عملية التطور تتابع إنتاج السلاطعين لسبب مجهول

02 : 00

أنتج تاريخ تطور الحياة المعقدة على كوكب الأرض عدداً هائلاً من الكائنات الغريبة والمدهشة، لكن لم يسبق أن أثار أيٌّ منها اهتمام خبراء علم الأحياء التطوري أو قسّم علماء التصنيف بقدر السلطعون.

حين حاول الباحثون جمع تاريخ السلاطعين التطوري في دراسة نشروها في العام 2021، توصلوا إلى استنتاج مفاده أن خصائص السلطعون تطورت خمس مرات على الأقل في آخر 250 مليون سنة. حتى أن هذه الخصائص تلاشت سبع مرات أو أكثر على الأرجح.

يزداد الوضع غرابة لأن السلاطعين قد تكون «حقيقية» أو «مزيفة». يتعلق أكبر فرق بين النوعَين بعدد أرجل المشي: يشمل السلطعون الحقيقي أربعة أزواج من الأرجل النحيفة، بينما يقتصر عددها على ثلاثة لدى السلطعون المزيّف الذي يشمل أيضاً قدمَين في الجهة الخلفية.

طوّر نوعا السلاطعين قشرتهما العليا العريضة، والمسطحة، والصلبة، وذيولهما المطوية بشكلٍ مستقل عن بعضهما، انطلاقاً من سلف شائع لا يحمل أياً من هذه الخصائص. إنه الاستنتاج الذي استخلصه تحليل أشرفت عليه خبيرة علم الأحياء التطوري، جوانا وولف، من جامعة «هارفارد» ونُشِر في آذار 2021.

لكن لم يكن ذلك المسار مباشراً بعد انقسام السلاطعين الحقيقية والمزيفة. أنتجت عملية التطور السلاطعين وأعادت إنتاجها في آخر 250 مليون سنة بمعدل مرة أو مرتين في فئة السلاطعين الحقيقية، وثلاث مرات على الأقل خلال تطور السلاطعين المزيفة.

كذلك، لطالما حيّرت السلاطعين علماء التصنيف الذين ارتكبوا الأخطاء في تقسيم الأجناس بين أصناف حقيقية ومزيفة بسبب القواسم المشتركة الهائلة بينها.

بالإضافة إلى تحديد مرتبة كل فصيلة في شجرة الحياة، يمكن اكتشاف معلومات مثيرة للاهتمام عن محركات ذلك التطور المتقارب من خلال فهم عدد المرات التي أنتجت فيها عملية التطور شكل جسم السلطعون وسبب هذه الظاهرة.

جمع الباحثون في البداية بيانات عن مورفولوجيا السلاطعين، وسلوكياتها، وتاريخها الطبيعي، انطلاقاً من الأجناس الحية والأحفوريات، وحددوا الثغرات في البيانات الوراثية، ما قد يسهم في حل أحجية العلاقات التطورية المربكة. لقد استنتجوا أن نصف الأغصان في شجرة حياة السلاطعين بقيت غامضة.

قد يبدو المشي بطريقة جانبية سخيفاً ظاهرياً، لكنه يشير إلى خفة حركة السلاطعين وقدرتها على الخروج سريعاً في أي اتجاه تريده من دون أن تشيح نظرها عن الحيوانات المفترسة عند ظهورها. لكن لا يمكن رصد ظاهرة المشي الجانبي لدى جميع سلالات السلاطعين (يمشي جزء من سلاطعين العنكبوت نحو الأمام مثلاً)، وتظهر هذه الميزة في المقابل لدى عدد من السلاطعين الناسكة.

كذلك، يمكن تفسير توقيت تطور السلاطعين أو نجاحاتها منذ مرحلة مبكرة حين نعرف أن عدداً منها طوّر مخالب ضخمة كي يصبح جزءاً من الحيوانات المفترسة في خضم سباق التسلح البيئي الذي تخوضه.

لكن على غرار كل شيء في مجال العلوم، لا يمكن تأكيد أي معلومة وسيتابع التطور مساره بلا رادع. رغم زيادة المعلومات الجينومية حول أجناس السلاطعين الحية والمتحجرة، يسعى علماء التصنيف تدريجاً إلى استكشاف خصائص السلطعون الحقيقية، ما قد يسمح لهم باكتشاف أصول شكل جسم السلطعون وخسائره مع مرور الوقت، وتحديد زمن نشوء ظواهر تطورية حديثة وأساسية، وخطط أخرى متعلقة بشكل جسمه. كذلك، قد تصبح دراسة السلاطعين مجالاً بحثياً جاذباً لخبراء النظرية التطورية المقتنعين بإمكانية تحديد الأشكال المتوقعة التي تنتجها عملية التطور بناءً على عوامل بيئية ومؤشرات جينية.

في النهاية، تستنتج خبيرة السلاطعين، هيذر براكين غريسوم: «يسهم تحليل تطور السلاطعين في تحديد جدول زمني للتطور الكبير الذي حصل منذ 250 مليون سنة، ما قد يسمح لنا بتوقع الخصائص المورفولوجية الناجمة عنه بعد جمع بيانات كافية عن أصل هذه الفصيلة وخصائصها الجينومية».


MISS 3