رفيق خوري

إدارة «ستاتيكو» خطر في رمال متحركة

5 تموز 2023

02 : 00

صندوق النقد الدولي يحذّر لبنان من تفاقم أخطار يصعب الخروج منها اذا استمر في تأخير الإصلاحات المطلوبة. لكن الصندوق الذي كنا في مسار الإتفاق معه يعرف أمرين: أولهما أن في لبنان قوى نافذة ترفض وصفاته وتراها هي الخطر. وثانيهما أن الأصعب من إنتخاب رئيس للجمهورية هو إجراء الإصلاحات الضرورية والملحة والمطلوبة. إنتخاب الرئيس متعثر منذ ثمانية شهور، لكنه ممكن في وقت ما. والإصلاحات مهمة مستحيلة لأنها ضد مصالح المافيا السياسية والمالية والميليشيوية الحاكمة والمتحكمة.

ولا يبدل في الأمر إطمئنان القوى المتصارعة الى اننا في»ستاتيكو» ممسوك أمنياً بما يؤمن لها ترف الإستخدام المفرط للوقت في المماحكة وألعاب الصراع وعلك الصوف. فهو عملياً ستاتيكو في منطقه رمال متحركة وليس جامداً. وهو أيضاً محكوم بخطرين: خطر الإنهيار الإقتصادي والمالي والسياسي الذي يكاد يكتمل، ويشدد الضغوط على الناس المسروقة والتي تعاني في كل وجوه الحياة اليومية ما لم يحدث في أي بلد من العالم التاسع. وخطر الصراع الجيوسياسي الدائر في المنطقة وعليها، وبالتالي في لبنان وعليه، حيث لا رحمة للضعيف.

ولا جدوى من تأويل ما قاله الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان وتصور ما يمكن ان يحمله او يفعله في زيارته المقبلة الى بيروت وعواصم اخرى. فالحديث عن قواعد اللعبة الديمقراطية حين تكون اللعبة معطلة هو نوع من العبث. والدعوات الى الحوار عندما يكون الوقت للإستحقاق الرئاسي هو لون من تسخيف الحوار والإستهزاء بالإستحقاق الرئاسي. ولو لم تكن اللعبة الديمقراطية معطلة لما طالب اي طرف الطرف الآخر بالتخلي عن مرشحه.

ذلك ان «الثنائي الشيعي» على حق حين يرفض التخلي عن مرشحه زعيم المردة سليمان فرنجية. ولا مبرر، أقله نظرياً، لأن تبدي قوى «التقاطع» على ترشيح مدير الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي وزير المال السابق جهار أزعور الإستعداد للبحث في ما يسمى «الخيار الثالث». فالمطلوب وطنياً ودستورياً وسياسياً ليس تخلي أي طرف عن مرشحه بل العمل لإنتخاب مرشحه والذهاب الى جلسة إنتخابية من دورات متعددة تستمر من دون إفقاد النصاب وختم المحضر في الجلسة حتى إنتخاب رئيس.

والمشكلة عملياً ليست عجز كل طرف عن ضمان الأصوات الكافية لمرشحه، فهذا قابل للتغيير، بل في كون «الثنائي الشيعي» الذي يدير جلسات المجلس النيابي عبر الرئيس نبيه بري يلعب الورقة على الوجهين: يتمسك بمرشحه، ويرفض الإستمرار في دورات الإنتخاب حتى اختيار الرئيس. فضلاً عن التهديد برفض الإعتراف برئيس ينال أكثرية 65 صوتاً وإغلاق طائفة في وجهه وأمام حكومته. والأخطر من المخاطر التي تضرب لبنان هو أن أي طرف في الداخل والخارج لا يعرف ماذا يفعل إذا انهار كل شيء في البلد.

يقول لينين: «أفضل طريقة لتدمير النظام الرأسمالي هي إفساد العملة». لكن إفساد الليرة اللبنانية الى حد فقدان 90% من قيمتها والذي تم على أيدي المافيا جاء لمصلحة الفاسدين من أرباب النظام الرأسمالي الريعي.


MISS 3