ريتا ابراهيم فريد

د. بيتر نون لمرضى السرطان: تشجّعوا فالطاقم الطبّي يفعل المستحيل لبقائكم آمنين

9 نيسان 2020

08 : 30

يعاني مرضى السرطان اليوم خوفاً مضاعفاً من خطر الإصابة بفيروس كورونا، إضافة الى اضطرارهم للخروج من المنزل والتوجّه الى المستشفى لتلقّي علاجهم. وهُنا يتخوّف البعض من التقاط أي عدوى داخل المستشفى.

طبيب أمراض الدم والسرطان، ورئيس قسم الدم والسرطان لدى الأطفال في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي الدكتور بيتر نون طمأن هؤلاء المرضى مؤكّداً أنّ الطاقم الطبي يقوم بجهود كبيرة لحمايتهم وعزل أقسام كورونا في المستشفيات، مشدّداً على أهمية التزامهم بالاجراءات الوقائية وضرورة متابعتهم لعلاجهم.



هل مرضى السرطان هم عرضة أكثر من غيرهم للإصابة بكورونا، بمعنى آخر، هل إمكانية التقاطهم العدوى أكبر من غيرهم؟

مرضى السرطان ليسوا عرضة أكثر من غيرهم للإصابة بفيروس الكورونا. فكلّ من اختلط مع مصاب هو معرّض تلقائياً لأن يصاب بدوره بهذا الفيروس. الفارق أن مرضى السرطان والأشخاص الذين يعانون من نقص في المناعة عليهم خطر أكثر من غيرهم إذا ما أُصيبوا بكورونا. ويمكن أن تكون لذلك عواقب صحيّة وخيمة. لذلك ننصح هؤلاء المرضى بالإبتعاد عن كل شخص يُشتبه بإصابته، وبملازمة منازلهم وعدم الخروج منها إلا لمتابعة جلسات علاجهم.



لماذا خطر الوفاة بسبب كورونا يكون أكبر على مرضى السرطان؟


كورونا يُصيب كافة الأعمار، لكنّ الخطر الأكبر يبقى على كبار السنّ، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة كالسكّري والربو وغيرها، والأشخاص الذين يعانون من نقص في المناعة ومن بينهم مرضى السرطان.


كيف يمكن أن نطمئن هؤلاء المرضى، وما المطلوب منهم اليوم لحماية أنفسهم؟


من الضروري التشديد على أن يتابع مرضى السرطان علاجهم. صحيح أن البقاء في المنزل أمر مطلوب وأساسي في محاربة كورونا، لكنّ ذلك لا يعني امتناع مرضى السرطان عن التوجّه الى المستشفى والخضوع لجلسات العلاج. لا يمكن أن نوقف العلاج الكيمائي أو العلاج بالأشعة لأنّه أساسي لمريض السرطان، واذا تمّ توقيفه، قد يتفشّى المرض وهذا أخطر بكثير من الإصابة بكورونا. ممنوع "يقفّوا" العلاج.





مرضى السرطان مجبرون على التوجّه الى المستشفيات من أجل العلاج. ما خطورة هذا الأمر، لا سيّما أنّ البعض متخوّف من التقاط أي عدوى داخل المستشفى؟


صحيح أن بعض مرضى السرطان يتخوّفون اليوم من التوجّه الى المستشفى لتلقّي العلاج، وهذا أمر بغاية السوء والخطورة. فالجلسات الكيماوية يجب أن تكون في وقتها المحدّد ووفقاً للأصول والإنتظام، ومن الممنوع أن يتمّ التلاعب بهذا الموضوع. فالدراسات أثبتت أن المرضى الذين يتابعون جلسات علاجهم بانتظام تكون نسبة شفائهم من السرطان أعلى، والعكس صحيح. فأيّ تلاعب بمواعيد الجلسات يتسبّب في تراجع نسبة التجاوب والشفاء. لذلك نشدّد على ضرورة الإلتزام بمواعيد الجلسات، ونطلب من المرضى ألا يتخوفوا من القدوم الى المستشفى.

