سعيد غريّب

بحثاً عن رئيس

17 أيار 2023

02 : 00

ماذا نريد نحن اللبنانيين؟ هو سؤال مفتوح من أمسنا إلى يومنا، إلى غدنا، والاجابة عليه من عمق الآلام والخيبات الماضية والاحلام الآتية. نريد أن تسود دولة الحق لا دولة القانون، فلا تغفل القوانين الحق ولا تتغاضى تطبيقاتها عنه. فلا يمسي الحاكم في دولة القانون، أياً تكن صفاته، كاتباً للقوانين على هواه ولا أن يطبقها كما يطيب لشخصه.

نريد تعزيز الدولة التي تقيم وزناً للمواطن، فلا يستجدي حقاً ولا تهان له كرامة ولا تخطف منه مكانة ولا يرتهن في شباك الطائفية والمذهبية والزبائنية.

نريد دولة تصنعها الأكثرية الصامتة والكفية والمنتجة فتنقل البلاد من مرحلة التخلف إلى مرحلة التقدم. نريد الانتقال إلى مفهوم الدولة من ممارسات المزرعة، والمهمة ليست سهلة، علماً أنّ لا نية لي في اهانة المزرعة لأنّها منظمة ومنتظمة، على عكس ما اعتدنا عليه نحن اللبنانيين على مدى سنين طويلة.

نريد حكماً سريعاً سرعة العصر في الاختيار والتقرير والتنفيذ والمتابعة والمثابرة والتخطيط والتحسب والتوقع والبت والحسم. نريد حكماَ هو الناجح الأول والقادر الأول والذكي الاول والنشيط الاول. نريد دولة مع حكم يسبق الناس في مباشرة الحكم عليه. نريد إعادة تكوين السلطة على أسس انسانية علمية نقية ومتطورة بالانتقال من البطولة العسكرية والسياسية الى البطولة الاجتماعية. واذا كان صحيحاً أنّ الزعامة الوطنية أو الاستقلالية هي أشدّ استهواء من الزعامة الاصلاحية، وإن عاش أصحابها على أمجاد سياسية وعسكرية، فالصحيح أيضاً أنّ الزعامة الاصلاحية، فؤاد شهاب مثالاً، توازيها بأهميتها لأنّها تحرر المواطن من قيود يرى بعضها ولا يرى البعض الآخر.

نريد، وهنا المعركة الكبرى، قانوناً للانتخابات يوصل المثقف والمتعلم والذكي والخبير والنقي والآدمي إلى الندوة النيابية ويكون البداية الجديدة والفاعلة لكل تغيير واصلاح. نريد دولة يأتي ممثلو شعبها إلى البرلمان بالانتخاب وليس بالـ»تصويت»، دولة لا يرث فيها الأبناء والأشقاء والأصهار المناصب والزعامات بدساتير الآباء وقوانينهم.

نريد دولة لن يعود معها بمقدور الزعيم أن يقنع جمهوره أنّ اثنين زائد اثنين يساويان خمسة. فعلها هتلر في الماضي، ورأينا النتيجة وفعلها غيره في لبنان وبلدان كثيرة، وشاهدنا كيف كانت النتيجة. نريد بنائين مخططين منفذين في الشأن العام. نريد استرداد الأموال المنهوبة الى الدولة «المحلوبة». نريد اعلاماً صادقاً ودقيقاً ومحترفاً في آن، يتمسك بالمعايير الاخلاقية ويلتزم الرقابة الذاتية حين يتعرض الأمن القومي للخطر كما يحصل في فرنسا والدول الراقية.

كيف؟ باعادة النظر في قانون الاعلام المرئي والمسموع أو العمل على تصويبه بحيث لا يبقى سيفا مصلتاً في يد النافذين ولا تتحول مهنة الاعلام إلى استعراض رخيص. نريد دولة تلتزم انتخاب رئيس للجمهورية كل ست سنوات من دون أي تردد أو تسجيل سابقة تصبح سوابق وتواريخ.

نريد رئيساً مترفعاً ومستنفراً، يشبه العميد ريمون اده. نريد رئيساً تنتهي ولايته بعد ست سنوات من انتخابه وليس فيها شيء من نهايته هو.