بشير عصمت

على هامش انتخابات نقابة المهندسين...

روح التغيير تخفت ولا تموت لكن لا تغيير بدون برنامج

22 نيسان 2023

02 : 00

حين يكون التغيير شبيهاً بسلوك الأحزاب التقليدية يذهب الناس الى التقليد، الانتخابات لدى التغييريين ليست غاية انما ذات هدفين اما النجاح وتحقيق برنامجهم لصالح كامل جمهور النقابيين من جهة والحث على المزيد من التقدم في برامج المنافسين.

...............

الاخلاق والثقافة ضلعا السياسة، منهما ولدت، و منهما بزغ العمل النقابي الملتزم والهادف لخير ابناء المهنة وهكذا الإلمام بالواقع وآماله وآلامه وصعوباته وما يفترض ذلك من وضع خريطة طريق قيمية للخلاص قابلة للتحقيق هو شكل واداة الممارسة السياسية بالذات.


بديهي الاعتراف ان التغيير مرتبط بنضوج شروطه مع قيادة ملمّة بالواقع العميق و أساليب الخلاص، قيادة تتمتع بالأخلاق والثقافة.


لماذا كلّ هذه المقدمة؟

.............

قبل أن تبرد حرارة سجالات إنتخابات نقابة المهندسين، من المفترض أن تتظهر كل الحقيقة و توضع النقاط على الحروف. فاستحقاقات كبيرة وكثيرة تعيشها البلاد من المراوحة في انتخاب رئيس الى الميل لقمع الحريات الى ما تعد به زيادات الأجور من مزيد من انهيار القدرة الشرائية الى غياب بصيص برنامج انقاذي من السلطة الغاصبة.....

كل الحقيقة

............

ليس صحيحاً ان الجمهور الناخب للتغييريين قد هزلت اعداده.

كما ليس صحيحا ان احزاب الطوائف قد استعادت قوتها و هي ليست قوية الا باستنفارها الطائفي في كل حين.


الصحيح أن سلوك قادة "التغييريين" فيما أسموه النقابة تنتفض او "مصممون"، غلب عليهم الكيد على النقيب الحالي والسابق و على سائر المجموعات الاخرى المكوّنة لحالة الغضب الشعبي.


و الصّحيح ايضاً انهم بقياداتهم تخايلوا بأنفسهم و بأدوارهم و تشبهوا بالأحزاب التقليدية على اعتبار أن استدعاء بسيطاً من موقعهم القيادي الملهم، الذي وضع خارجاً الكوادر النقابية واستفرد بالقرار، سيجعل الأنصار يأتون للانتخاب أفراداً وجماعات بالبولمانات.


لقد غاب الهم النقابي بشكل كامل او الايضاح البسيط على الأقل لجمهور النقابة المعني.


لقد حدث فعلاً، ان منح الثنائي الشيعي الاصوات لأحد مرشحي مصمّمون (داغر) منذ لحظة بدء الانتخاب حسب اتفاق مسبق كما جاء في بيان حزب الله الذي اوضح ما نشرته الاخبار في تقريرها، في المقابل كان للمهندس المستقل نزار يونس خيمة خاصة تجمع اصدقاءه، وتناصر "مصمّمون" بمرشحيها علناً فوق الطاولة وتتبادل مع الاشتراكي والقوات والكتائب، الاصوات للمرشحين عبيد وواكيم وحداد مما أثار انزعاج بعض القيّمين على "مصمّمون".



لم يكن ل"مصمّمون" ماكينة انتخابية باستثناء من جلس على الصناديق ومن زرع الباحة من القادة روحة و جيئة، أما الصاق الاتهام "ببيروت مدينتي" ففيه الكثير من التجنّي، لأنّ أعضاء بيروت مدينتي شكلوا الجسم الحي لما يشبه الماكينة النضالية للمعركة الانتخابية في حين سيطر أنصار بعض "مصممون" ومنظرو الحزب العقائدي على توزيع اللوائح والترويج لأفكار التجريح وحجب التصويت.


قد يكون البعض اغتبط بكون "مصممون" (لا ندري اسمها المقبل) قد صار يحسب لها حساب، لكن الحقيقة هي بالعكس تماماً حيث صارت الى مجموعة لا طائفية وحسب.



الغاية تبرّر الوسيلة ليست من الاخلاق بشيء كما الكيد ولا سبيل الا تنفيذ البرنامج، ان وجد، عن طريق النضال الديمقراطي، وان لم يتوحد لا جدوى من التمايز. قد تملك القيادة المعرفة العميقة للواقع لكنها بدل اعداد خريطة طريق على ضوء ذلك، تعكس روح انتفاضة شعبنا كان عليها أن لا يعميها الكيد وكثرة تعقيد الكلام و لعب الشطرنج مع طواحين الهواء.


.............

في حقيقة الأمر منذ البداية كان داخل "مصممون" وجهة نظر أقلية تقول ببرنامج نقابي مهني علمي يحمل روح تشرين في مقابل لا برنامج يقوم على المزايدة في التجريح بالنقيب بدون إبراز بعض الأعمال المميزة التي قام بها مجلس النقابة وابراء ذمّة "مصممون" بنشر مطالبات سابقة لهم لا تسمن و لا تقنع. لقد تمّت محاولة جدية للاتفاق على بيان واحد للمرشحين لكن لم يقنع به الا من وصل اليه صدفة.


يقول البعض ان جمهورنا هاجر و أنه دون نهوض اقتصادي لا عودة للمهندسين الى العمل كما أن المهندسين تحولوا الى فقراء في مجتمعاتهم و هذا ينطبق على كافة مهندسي ومهندسات لبنان و ان التصويت في ٢٠٢١ جاء نتيجة غضب تشرين. هذا عذر منطقي كما سابقاته ايضا.


لكنّ المهندسين جزء من النسيج اللبناني يعانون ما يعانيه الناس. ولكن اذا جعل اصحاب القرار في "مصممون" من أنفسهم -كرة - عليهم الا يتساءلوا لماذا يرفسون. واذا كان مطلبهم إدانة النقيب وتأديبه فهو مطلب كل الاحزاب الطائفية التي جعلتموها حلفاء لكم ببرنامج وحيد هو اضعاف النقيب للخلاص منه في السنة القادمة لا تعزيز حضور مجلس النقابة في الوقت المتبقي له لينجز في سنته الاخيرة ما فات..


ان اعادة مأسسة حركة التغييريين باتت ملحة، لجعلها اكثر عقلانية والقطيعة مع الميكيافيلية واحزاب الطوائف و اعادة الثقة الى قوى التغيير، فالناس بحاجة إلى بصيص امل يقوده المتنورون الوطنيون الغيورون، لا المتشبهين بسياسة السياسيين.



نعم خفت التغيير لكنه لم يمت، فاذا قيض للنقابة مجلسا كفوءاً، سيعود للنقابة بريقها وتقود حركة تغيير جذرية.

* هذا المقال على مسؤوليتي الشخصية يمثّل الواقع وقناعاتي الأبعد من انتخابات نقابة

MISS 3