رفيق خوري

"إنها السياسة... يا ذكي"

4 آذار 2020

02 : 30

في كتاب "أحزاب مسؤولة: إنقاذ الديموقراطية من نفسها" يقول إيان شابيرو وفرانسز ماكول روزنبلوت إن "بعض التغييرات المسماة إصلاحات أساء إلى نوعية الديموقراطية". وفي الواقع اللبناني، فإن بعض الديموقراطية التي صارت ڤيتوقراطية وكليبتوقراطية واوليغارشية يسيء إلى نوعية الإصلاحات.

ونحن في حاجة إلى إنقاذ الإصلاح والديموقراطية كي نستطيع إنقاذ لبنان وإخراجه من هاوية الأزمة العميقة. فما يطرحه الخارج الذي نطلب مساعدته، والداخل الذي يصرخ في الشارع هو إصلاحات حقيقية.

والسلطة التي تعرف بالوقائع والأرقام أن الستاتيكو ينهار والحفاظ عليه مهمة مستحيلة ليست مستعدة لما هو أبعد من إصلاحات شكلية وهامشية. إذ هي تبدو حريصة على الاستمرار في حراسة الستاتيكو في انتظار أعجوبة ما، خوفاً على مصالح بعضها وعلى مشروع بعضها الآخر من التغيير الجذري.

بيل كلينتون وصل إلى البيت الأبيض بشعار: "إنه الإقتصاد، يا غبي". ومتى؟ حين كان الوضع السياسي جيداً ومنافسه الرئيس جورج بوش الأب الذي قاد حرب "عاصفة الصحراء" وأخذ بلاده إلى وضع جيوسياسي واستراتيجي على القمة في "نظام عالمي جديد". ونحن في أزمة وطنية وسياسية واقتصادية ومالية ونقدية واجتماعية. لكن حجر الأساس في الحل هو البدء بتطبيق شعار: "إنها السياسة، يا ذكي". السياسة بمعنى ما قال انغلز إنها الإنتقال من أفكار سان سيمون عن "حكم الأشخاص" إلى "إدارة الأشياء". سياسة العودة إلى التزام الشرعيات الثلاث: الشرعية الداخلية عبر الطائف والدستور، الشرعية العربية، والشرعية الدولية. سياسة التسليم بأن من الوهم إدارة المال والاقتصاد بالعصا والعصبيات.

ذلك أن ما نراه هو نوع من عودة الترويكا. شيء من تضييق الانخراط في القرار السياسي بدل توسيعه في ما يتعلق بالسياسات المالية والاقتصادية التي هي أساس الإصلاح لأنها كانت ولا تزال سياسات خاطئة قادتنا إلى الهاوية. فنحن في خطر مصيري سواء جرى اعتبار لبنان جبهة أمامية في الصراع بين أميركا وإيران أو مجرد ورقة للمساومة بينهما. ونحن في ورطة مع المجتمع الدولي الذي نحتاج إلى مساعدته، كلما ضاق الهامش الفاصل بين الدولة و"حزب الله". وهو ضاق جداً وكاد أن يمحى، بحيث لم يعد أحد يحمي أحداً. ولا صار غريباً أن نسمع في هذه العاصمة أو تلك أن لبنان صار "دويلة" داخل "دولة حزب الله" وليس العكس.

فرنسيس فوكوياما رأى "أن النظام اللبناني صارم جداً ويحتاج إلى مرونة لإعادة توزيع السلطة". لكن ما يحدث في الواقع هو المزيد من تركيز السلطة التي يزداد عجزها حتى عن منع نشر كورونا في لبنان.


MISS 3