شربل داغر

لأدب يداوي من... الكورونا

30 آذار 2020

05 : 25

"الكورونا" ينتشر، والبشر يسعون إلى النأي بالنفس، إلى البقاء في البيت. هذا ما لم يُبقِ الأدب بعيداً منه...

فيديوهات، كتابات، تدوينات، تظهر بغير لغة، وتنتشر بسرعة بدورها: ضبطَ أحدهم قطاراً محملا بالفيروس في محطته؛ أخرج آخر مجلة عربية تتحدث عن الكورونا منذ نيف وعشر سنوات؛ فيما أعاد أصحاب نظرية "المؤامرة" تشغيل محركاتهم السياسية قبل الروائية؛ واستحضر غيرهم ما قالته "بصّارة" قبل أزيد من عشرين سنة...

في جهة أخرى من المشهد عينه، استعاد أدباء ودارسون ما قاله الأدب عن الأوبئة والجائحات وخلافها... وهو ما أقوم به بدوري، اليوم: "هكذا لم يكن من يشفون قلةً نادرة وحسب، وإنما صار الجميع تقريبا، في اليوم الثالث لظهور الأعراض، إذا لم يكن قبله، أو بعده بقليل، يموتون دون أن يصابوا بأي نوع من الحمى أو المظاهر الأخرى. واكتسب هذا الوباء قوة هائلة؛ فالمرضى ينقلونه إلى الأصحّاء حين يتصلون بهم، مثلما تنتقل النار إلى الحطب الجاف حين يكون قريبا منها".

هذا ما قرأتُ في الصفحات الأولى من كتاب إيطالي، يرقى إلى أكثر من... ستمئة سنة. هذا ما وقعتُ عليه في كتاب: "الديكاميرون" للإيطالي جيوفاني بوكاشيو (1313-1375)... وقد عدتُ إليه في ترجمة صالح علماني، عن "دار المدى"، 2006. ويعود سبب عودتي إلى الكتاب إلى أنه لا يتحدث عن الوباء وحسب، وإنما عن مداواته: يروي الكتاب كيف أن سبع نساء وثلاثة رجال يلتقون في كنيسة، ويتفقون على الهرب من وراء الطاعون الذي اجتاح فلورنسا (وأوروبا أيضا) في العام 1347، ويمضون للعيش في قصر، في الريف، ولكن على مقربة من المدينة: سيمضون أيامهم برواية الحكايات المسلية والغريبة (مئة حكاية وأقصوصة) ...مثلما فعلتْ شهرزاد بحكاياتها إبعادا للموت عنها: "خليك بالبيت"، واقرأ "الديكاميرون" أو غيرها.