أعلن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، في ختام الجلسة الحكومية الاستثنائية التي دعا اليها ظهر اليوم الاثنين، أن "مجلس الوزراء قرّر اعتماد التوقيت الصيفي اعتباراً من ليل الأربعاء - الخميس المقبل".
ورأس ميقاتي الجلسة التي خصصت للبحث في ملف التوقيت الصيفي وشارك فيها نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي، ووزراء المالية يوسف الخليل، الأشغال العامة والنقل علي حمية، الشباب والرياضة جورج كلاس، شؤون التنمية الادارية نجلا الرياشي، الصحة فراس الأبيض، الاقتصاد والتجارة أمين سلام، الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، الإعلام زياد مكاري، التربية القاضي عباس الحلبي، الاتصالات جوني القرم، الصناعة جورج بوشكيان، العمل مصطفى بيرم، الثقافة محمد وسام المرتضى، البيئة ناصر ياسين، المدير العام للقصر الجمهوري انطوان شقير والامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية.
وفي ختام الجلسة ألقى كلمة جاء فيها:
"منذ نهاية ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون،
وأنا أجاهد وأكافح مع ثلة من الوزراء والجيش والقوى الامنية كافة والجنود المجهولين من الموظفين في الإدارت العامة للحفاظ على هيكل الدولة اللبنانية التي إذا ما انهارت يصبح صعباً جداً إعادة تكوينها.
لم أكن يوماً من هواة التحدي والمناكفة.
لم اكن يوماً من هواة التعدي على مقامات ومرجعيات دينية او زمنية والتطاول عليها.
لم اكن يوماً الا صاحب رغبة وارادة في الحفاظ على البلاد ومحاولة اخراجها من العتمة والعوز والعزلة.
للأسباب الآنفة كان قراري بالدعوة الى عقد جلسات لمجلس الوزراء في الفترة الزمنية الماضية. كل القرارات التي اتخذت جاءت بدورها لتأمين سير المرافق العامة وللتخفيف عن الناس قدر الامكان، في زمن عزّ فيه حسّ المسؤولية الجامعة عن بلد كان ولا يزال الاجمل والنموذج الارقى في نظري ونظر الكثير من اللبنانيين.
استمرار العمل بالتوقيت الشتوي حتى نهاية شهر رمضان الذي تشاورت بشأنه مع رئيس مجلس النواب، سبقته اجتماعات مكثفة على مدى أشهر بمشاركة وزراء ومعنيين.
هذا القرار كان الهدف منه إراحة الصائمين خلال شهر رمضان لساعة من الزمن من دون ان يسبّب ذلك ايّ ضرر لأيّ مكوّن لبناني آخر، علماً أن هذا القرار إتخذ مرارا في السابق.
فجأة،من خارج السياق الطبيعي والاداري البحت، إعتبر البعض القرار تحدياً له واعطاه بعداً لم أكن اتصوّره يوما، لكني قطعاً لم اتخذ قراراً ذات بعد طائفي او مذهبي. وما كان قرار كهذا يستوجب كل هذه الردود الطائفية البغيضة والتي دفعتني لأتساءل عن جدوى الاستمرار في تحمّل المسؤولية عمّن عجز عن تحمّلها بنفسه، واقصد هنا النخبة السياسة التي اتّفقت على كل رفض وسلبية لهذا المرشّح او ذاك لرئاسة الجمهورية، وعجزت حتّى عن وضع قائمة اسماء مرشحين للرئاسة للبدء بالعملية الانتخابية.
لنكن واضحين ليست المشكلة ساعة شتوية او صيفية تمّ تمديد العمل بها لأقلّ من شهر انما المشكلة الفراغ في الموقع الاول في الجمهورية، ومن موقعي كرئيس للحكومة لا اتحمّل اي مسؤولية عن هذا الفراغ بل تتحمّله القيادات السياسية والروحية المعنية وبالدرجة الأولى الكتل النيابية كافة تلك التي فضّت النصاب خلال 11 جلسة انتخاب سابقًا، وتلك التي تعهّدت بعدم تأمينه في جلسات لاحقة من دون ان تتفق على مرشح يواجه مرشح الفريق الآخر.
