من أوراق محمد عبد الحميد بيضون: المناصفة "الإنتخابية"... حتى بين الجنسيْن

02 : 01

د. محمد بيضون

مضت سنة على غياب محمد عبد الحميد بيضون. في 17 أيار الماضي، وبعد 48 ساعة على إجراء الإنتخابات النيابية خسر النائب والوزير السابق آخر معاركه، ضد مرض فتّاك. بعد خروجه من حركة «أمل» ومن البرلمان، أو إخراجه، حافظ بيضون على حضوره السياسي، على منابر الثقافة والحوار والنقاش والتفاعل. بذهن متّقد، وإيمان قوي بحتمية التغيير، قارب قضايا لبنان باستيلاد أفكار وحلول لمشاكل لبنان المستعصية. واليوم، في ذكراه الأولى تنشر «نداء الوطن» ما يشبه أفكاراً عامة لقانون انتخاب جديد، وضعه بيضون قبل أشهر من وفاته، وجاء في حرفيته ما يأتي:

«أفكار لمشروع قانون انتخاب جديد ينطلق من الدائرة الواحدة تحقيقاً للمساواة في التمثيل السياسي وتخفيفاً للجمرة الخبيثة التي اسمها تمثيل كل لبناني بشخص من مذهبه وخارج ذلك التمثيل لا يعتبر صحيحاً، اي خارج الكتل الطائفية يعتبر التمثيل غير صحيح ومشكوك بشرعيته.

الاقتراح:

لبنان دائرة واحدة، الترشيح على قاعدة النسبية أي بلوائح ولكن يتم وضع سقف للعدد المرشح على اللائحة. المبدأ هو منع الكتل الطائفية الكبرى، من شيعة وسنة ومسيحيين من عقد تحالفات إقصائية اي لا يمكن اقصاء اي طرف. اذاً البداية من اللوائح:

عدد المرشحين على اللائحة الواحدة يجب أن يكون 32 أي كحد اقصى ربع المجلس، هؤلاء الـ32 يجب أن يكونوا مناصفة بين المسيحيين والمسلمين أي (16-16) وأيضاً مناصفة بين الرجال والنساء. هكذا نتأكد أنّه لا كتلة طائفية كبرى قادرة على احتكار تمثيل المذهب او الطائفة وأنّها يجب أن تنصاع لمبدأ التعددية والقبول بالآخر.

هذا على صعيد الترشيح، أما على صعيد اعلان النتائج فيصبح النظام أكثرياً أي اللوائح الحاصلة بالترتيب على أعلى أعداد من الأصوات هي اللوائح الفائزة بكاملها. أي عملياً ستكون هناك أربع لوائح فائزة، ولكن لا يمكن تشكيل حكومة الا باتفاق ثلاث لوائح، وبذلك لا يمكن تهميش أو اقصاء أي طرف.

هناك فائدة كبرى من تطبيق هذا النظام وهي تفكيك الكتل الطائفية والمذهبية الكبرى وبنفس الوقت تشجيع كل الهيئات السياسية والمدنية على تشكيل أحزاب جديدة مختلطة قائمة على برامج انتخابية تشبه في نشأتها مسار قيام الحزب الجمهوري والحزب الديموقراطي في النظام الاميركي. هذه الأحزاب الجديدة ستكون أعمدة خروج الحياة السياسية والتمثيل السياسي من نقمة وفتنة الطائفية الى قواعد التمثيل السياسي الذي يخدم المواطنة».

كيف يتم اختيار رئيس الحكومة في هذا النظام؟

يأتي في الاقتراح أيضاً:

1 - الأفضل أن يكون من اللائحة التي حصلت على أعلى عدد من الأصوات وأن يكون متفقاً عليه في هذه اللائحة. الحل الآخر هو انتخاب هذا الرئيس بالاقتراع السري في مجلس النواب واشتراط حصوله أقله على النصف زائداً واحداً من أعضاء المجلس وهذا يتطلب اتفاق ثلاث لوائح فائزة على الأقل أو لائحتين مع مجموعة من اللوائح الباقية وتالياً مشاركة اكبر مجموعة برلمانية في اختيار رئيس الحكومة وتشكيل الحكومة وذلك يعني أقل او أخف قدر من التهميش والاقصاء وادنى قدر من الطائفية. سيكون لدينا حزبان أو ائتلافان حزبيان يديران الحياة السياسية والوطنية. ولكن على قواعد برنامج سياسي تُخاض على أساسه الانتخابات ويتم تنفيذه بعد الانتخابات بواسطة الحكومة الجديدة التي يحاسبها مجلس النواب وفقاً لتقدمها او تأخرها في تنفيذ البرنامج المتفق عليه بين الكتل النيابية.

2 - التفكير الآخر أو المحور الآخر في التفكير حول قانون انتخاب جديد يبدأ من فكرة تمثيل المدن من دون ربطها بالدائرة، أي أن كل مدينة يكون لها مرشحها ونوابها من دون «ابتلاعها» من القضاء أو المحافظة التي تنتمي اليها. تمثيل المدن بمعزل عن جوارها هي مرحلة أساسية في حملة مكافحة «تزييف السياسة» ووضع يد الميليشيات عليها. عندما تتحرر المدن من الميليشيات والاقطاع وتالياً التزوير نستطيع أن نقول إنّ الانتخابات صارت حرة في هذا الجزء من البلد.

قانون الانتخاب كان «عقب أخيل» التجربة الشهابية وهو أعطى لخصوم هذه التجربة المؤسساتية القدرة على التجييش الطائفي لإسقاطها بدءاً من انتخابات 1968. اليوم الهدف الأول يجب أن يكون عدم العودة إلى الخطأ - الجريمة - ذاته ومحاولة التعميم قدر الامكان لتصبح السياسة هي الحشد والتعبئة لحماية المواطنة وحقوق المواطن وليست مجرد تعبئة مذهبية وطائفية لهدم الدستور والمؤسسات وسيادة الميليشيات والاقطاعيات».

(*) بدعوة من «دار الحوار» – الفنار تُقام ندوة فكرية عند الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر الجمعة المقبل، يتحدث خلالها عدد ممن عرفوا الوزير الراحل عن مسيرته السياسية.


MISS 3