لقاح محتمل لفيروس "كورونا"؟

13 : 31



أثبت الباحثون أن الأجسام المضادة التي تبطل مفعول الفيروس الذي يسبب "سارس" تستطيع أن تضعف قدرة فيروس كورونا الجديد على إصابة الخلايا بالعدوى في الدراسات المخبرية، واستعملوا أيضاً دواءً لكبح دخول الفيروس إلى الخلايا.

مع تجاوز عدد الإصابات بمرض "كوفيد-19" عتبة المئة ألف عالمياً، يبحث العلماء عن طرقٍ فاعلة لتجنب إصابات فيروسية جديدة.

يحمل فيروس كورونا الجديد (SARS-CoV-2) قواسم مشتركة كثيرة مع فيروسات أخرى من فئة كورونا، لا سيما تلك التي تسبب متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (SARS) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS).

نُشر تقريران جديدان في مجلة "الخلية"، وهما يحللان طريقة إصابة الخلايا بالفيروس الجديد. كيف يدخل هذا الفيروس إذاً إلى الخلايا وما أهمية هذه المعلومة؟سيكون فهم الجزيئات المستهدفة التي تُسهّل دخول الفيروس إلى الخلايا بالغ الأهمية لتحديد طريقة كبح هذه العملية منذ البداية.

يذكر التقرير ان أن مرض كورونا الجديد يستعمل آلية إدخال الفيروسات التي يستعملها "سارس". والأهم من ذلك هو أن العلماء في الفريقَين بحثوا عن طرقٍ لكبح هذه العملية عبر استخدام مثبط للأنزيم وأجسام مضادة لفيروس "سارس".

مسار انتقال عدوى كورونا

الفيروس الجديد هو من نوع فيروسات الحمض النووي الريبي المُغلّفة، ما يعني أنه عبارة عن مادة جينية مشفّرة في جزيئات الحمض النووي الريبي التي تكون أحادية التقاطع ومحاطة بغشاء خلوي مأخوذ من آخر خلية أصابها بالعدوى. حين تصيب الفيروسات المغلّفة خلية معينة، تطلق مساراً على مرحلتين.

تقضي الخطوة الأولى بالاتصال بأحد المستقبلات على سطح الخلية المستهدفة، وتتعلق الخطوة الثانية بالانصهار مع الغشاء الخلوي على سطح الخلية أو في موقع داخلي.

في ما يخص فيروسات كورونا، تتطلب الخطوة الأولى أن تخوض بروتينات محددة في الغلاف الفيروسي، اسمها البروتينات المرتفعة "إس"، تغيراً بيوكيماوياً. تُسمى هذه العملية تجهيز البروتين "إس".

تكون الأنزيمات المسؤولة عن تجهيز تلك البروتينات أهدافاً علاجية محتملة لأن كبح آليتها قد يمنع الفيروس من دخول الخلية.

يكتب الباحثون في التقريرين الجديدين: "من خلال تحديد العوامل الخلوية التي يستعملها فيروس كورونا الجديد للدخول إلى الخلايا، قد نحصل على لمحة عن طريقة تناقل الفيروس ونتوصل إلى علاجات محتملة".

كان ستيفان بولمان، أستاذ في جامعة "يورغ أوغست" ورئيس وحدة علم أحياء العدوى في "مركز الرئيسيات الألماني" في "غوتنغن"، ألمانيا، المشرف الرئيس على الدراسة الجديدة. طرح بولمان وزملاؤه أدلة مفادها أن البروتين "إس" المرتبط بفيروس كورونا الجديد يتّصل بالمستقبِل الملتصق بالبروتين "إس" الخاص بفيروس "سارس". يسمّى ذلك المستقبِل الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2.

كان تقرير سابق في مجلة "الطبيعة" قد ألمح إلى أن هذا الأنزيم هو الذي يسمح بإصابة الخلايا بعدوى كورونا.

