إكتشاف جينة تسمح بابتكار وسائل منع حمل للرجال

02 : 00

تُستعمل وسائل منع الحمل النسائية منذ أكثر من ستة عقود، لكن تقتصر خيارات الرجال في المقابل على الواقيات الذكرية وقطع القناة الدافقة.

إكتشف باحثون من جامعة ولاية واشنطن حديثاً جينة في الخصيتين قد تعالج هذا التفاوت الواضح بين الجنسَين. أدى تعطيل تلك الجينة لدى الفئران إلى تغيير شكل الحيوانات المنوية وحركتها، فأصيب ذكور الفئران بالعقم نتيجةً لذلك.

قد تُمهّد هذه النتائج لتطوير حبوب منع حمل للرجال، فتعطي مفعولها أثناء استعمالها وتسمح للحيوانات المنوية باسترجاع وضعها الطبيعي بعد وقف العلاج.

يوضح المشرف الرئيسي على الدراسة، جون أوتلي، وهو خبير في علم الأحياء الإنجابي من جامعة ولاية واشنطن: "ترصد الدراسة هذه الجينة للمرة الأولى عند التعبير عنها في نسيج الخصية حصراً وتنتجها أنواع متعددة من الثدييات. عند تعطيل هذه الجينة أو كبحها لدى الذكور، هي تنتج حيوانات منوية تعجز عن تخصيب البويضة. إنه الهدف الأولي من تطوير وسائل منع الحمل للرجال".

إستعمل الباحثون تقنية تجزئة الحمض النووي الريبي لتحليل الجينات الموجودة في خلايا تنتجها الحيوانات المنوية لدى الفئران، والمواشي، والخنازير، لمعرفة مدى قدرتهم على رصد جينة تؤثر على عمل الحيوانات المنوية.

من خلال مراجعة مجموعة واسعة من قواعد البيانات المختلفة، خفّض الباحثون أول قائمة مؤلفة من 10183 جينة وحصروها بجينة مرشّحة واحدة. تُشَفّر جينة Arrdc5 نوعاً من جزيئات "ألفا أرستين" واسمها AARDC5.

تشير الأرستين إلى مجموعة بروتينات تؤثر على تنظيم مسارات الإشارات في الخلايا لدى كائنات مختلفة، بدءاً من الخميرة وصولاً إلى البشر. لكن باستثناء دراسة سابقة واحدة، لا يعرف العلماء معلومات كثيرة عن طريقة تأثير بروتينات الأرستين على إنتاج الحيوانات المنوية.

في الحالات العادية، تستطيع الحيوانات المنوية أن تتحرك عبر الجهاز التناسلي الأنثوي بمساعدة بنية تشبه الذيل واسمها "السوط". هي تمرّ بعملية "تمكين الطاقات" التي تسمح لها بالالتصاق ببويضة الأنثى. ثم يندمج رأس المني مع البويضة وتصل المواد الجينية من الذكر إلى تلك البويضة.

كشف المجهر الإلكتروني أن الحيوانات المنوية لدى فئران تفتقر إلى بروتين ARRDC5 تحمل ذيولاً أقصر من العادة، وكان 98% منها يحمل عيوباً في الرأس والجزء الأوسط، ما أدى إلى تباطؤ حركتها مقارنةً بالحيوانات المنوية لدى الفئران العادية.

الأهم من ذلك هو أن إناث الفئران التي كانت تفتقر إلى بروتين ARRDC5 حملت بشكلٍ طبيعي عند تزاوجها مع ذكور بصحة جيدة، ما يعني أن ARRDC5 لا يؤثر إلا بخصوبة الذكور.

بدأت أدوية منع الحمل للرجال تتصدر عناوين الأخبار منذ بضع سنوات، لكن بقي تقدّم هذا القطاع بطيئاً بشكلٍ مُخيّب للآمال. في غضون ذلك، تُعتبر المرأة المسؤولة الأولى عن منع الحمل ويترافق هذا الوضع مع بعض السلبيات طبعاً.

قد تكون المقاربة الجينية التي تستهدف الحيوانات المنوية دون سواها قابلة للتغيير وقد تعطي آثاراً جانبية أقل من تعديل الهرمونات الذكرية، إذ يضطلع هرمون التيستوستيرون بأدوار أخرى تتجاوز إنتاج الحيوانات المنوية. كذلك، يمكن استعمال هذا الاكتشاف يوماً للسيطرة على تربية المواشي، لكن لن ينتقل العلماء من التجارب في المختبر إلى التجارب الواقعية قبل وقتٍ طويل.

قدّم الباحثون طلباً لنيل براءة اختراع مؤقتة لحبوب منع الحمل للرجال بعد اكتشاف هذه الجينة، لكن تبرز الحاجة إلى إجراء أبحاث إضافية لتقييم أثرها على البشر.

يكتب الباحثون في تقريرهم: "تكشف نتائجنا بكل وضوح أن بروتين ARRDC5 هو مُنَظّم أساسي لإنتاج الحيوانات المنوية، لكن لا تزال آلية عمله غير محددة. سيكون سدّ هذه الثغرة في معلوماتنا ضرورياً لفهم تأثير النقص الوراثي على العقم، فضلاً عن استهداف الجزيئة المناسبة لتطوير وسائل منع حمل للرجال".

نُشرت نتائج البحــــــــث في مجلة "ناتشر".


MISS 3