جان الفغالي

باسيل بين "إبعاد الأقربين" و"تقريب الأبعدين"

9 أيار 2024

02 : 00

مذهِلٌ دهاء رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل. لديه حركة سياسية، تيَّارية، لا يجاريه أحدٌ في اللحاق بها، ينتقل من المحامية مي خريش، منظِّرة العلاقة مع «حزب الله»، إلى الدكتور ناجي حايك، منظِّر التناقض مع «حزب الله»، من دون أن يرف له جفن. يقاتل عنه وزير الدفاع آنذاك، الياس بو صعب، في واقعة قبرشمون، ثم لاحقاً في حربه مع قائد الجيش العماد جوزاف عون، ثم في انحيازه إلى وزير الدفاع الحالي العميد موريس سليم، فيُكافئه بإخراجه من «التيار»، وقد أكد بو صعب هذه الواقعة بعد زيارته للمطران الياس عودة أول من أمس، ويقدِّم عليه، أرثوذكسياً في المتن الشمالي، غسان خوري.

لا يرتاح إلى سيمون أبي رميا في جبيل، فتبدأ رياح المقعد النيابي تهب نحو المحامي وديع عقل. كثيرون آخرون يتحسسون رقابهم: من ابراهيم كنعان في المتن الشمالي، إلى آلان عون في المتن الجنوبي. وفي المقابل، يعوِّض باسيل عن إبعاد الأقربين بتقريب الأبعدين، وعملية الإبعاد من خلال تقريب الآخرين فيها شيء من «الحنكة الهندسية» وهو الموهوب في اختصاصه الهندسي:

تقرَّب من ميريام سكاف في ذروة نزاعها الصامت مع حليفه السابق ومستشار القصر على مدى ست سنوات، القاضي سليم جريصاتي. كرَّم نائب رئيس الحكومة، وزير الدفاع والداخلية السابق، الياس المر، في ذروة القطيعة مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، نائبي المتن الأرثوذكسيين بين بتغرين وضهور الشوير، فانحاز إلى بتغرين. لم يأبه لرجُلِه في وزارة الدفاع، العميد موريس سليم، استقبل الياس المر الذي لم يُبقِ «ستراً مغطَّى» على موريس سليم، والذي أشاد بقائد الجيش الذي يُكن له باسيل كل عداء. كرَّم أيضاً النائب وليم طوق، ليس لإغاظة النائبة ستريدا جعجع، بل لإغاظة رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية، وإنْ كان طوق يحاول التخفيف من لقائه باسيل مع شقيقته ميريام. يدخل إلى جزين من بوابة «رجُل الرئيس نبيه بري» ابراهيم عازار، علماً أنه دخل جزين في السابق لاقتلاع البيوتات السياسية، ومن أبرزها « بيت عازار».

من آل المر في المتن، على حساب الياس بو صعب، إلى آل سكاف في زحلة، على حساب سليم جريصاتي، ولاحقاً إلى المحامي وديع عقل على حساب النائب سيمون أبي رميا.

مَن ينظر إلى هذه الخارطة، السياسية، التيَّارية، يكتشف دهاء جبران باسيل، وليس عن عبث أنّ هناك مَن وصفه بأنّه «مالك التيار وشاغل التياريين»، يتكئ في ذلك على مؤسس «التيار» العماد ميشال عون الذي يدعمه في كل قراراته «ظالماً كان ام مظلوماً».

هناك «داعمٌ» آخر للنائب جبران باسيل، بشكلٍ أو بآخر، هو مناهِضوه في «التيار»، سواء الذين أصبحوا خارجه أم الذين ما زالوا في الداخل، ينتظرون خروجهم أو إخراجهم، يعرفهم جبران باسيل واحداً واحداً، المناهِضون ممن خرجوا، لا يجرأون على عقد اجتماع علني أو الإقدام على إعلان موقف أو إصدار بيان، حين تكون المعارضة التيارية للنائب باسيل، من دون منسوبٍ من الجرأة، فإنه «ينام ملء جفونه» ولا يأبه من مكيدةٍ أو اصطفاف، يستعيض عن هؤلاء بمنسقي المناطق الذين يُكنون له «ولاء أعمى».

السؤال هنا: إذا قرر «مناهضو» رئيس التيار الإنتظام والتحرك، فهل ينجحون؟ هل يتفقون على»برنامج سياسي» واحد؟ أم يختلفون حتى على إصدار بيان؟ ربما جبران باسيل يراهن على عدم انسجامهم، ولهذا فهو سيواظِب على «قطع الرؤوس» سواء أكان اصحابها نواباً أم أصحاب حيثيات سياسية. أو على الأقل يُبقي السيف مصلتاً فوق رؤوسهم.

هذا هو باسيل، سواء كان المرء معه أو ضده، ولن يتغيَّر ولن يغيِّر سياسته ولا أداءه، وحتى الآن، هو الرابح على مناهضيه، سواء داخل «التيار» أم خارجه، لكن هناك مَن يقول: «المعركة الأخيرة بين باسيل وهؤلاء ليس أوانها الآن».

MISS 3