امام هذا الاستعصاء، وامام الدفع لجعل رئاسة الحكومة المسؤول الاول عما آلت اليه البلاد، قرّرت دعوة مجلس الوزراء اليوم لعرض ما سبق وورد في مذكرتي تاريخ 23 الجاري، بوجوب عرض الموضوع على مجلس الوزراء، وكان نقاش هادىء، حيث أبدى كل وزير رأيه وقرر المجلس الابقاء على قرار مجلس الوزراء رقم 5 تاريخ 20-8-1998 باعتماد توقيت صيفي وشتوي من دون اي تعديل في الوقت الحاضر، ويبدأ التوقيت الجديد منتصف ليل الاربعاء - الخميس المقبل لأننا اضطررنا ان نأخذ فترة 48 ساعة لمعالجة بعض الامور التقنية بموجب المذكرة السابقة، فأعطينا وقتاً لإعادة تعديلها.
اليوم حللنا مشكلة واحدة لمواجهة الضخ الطائفي واسكاته، لكنني اضع الجميع امام مسؤولياتهم الوطنية في حماية السلم الأهلي والاقتصاد الوطني وعمل المرافق العامة.
من هنا ادعو الجميع لانتخاب رئيس جديد للبلاد وتأليف حكومة جديدة من دون ابطاء
لقد تحمّلت ما ناءت تحته الجبال من اتهامات واضاليل وافتراءات، وصمدت وعانيت بصمت غير انّي اليوم اضع الجميع امام مسؤولياتهم.
إن كرة النار اصبحت جمرة حارقة، فإمّا نتحمّلها جميعاً وإمّا نتوقّف عن رمي التهم والالفاظ المشينة بحق ببعضنا البعض.
أسهل ما يمكن أن اقوم به هو الاعتكاف عن جمع مجلس الوزراء، واصعب ما اقوم به هو الاستمرار في تحمّل المسؤولية.
حقا انني أمثل جميع اللبنانيين، على اختلاف انتماءاتهم وطوائفهم، ولكنني ايضا أمثّل مكوّنا وطنيا أساسيا في الحكم وأعتز بذلك.
كونوا على يقين أن الطائفة السنية ما كانت يومًا الا وطنية بالمعنى الشموليّ وحافظت عبر التاريخ على وحدة البلاد والمؤسسات وعملت، عبر نخبها وقياداتها، على صياغة مشاريع وطنية لا طائفية منذ الاستقلال وتحمّلت إغتيال مفتيها ورؤساء حكوماتها ورجال دينها وسياسييها لأسباب وطنية بحتة وثمن ولائهم للبنان الواحد الموحد ولخطابهم الوطني اللاطائفي.
رغم ذلك لم تخرج عن ثوابتها في العيش الواحد بين جميع اللبنانيين، بل كانت ولا تزال وستبقى أم الصّبي التي تمارس الفعل الوطني اللاطائفي على الدوام. وهنا أقول للبنانيين جميعاً إن لكل انسان قدرته على التحمّل، امّا قدرتي فهي قيد النفاد.
الى الصائمين أقول للصيام أجره عند الله، والله وحده من يجزي الصائمين، عسى ان تكون هذه الساعة في ميزان حسناتكم وسيكون ثوابكم مضاعفا في قبول صيامكم وصونكم وحدة وطنكم.
أخيراً،
ليتحمّل الجميع مسؤولياتهم في الخروج مما يعانيه اللبنانيون، فالمسؤولية مشتركة ولا يمكن، ومن غير العدل أن تلقى على عاتق شخص أو مؤسسة ويقف الآخرون متفرجين او مزايدين.
اللهم اشهد اني عملت ما في وسعي فلا تكلفني ما لا طاقة لي به.
اللهم اشهد اني قد بلغت.
اللهم اشهد اني قد بلغت".