7 حلول مثبتة علمياً لتقوية جهاز مناعتك

02 : 00

تتعدد العوامل التي تؤثر على جهاز المناعة لكننا نعجز عن السيطرة عليها. تُضعِف الشيخوخة مناعتنا مثلاً، ويحمل الناس اختلافات جينية فردية تؤثر على طريقة تعاملنا مع الأمراض. تتأثر المناعة أيضاً بسوء التغذية (بسبب تراجع الشهية أو اضطرابات مثل الداء البطني) والجمود الجسدي (بسبب ملازمة الفراش أو التعرّض لإصابة مؤقتة).

كذلك، ينذر ضعف المناعة أحياناً باضطرابات صحية أكثر خطورة أو مشاكل أخرى يجب أن يقيّمها الطبيب، منها المشاكل الهضمية المتكررة، والإصابة بأمراض غير مألوفة، وتباطؤ شفاء الخدوش والجروح، والإصابة بأمراض جديدة قبل التعافي من أمراض سابقة.

تُعتبر وظيفة المناعة بالغة التعقيد ويتابع العلماء مساعيهم لفهمها. هم أحرزوا تقدماً كبيراً في آخر خمسين سنة، لكن لا يزال هذا المجال حديث العهد.

مقارنةً بجهاز القلب والأوعية الدموية أو الجهاز التنفسي، تشمل المناعة البشرية عناصر متنوعة مثل الأجسام المضادة، والأعضاء، والبروتينات، والأنزيمات. حتى أنها تتأثر بالخلايا اللمفاوية (نوع من خلايا الدم البيضاء) التي تشمل خلايا طبيعية قاتلة تهاجم الخلايا الملتهبة، وخلايا ذاكرة مثل الخلايا اللمفاوية البائية والتائية المُصمّمة لتذكّر الجراثيم ومحاربتها في حال عودتها. لكن على غرار أي وظيفة جسدية أخرى، تقدّم المناعة أفضل أداء حين يتحسّن وضعنا الصحي العام، ويقترب الباحثون حول العالم من كشف روابط إضافية بين الخيارات التي نقوم بها وطريقة عمل المناعة. في ما يلي سبع خطوات عملية أثبتت فاعليتها لتقوية المناعة...

خذ اللقاحات اللازمة

لزيادة قوة جهاز المناعة، تُعتبر اللقاحات أهم إنجاز على الإطلاق. كانت لقاحات الطفولة مثلاً عاملاً أساسياً لإطالة متوسط العمر المتوقع اليوم. وحتى قبل بدء أزمة كورونا الأخيرة، كانت اللقاحات المضادة لأمراض مثل الإنفلونزا والحصبة تنقذ حياة أربعة أو خمسة ملايين شخص سنوياً، وفق أرقام منظمة الصحة العالمية. قد لا تعالج اللقاحات جميع المشاكل، لكنها فاعلة جداً. يمنح اللقاح حصة تدريبية للمناعة التكيّفية في الجسم، فيُعلّمها كيفية محاربة أي عناصر دخيلة وغير مسبوقة. بعد تلقي اللقاح، تتشكّل أجسام مضادة ويصبح الفرد مستعداً لمكافحة جراثيم يعرفها. يسعى الباحثون راهناً إلى تطوير أدوية لتقوية المناعة الفطرية أيضاً.

تنبّه إلى نظامك الغذائي

يشير الالتهاب إلى تفاعلات كيماوية تلعب دوراً أساسياً في الاستجابة المناعية، لكنه يحمل جانباً سلبياً أيضاً. يكون الالتهاب مفيداً عندما يحبس الفيروسات والجراثيم عبر تجميع السوائل وزيادة التورم. كما أنه يُسهّل الشفاء عبر استدعاء «فريق تنظيف» يتألف من خلايا دم بيضاء اسمها «البالعات».

لكن ينجم الالتهاب أيضاً عن الغلوكوز والدهون وقد ينشر الاضطرابات في الجسم إذا أصبح دائماً، فيُسبب مشاكل صحية مثل السكري، ومرض الكبد، وأمراض القلب والأوعية الدموية. لطالما ارتبطت الكربوهيدرات المُكررة، على غرار الطحين الأبيض والمشروبات السكرية، بارتفاع مستويات الالتهاب في الجسم.

لا تتأثر الصحة بتناول الوجبات السريعة من وقتٍ لآخر. لكن إذا كانت هذه الوجبات جزءاً دائماً من حميتك، قد تصبح بديلة عن المأكولات والمغذيات التي تفيد جهاز المناعة.

