شربل داغر

الفن بين المال والمعنى

3 تموز 2023

02 : 00

لا ينقضي شهر أو أقل من دون مزادات ومبيعات علنية في مواد الفن المختلفة. ولا ينقضي مزاد أو أكثر إلا ونعرف (أحياناً، أو بالسر) عن اشتراك متموّلِين ومقتنِين عرب فيها.

كما يترافق هذا وذاك بأخبار بناء

أو افتتاح متاحف جديدة، وقيام متمولين عرب بتأسيس "مجموعات" فنية مختارة...

الأكيد هو أن المال العربي بات شريكاً في هذه السوق المعولمة، حتى إن تقارير باتت تحسب المتموّلِين العرب بعد المتموّلِين الصينيين والروس في هذا التصاعد المالي المتفاقم حول الفن.

بالمقابل، لا يجد دارس الفن، أو متابعه، سوى كتب قليلة، معدودة، مناسبة في تاريخ الفن، أو في فلسفته، أو في عرض مجموعاته، أو في سياسات متاحفه، أو في سِيَر عن فنانِين مميزين وغيرها.

لا تزور متحفاً عربياً، وتلقى كتباً مواكبة لعروضه، أو مساهِمة بدورها في التعريف بالفن، وفي تأكيد حضوره.

وهو غياب لا يفسره سوى غياب السياسات لدى من لهم المصلحة والقدرة في إظهار معنى الفن، وتوطيد رسوخه في الحياة الاجتماعية والعامة.

ومن يتابع، ويفحص هذه الأحوال، يتبين له أن هذا الحراك لا يعدو كونه "طفرة" من ظواهر فائض المال، أو أنه تعبير عن التنافس بين دول وبين اغنياء، بما يُظهر المكانات وعلامات الثروة الباهظة.

سؤال بسيط: ماذا لو قرر هذا أو ذاك من أصحاب القرار بيعَ هذه المقتنيات أو تلك "المجموعات"؟ هذا ما يصعب حدوثه، سيقول لي البعض، لكنه ممكن الحصول، وتحت جنح الظلام.

سؤال آخر: مَن له أن يتضايق، أو يعترض، في ما لو تمَّ "تهريب" هذه "المجموعة" أو تلك، أو تلك الأعمال الفنية "النادرة" إلى خزائن في جنيف أو نيويورك أو لندن؟

هل لمواطن البلد المعني أن يعتبر

أن هذه المواد الفنية جزء من تراثه

المادي والرمزي؟

هو لن يعتبرها كذلك، ما دامت ملكيتها غير أكيدة لجهة هوية صاحبها، بين كونه فرداً مالكاً وكونه حاكماً مالكاً في الدولة.

كثير من الغموض يلف عمليات التملّك هذه في بلدان أجنبية وبلدان عربية بين مجموعاتها المتنامية ومتاحفها المتزايدة.

إلا أن هذه التساؤلات وغيرها تحتاج إلى إبانة، والى التخفيف من معالم الغموض بين المالك الفردي والمالك "الرسمي".

وهذه تحتاج كذلك إلى تنمية شروط التملّك الثقافي لمواد هذا الفن من قبل من يزور المتحف، ويشعر بأنه شريك ومالك له (بمعنى من المعاني)، ما دامت تعبر عن تجلي الإنسانية في صنائعها وبدائعها.