط في لبنان، وبعد دراسات أُنجزت في الثلاثينات وأعمال حفر في العامين 1946 و1953 وفي النصف الأول من ستينات القرن الماضي شاركت فيها تباعاً شركة نفط العراق وشركات ألمانية وإيطالية من دون أن تفلح. فلحت الأرض ولم تصل إلى نتيجة، وبعد 8 سنوات على تشكيل هيئة سداسية لإدارة قطاع النفط، كلّفت الخزينة 58 مليون دولار كرواتب سخية من خزينة مفلسة، نجح الوزير جبران باسيل بسهره، بجهده، بإصراره، بإيمانه في حفر أول بئر غاز قبل ظهر 27 شباط قبالة البترون، وفي الثامن والعشرين، أي اليوم، دخلنا نادي الدول النفطية، وفي التاسع والعشرين تشطط ناقلة غاز " كيو فليكس" على شاطئ البترون لنقل أول حمولة إلى مرسيليا، كهبة من جبران لروح نفس العزيز هنري دو جوفنيل. الأحد يبدأ الشغل الجدي. Merci جبران.

إنه بالفعل يومٌ تاريخي، كما قال "بيّ الكل" للبنانيين في كلمة مؤثرة. صراحة لم أتمالك دموعي لفرط تأثري. تأثرت لموت أسعد الذي لم يسعد كفاية باليوم التاريخي الذي أخرج لبنان من قعر الهاوية إلى زمن البحبوحة والإزدهار. مات أسعد والدولار بـ 2540 ليرة. على الأربعين ليرتنا بدولارين وربع. باسم عيلة المرحوم أسعد Merci جبران.

إن للحدث أهمية بالغة على الصعيد الجيوسياسي، غداً تصير السياسة الخليجية تدور في فلكنا ويتكاثر المحبّون، هذا "يبغي" وديعة بـ 50 مليون دولار "ننطيه"، وذاك يطلب من غازي وزنة مكرمة "ندشو"... تغيرت المعادلات وصار لبنان من أكبر الفاعلين في سوق النفط العالمي، وأن تقول لبنان يعني لبنان جبران. Merci جبران وضعت لبنان على خريطة الدول النفطية وبات اللبنانيون مدينين لك بكرسي.

ونحن في قاع البئر، وفي قعر الإحباط والإفلاس والخيبة والحزن على أسعد، جاء إلينا مُرسل من "فوق" مبشراً بانتصار وشيك، ورمى إلينا بحبل نجاة، فهتفنا من "تحت" نغني مثل تلامذة ميتم العائلة المقدسة

Merci جبران

جبران Merci.


MISS 3