تتعدد الدراسات التي ترصد رابطاً بين التغذية ووظيفة المناعة. في العام 2021، قيّم الباحثون في جامعة «هارفارد» العادات الغذائية لدى 600 ألف شخص تقريباً واكتشفوا أن من التزموا بحميات محورها المنتجات النباتية كانوا أقل عرضة بنسبة 41% للإصابة بمرض حاد بسبب «كوفيد-19»، مقارنةً بمن تبنّوا أسوأ الحميات.

هل يجب أن نستعمل المكملات الغذائية إذاً؟ في معظم الحالات، تعطينا الحمية المتوازنة والمتنوعة معظم المغذيات العادية والدقيقة التي نحتاج إليها مع التقدم في السن. لكن في حالات نادرة، قد يؤثر نقص الفيتامينات على عمل المناعة. إذا كنت شخصاً نباتياً بالكامل، يجب أن تأخذ مُكمّل الفيتامين B12. وإذا كنت لا تتعرّض للشمس بما يكفي، من الأفضل أن تأخذ مكمّل الفيتامين D. يكشف فحص الدم إصابتك بأي نقص من هذا النوع.

تابع التحرك

من المعروف أن قليلي الحركة أو من لا يمارسون أي شكل من التمارين الجسدية يكونون أقل مقاومة للجراثيم. في المقابل، تتحسن الوظيفة المناعية بفضل النشاطات الجسدية المعتدلة والمنتظمة، ولا تتطلب هذه الخطة جهوداً كبرى. وفق دراسة أميركية شارك فيها حوالى 50 ألف شخص مصاب بعدوى «كوفيد-19»، تبيّن أن قليلي الحركة كانوا أكثر عرضة لدخول المستشفى. أما المجموعة التي كانت تمارس الرياضة، ولو بدرجة بسيطة، فكانت أكثر ميلاً إلى التحسّن بشكلٍ تلقائي.

وفي تجربة نشرتها كلية الطب في جامعة «ديوك»، في العام 2018، نجح عدد من كبار السن قليلي الحركة والمصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي في تحسين مناعتهم الفطرية وتخفيف التهاباتهم عبر إضافة حصة رياضية مدتها 30 دقيقة إلى جدولهم، بمعدل ثلاث مرات أسبوعياً. يسعى الباحثون إلى استكشاف السبب. لكن في العام 2021، كشف تقرير نشرته مجلة «ناتشر» دليلاً مفاده أن نشاطات المشي والركض تُحفّز على إنتاج الخلايا اللمفاوية البائية والتائية في العظام. لكن تجنّب النشاطات المتطرفة. تكشف الأبحاث أن الإجهاد الجسدي المطوّل والمشابه للماراثون قد يزعزع وظيفة المناعة الطبيعية. حاول إذاً أن تُخصص بين 10 و30 دقيقة يومياً للتمارين الجسدية لحصد بعض المنافع المناعية.

خفف استهلاك الكحول وأَكْثِر من شرب المياه

يؤثر الكحول سلباً على جهاز المناعة بطرقٍ متنوعة. قد يصبح معاقرو الكحول مثلاً أكثر عرضة للالتهاب الرئوي، كما أنهم يحتاجون إلى وقتٍ أطول للتعافي من الإصابات والالتهابات.

إذا كنت معتاداً على الشرب، جرّب منتجات تحتوي على كميات أقل من الكحول، وتناول كوب مياه بعد كل مشروب، وزد كمية المياه الغازية في حميتك، وامتنع عن شرب الكحول بالكامل في أيام محددة. أحياناً، من الأفضل أن تقرر عدم الشرب ليلاً. خطط للامتناع عن الكحول خلال بضع ليالٍ من الأسبوع لأن هذه العادة ستنعكس إيجاباً على صحة كبدك على المدى الطويل.

استفد من قوتك العقلية

حين تعطي نوبات الخوف أو القلق مفعولها الطبيعي، تتدفق داخل الجسم الهرمونات التي تساعدنا على المواجهة أو الهرب، من خلال تسريع إيقاع القلب ورفع ضغط الدم لنقل الأكسجين مثلاً. تُسمّى هذه العملية «استجابة الجهاز العصبي الودّي». ثم تبدأ استجابة الجهاز العصبي اللاودي، فتبطئ ضربات القلب وتعزز الاسترخاء. لكن يعني الضغط النفسي المزمن، بسبب المشاكل المادية مثلاً، أن تتابع تلك الهرمونات تراكمها وتنقّلها، وهي عملية غير صحية.

