كيف أصبحت النباتات متعطشة لأكل اللحوم؟

02 : 00

حاول تشارلز داروين طوال 16 سنة أن يثبت أن بعض النباتات قادرة على التهام الحيوانات عبر تفكيك بروتيناتها بالأنزيمات وامتصاص مغذياتها لتسريع نموها. حتى زوجته لم تصدّقه في البداية.

اليوم، لم يعد علماء الطبيعة يشككون بوجود نباتات آكلة للحوم، لكن لا يعني ذلك أننا نفهم بالكامل كيف تطورت هذه الكائنات المثيرة للفضول كي تصبح قادرة على جذب الحيوانات، والتقاطها، والتمسك بها، وهضمها، لا سيما حين تكون الفريسة كبيرة الحجم مثل البرمائيات والثدييات الصغيرة.

في الوقت الراهن، يمكن إيجاد أشكال وأحجام متنوعة من النباتات الآكلة للحوم، بما في ذلك أفخاخ على شكل لولب أو مصيدة. يستعمل البعض مصائد لاصقة بسيطة لالتقاط الحشرات (مثل دروسيرا)، بينما طورت أنواع أخرى سجوناً أكثر تعقيداً لالتقاط فريستها (مثل خانق الذباب).

تكشف أبحاث جينية جديدة أن المصائد الخاطفة انبثقت في الأصل من مصائد الذباب في ثلاث أو أربع حالات مستقلة على الأقل. في العام 2018، ذكرت دراسة أدلة مفادها أن النباتات الآكلة للحوم تطورت بطريقة مستقلة، في عشر حالات على الأقل، داخل النباتات المزهرة. يبدو أن النباتات الأخرى تُغيّر جينات عاشبة مماثلة بشكلٍ متكرر كي تتماشى مع أسلوب الحياة المفترسة.

تعليقاً على الموضوع، قال عالِم الأحياء فيكتور ألبرت، في العام 2017: «تكون هذه النباتات مزوّدة بمجموعة من الأدوات الجينية، وهي تحاول أن تجعل نفسها آكلة لحوم. هي توصلت في النهاية إلى الحل نفسه».

بشكل عام، تظهر النباتات الآكلة للحوم في المناطق التي تفتقر إلى المغذيات، مثل المستنقعات والأراضي الرطبة، وتستطيع حشرة واحدة ذات حجم مقبول أن تشكّل صائدة ذباب فيها ما يكفي من الفوسفور والنيتروجين للصمود لأسابيع عدة.

تَشجّع العلماء بدورهم على ابتكار هذا النوع من المصائد المعقدة التي تستهلك طاقة عالية، وقد بدأت دراسات جينية جديدة تستكشف كيفية تنفيذ هذه العملية.

تبيّن أن النباتات اكتسبت جزءاً من نظام دفاعي نباتي شامل يستعمل عناصر كيماوية من نوع الجاسمونيت. تستخدم معظم النباتات هذه العناصر لتحذير بعضها البعض من المخاطر، لكن اكتشف العلماء في العام 2019 أن مصائد الذباب تستعملها لجمع الأنزيمات التي تفكك فريستها واستدعاء ناقلات المغذيات. لكن لا تظهر هذه التقنية إلا في مجموعة واحدة من تلك النباتات المفترسة. لا تستعمل نباتات صائدة الحشرات النظام نفسه مثلاً، ولا يزال جزء كبير من استراتيجيات أجناس أخرى خفياً حتى الآن.

إلى أن يفهم العلماء المقايضات الحاصلة لدى النباتات الآكلة للحوم، لن يتّضح سبب تطور هذا العدد من النباتات المتعطشة لالتهام الحيوانات في أنحاء العالم.

لم تعد الظروف تسمح بإهدار الوقت في الأبحاث المستقبلية. في العام 2020، كشفت تقديرات الباحثين أن ربع النباتات الآكلة للحوم أصبح معرّضاً للانقراض. إذا لم نكتشف أسرار هذه النباتات الآن، قد نعجز عن فعل ذلك مستقبلاً.


MISS 3