جاد حداد

The Witcher...قصّة خيالية سطحية!

19 آذار 2020

12 : 01

في أفضل الأحوال، يُذكّرنا اقتباس "نتفلكس" للروايات وألعاب الفيديو الناجحة التي تروي قصة "الساحر جيرالت" من "ريفيا"، بسلسلة Game of Thrones (صراع العروش) على قناة HBO، إذ تجمع هذه الأعمال بين الحبكة الثقيلة والكائنات السحرية وجرعة قوية من النشاطات المصنّفة للكبار فقط. وفي أسوأ الأحوال، يبدو مسلسل The Witcher (الساحر) غير مفهوم بالكامل، إذ يعجّ بالشخصيات والوحوش والحوارات المحتدمة لدرجة أن يخسر المشاهدون اهتمامهم بالعمل. في النصف الأول من الموسم، يطغى الارتباك على التشويق. يسهل أن نتذكر النسخة الأخيرة من Hellboy (فتى الجحيم) أكثر منGame of Thrones، الفائز بجوائز "إيمي" لأن الأسطورة التي يرتكز عليها الفيلم تبدو سطحية وغير متماسكة، فهي تستعمل أثر الصدمة النافرة بدل سرد القصة بطريقة جاذبة. لا يمكن تحديد أهم الجوانب في المسلسل، لكن تحمل الحلقات المرتبطة بالجن أو التنين في منتصف الموسم قيمة ترفيهية خيالية بحت. إذا كنت لا تأخذ هذا النوع من الأعمال على محمل الجد وتعتبرها مجرّد مصدر إلهاء عابر خلال العطلة، لا مفر من أن تستمتع ببعض لحظات المسلسل وبأداء بطلة القصة الجريء. ومع ذلك لا يمكن أن يتفوق أحد حتى الآن على الأعمال الخيالية التي تعرضها HBO، رغم الجدل الذي أثاره الموسم الأخير من مسلسلها.

مسلسل The Witcher (من بطولة هنري كافيل) مقتبس من كتب أندريه سابكوسكي الناجحة وسلسلة ألعاب الفيديو الشهيرة The Witcher 3: Wild Hunt التي تُعتبر من أهم الإنتاجات في هذا الجيل. كان يُفترض أن يصدر العمل على شكل فيلم طويل لصالح شبكة "نتفلكس"، لكن اعتبر صانعو المسلسل، بما في ذلك المنتجة لورين شميت هيسريتش، أن الكتب غنية جداً لدرجة ألا يكفيها فيلم واحد. إنها فكرة صائبة على الأرجح، لكن يحتاج المسلسل إلى توضيحات إضافية وأسلوب سردي أكثر تماسكاً. حين يحصل الكاتب على كامل الحرية، قد يبالغ أحياناً في الغوص في عالم الخيال والأساطير بدرجة لا يحتملها المسلسل. يبدوThe Witcher مزعجاً جداً لهذا السبب في حلقاته الأولى الثلاث. ما من تنسيق مناسب بين الكائنات والشخصيات الجديدة والخصوم والحوارات المنفعلة بدرجة مفرطة. إنها عناصر غير متناغمة بأي شكل ويسهل أن يتخلى المشاهدون عن المسلسل بسببها. لكن سيلاحظ كل من يتابع المشاهدة أن الوضع يتحسن في الحلقات اللاحقة، مع أن العمل لا يتخلص من شوائبه مطلقاً.




يُخفّض هنري كافيل صوته ويقدم أداءً جدياً قدر الإمكان بدور "جيرالت"، بما يشبه المرتزقة في أرض الوحوش والسَحَرة. هو صياد وحوش منبوذ ويُعتبر كائناً غريباً بسبب هويته كساحر يتمتع بقدرات خارقة. يبدأ الموسم بمعركة شرسة تؤدي إلى نفي الأميرة "سيري" (فريا آلان) من أرضها. خلال مدة طويلة، تصبح "سيري" أشبه بشخصية ثانوية لدرجة أن ننسى وجودها وأهمية دورها قبل أن تعود للظهور في القصة. في المقابل، تكون شخصية "ينفر" من "فنغربيرغ" (أنيا شالوترا التي تسرق الأضواء من الجميع في المسلسل) أكثر إثارة للاهتمام بكثير. هي تؤدي دور شابة منبوذة سرعان ما تصبح قوية جداً وتقيم علاقة مع "جيرالت" في منتصف الموسم. يتخذ المسلسل بُعداً متماسكاً وجاذباً في هذه المرحلة تحديداً. يتمتع كافيل وشالوترا بكيمياء قوية تعطي المسلسل أخيراً الوجهة التي يحتاج إليها بدل التركيز على أسطورة معقدة لا يعرفها معظم الناس أو لا يهتمون بها.

لكن قد يخسر المشاهدون اهتمامهم بالعمل رغم إيجابياته المتقطعة. يبدو المسلسل، حتى في أكثر لحظاته الممتعة، سخيفاً وسطحياً ولا يساعده أداء كافيل المصطنع. الأسوأ من ذلك هو وقت ظهور كافيل وشالوترا وحدهما على الشاشة. لا مفر من مقارنة هذا المسلسل مع Game of Thrones الذي يرتكز عموماً على عمل جماعي بامتياز، على عكس The Witcher. كلما ابتعد هذا الأخير عن شخصيتَي "ينفر" و"جيرالت"، يسهل أن يتشتت انتباه المشاهدين. قد لا يهتم محبو الكتب الأصلية بهذه التفاصيل لأنهم يستطيعون ملء الثغرات بأنفسهم، لكن حتى من يلعب Witcher 3 لساعات قد يعجز عن الانغماس في العالم الذي يقدّمه المسلسل التلفزيوني. أما الفئة غير المطّلعة على القصة الأصلية، فقد تفضّل مشاهدة Game of Thrones مجدداً... لكن من دون موسمه الأخير على الأرجح!


MISS 3