مع مرور الوقت، قد يُضعِف الضغط النفسي المزمن دفاعاتنا ويقضي على الخلايا المناعية. تكشف دراسة أجرتها جامعة «وسترن» الكندية في العام 2021 مثلاً أن نوعاً معيّناً من هرمونات الضغط النفسي، وهو «الغلوكوكورتيكويد» أو الهرمون القشري السكري، قد يُضعِف فئة من الخلايا التائية التي تحارب السرطان. تقول الدكتورة كاثرين ويكهولم، طبيبة نفسية عيادية في المملكة المتحدة: «اختر نشاطات تساعدك على تفريغ التوتر الجسدي، وتُجدد مشاعر الاسترخاء، وتعيد شحن طاقتك. تُعتبر نشاطات الغناء والرقص ولحظات الضحك ممتازة لتخفيف الضغط النفسي وتقوية جهاز المناعة. يمكنك أن تُدرّب نفسك أيضاً على تجديد استرخائك الجسدي. حاول أن تتنفس بعمق، أو من الأفضل أن تقوم بأبحاث مستهدفة على الإنترنت لممارسة الاسترخاء المُوجّه وتعلّم كيفية شدّ المجموعات العضلية وإرخائها. يُعتبر التنفس العميق تمريناً بسيطاً وفاعلاً في آن، فهو يسهم في تخفيض مستوى هرمونات الضغط النفسي وإبطاء إيقاع ضربات القلب».

حسّن نوعية نومك

يسمح النوم السليم والمنتظم، طوال سبع أو ثماني ساعات كل ليلة، بتخفيض مخاطر العدوى والالتهابات المزمنة. على غرار التمارين الجسدية، يؤثر النوم على المناعة بطرق متنوعة. تكشف دراسة جديدة مثلاً أن كبار السن المصابين باضطرابات نوم متزايدة سجلوا علامات أقل من غيرهم في الاختبارات المعرفية، لكنهم حملوا اختلافات مناعية أيضاً. عند تشريح أدمغتهم لاحقاً، برزت تغيرات غير صحية في الخلايا الدبقية الصغيرة، وهي خلايا مناعية موجودة في النسيج الدماغي ومسؤولة عن إزالة المخلفات ومحاربة الالتهابات. للأسف، يميل الناس إلى مواجهة مشاكل إضافية في نومهم بعد عمر الخامسة والخمسين لأن ساعة الجسم تضطرب في هذه المرحلة من الحياة. لمحاربة هذه المشكلة، تقضي واحدة من أهم الخطوات بالتمسك بجدول نوم منتظم. اخلد للنوم إذاً في الوقت نفسه من كل ليلة وانهض في الساعة نفسها صباحاً. حين يعتاد جسمك على هذا الروتين، من الأسهل عليك أن تستغرق في النوم سريعاً، ما يؤدي إلى إطالة مدة النوم المفيد.

تنشّق هواءً منعشاً

حين تمضي بعض الوقت في الخارج، ستبتعد عن الهواء الداخلي الذي تحصر نفسك فيه، حيث تتنقل الجراثيم بسهولة. لكن تسمح هذه العادة أيضاً بتحسين وظيفة المناعة. من خلال التعرض لأشعة الشمس لفترة خلال النهار، يتحسن إيقاع النوم ليلاً وينتج الجسم الفيتامين D الذي يُعتبر بالغ الأهمية.

حتى أن هذه العادة قد تعطيك منافع أخرى. في العام 2016، أثبت باحثون من مركز الطب في جامعة «جورج تاون»، في العاصمة واشنطن، أن أشعة الشمس تزيد نشاط الخلايا التائية. غالباً ما يؤدي الخروج إلى تحريك الجسم، حتى أن التعرّض لبيئات طبيعية يُخفف الضغط النفسي والقلق.

بالإضافة إلى الحفاظ على حمية متوازنة ونظام رياضي متماسك، احرص إذاً على تمضية فترة في الخارج. مع مرور الوقت، ستلاحظ المنافع الصحية التي تحصدها بفضل التغيرات التي أحدثتها على مر السنين، وستستمتع بحياتك الجديدة حين تُحسّن صحة مناعتك، وتكتشف أن تغيير أسلوب حياتك هو أفضل قرار اتخذتَه على الإطلاق.


MISS 3