طرح بولمان وفريقه أدلة إضافية عن دور ذلك الأنزيم ولاحظوا أن البروتين "إس" المرتبط بفيروس كورونا الجديد يستعمل، على غرار "سارس"، أنزيم TMPRSS2 لتجهيز البروتين "إس". كذلك، أثبت العلماء أن عنصر "كاموستات ميسيلات"، مثبط أنزيم TMPRSS2، يعيق نقل عدوى كورونا الجديدة إلى الخلايا الرئوية.

"كاموستات ميسيلات" هو دواء مصادق عليه في اليابان لمعالجة التهاب البنكرياس. يوضح الباحثون في تقريرهم: "يمكن اعتبار هذا المركّب أو أي نسخ قادرة على زيادة النشاط المضاد للفيروسات علاجاً غير رسمي للمصابين بفيروس كورونا الجديد".

نحو اكتشاف اللقاح


على صعيد آخر، حلل بولمان وزملاؤه مدى قدرة الأجسام المضادة التي ينتجها أشخاص أصيبوا سابقاً بمرض "سارس" على منع فيروس كورونا الجديد من دخول الخلايا. فاكتشفوا أن الأجسام المضادة لبروتين كورونا أضعفت قدرة فيروس مخبري نموذجي ومزوّد ببروتين كورونا الجديد على إصابة الخلايا بالعدوى. كما أنهم حققوا نتائج مشابهة مع أجسام مضادة لبروتينات "إس" لدى نماذج من الأرانب.

يذكر الباحثون في التقرير: "لم نتأكد بعد من تطابق هذه النتيجة مع الفيروسات المعدية، لكن تكشف استنتاجاتنا أن إبطال مفعول ردود الأجسام المضادة لمرض "سارس" قد يحمي بدرجة معينة من فيروس كورونا الجديد، ما يؤثر على مسار التحكم بتفشي المرض".

لكنّ بولمان وزملاءه ليسوا العلماء الوحيدين الذين يدرسون احتمال استعمال الأجسام المضادة لمرض "سارس" كلقاح لفيروس كورونا الجديد.يقدم ديفيد فيسلر، أستاذ مساعد في الكيمياء الحيوية في جامعة واشنطن في سياتل، أدلة إضافية مفادها أن الفيروس يدخل إلى الخلايا المستهدفة عن طريق الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2، وفق تقرير نشرته مجلة "الخلية". حلل ديفيد مع زملائه أجساماً مضادة لأجزاء من بروتين "إس" المرتبط بمرض "سارس" لتحديد اللقاحات المحتملة. فأثبت هذا الفريق أن مصل الجسم المضاد المأخوذ من أربع فئران مختلفة قد يخفف حدة العدوى المشتقة من فيروس مخبري نموذجي يحتوي على فيروس كورونا الجديد بنسبة 90%.لكن قبل ظهور اللقاح المنتظر، لا بد من إجراء اختبارات إضافية. ستكون التجارب العيادية التي تثبت سلامة اللقاح وفعاليته ركيزة أساسية لتطوير اللقاحات المرشحة للتحول إلى منتجات آمنة.

في أوروبا، أعلنت "وكالة الأدوية الأوروبية" في الشهر الماضي أنها في صدد اتخاذ خطوات ملموسة لتسريع تطوير منتجات دوائية لمعالجة فيروس كورونا الجديد والوقاية منه ووضعها في متناول الناس".في غضون ذلك، تتعاون وزارة الصحة والخدمات البشرية في الولايات المتحدة مع شركة "يانسن" للبحث والتطوير، وهي فرع من شركة الأدوية "جونسون أند جونسون"، لابتكار لقاح ضد فيروس كورونا الجديد. كذلك، أصبحت تجربة عيادية أخرى قيد التنفيذ برعاية "المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية"، وهي ترتكز على استعمال نوع جديد من اللقاح المبني على الحمض النووي الريبي.

MISS 3