فكلّ المستشفيات التي تستقبل مرضى كورونا قد إتّخذت أعلى درجات الحيطة والإنتباه، وعزلت المصابين في أقسام ومبانٍ بعيدة عن سائر المرضى. حتى أنّ نظام التهوئة منفصل عن باقي المستشفى، وفريق الممرضين والممرضات والأطباء خاص بهم، ولا يزورون أقسام العلاج الكيماوي والأقسام الأخرى. إذاً الإنفصال تامّ. حتى إذا ما احتاج أحد مرضى كورونا الى غرفة عناية فائقة، فسيتمّ نقله الى غرفة عناية مخصّصة لمرضى كورونا. المستشفيات التي تستقبل مرضى كورونا تتعاطى بشفافيّة مطلقة مع الموضوع، فتواجد مرضى كورونا وتنقّلهم داخل المستشفى واضح ومحدّد ومعروف، وذلك لحماية مرضى السرطان والمرضى الآخرين من التقاط العدوى.



يقال أنّ المستشفيات يجب أن تعزل قسم كورونا في مبنى منفصل عن مبنى المستشفى لحماية المرضى ذوي المناعة الضعيفة، ومن بينهم مرضى السرطان. ما خطورة الاستهتار في ذلك؟


من المعروف أن مرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج يحتاجون غالباً الى دم وصفيحات، لأن العلاج يؤدي الى تخفيض المناعة وتخفيض نسبة الدم والصفيحات في الجسم. وبالتالي يرتفع احتمال حدوث نزيف. لذلك يجب أن نزوّدهم فوراً بالدم والصفيحات.

ما يحدث اليوم، أن الناس خائفون من التوجّه الى المستشفى للتبرع بالدمّ أو بالصفيحات خشية التقاط عدوى كورونا، وهذا يُعرّض مرضى السرطان الى خطر أكبر بكثير من خطر كورونا. فإذا احتاج المريض للدم ولم نجد له متبرّعاً، ممكن أن يتسبّب ذلك بالوفاة.

أناشد كلّ من هو قادر على التبرّع بالدم ألاّ يتردّد أبداً، فهو سيتّجه الى قسم بنك الدم المفصول تماماً عن أقسام كورونا. فمن الممكن أن نخسر عدداً كبيراً من المرضى إن لم يتمّ تأمين الدم والصفيحات لهم.



بعيدا عن كورونا، مصيبة أخرى تضاف فوق كاهل مرضى السرطان. يحكى اليوم عن إرتفاع كبير في أسعار أدوية السرطان وانقطاع بعضها. ما صحة هذا الموضوع؟


ثمن أدوية علاج السرطان باهظ جداً، وبشكل خاص الأدوية الجديدة وأدوية العلاج بالمناعة الذي تمّ استحداثه. وزارة الصحة والجهات الضامنة تقوم بما في وسعها للمساعدة، لكن ذلك لا يكفي في بلد يعاني من أزمات مالية مثل لبنان. من جهة أخرى، بعض الأدوية الأساسية تنفد من السوق، فتحاول وزارة الصحة ووكلاء الأدوية تأمينها. كلّ ذلك يضيف همّاً جديداً الى مرضى السرطان. نحن في جمعية Kids First نهتمّ بالأطفال المصابين بالسرطان ونغطّي كل فروقات الإستشفاء في عدد من المستشفيات، منها مستشفى الروم، مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي، مستشفى المعونات الجامعي، ومستشفى الجعيتاوي الجامعي.


مرضى السرطان هم أكثر من يحتاج الى المعنويات المرتفعة في هذه الفترة. إذا طلبنا منك أن تتوجّه بكلمة اليهم، ماذا تقول؟


أقول لهم: تشجّعوا. إتّكلوا على الله وعلى الطاقم الطبّي الذي يقوم بالمستحيل هو والمستشفيات لبقائكم آمنين وبعيدين عن المرضى الذين يمكن أن ينقلوا لكم أية عدوى. مع التشديد على ضرورة أن تتابعوا علاجكم بانتظام.