نجوم من فجر الكون تختبئ في وسط مجرّتنا

01 : 58

كجزءٍ من مسحٍ يهدف إلى كشف مجموعة من أقدم النجوم المعروفة في الكون، أجرى العلماء بحثاً شاملاً عن تلك النجوم القديمة وبعيدة المنال، واكتشفوا أن القياسات التي تدور حولها في مركز المجرة تكون هادئة نسبياً رغم الفوضى المحيطة بها. توصلت عالِمة الفلك أنكي أرينتسن من جامعة كامبريدج في بريطانيا إلى هذه النتائج التي طُرِحت خلال الاجتماع الوطني السنوي لعلم الفلك في المملكة المتحدة.



يمكن تخمين عمر النجمة استناداً إلى كمية المعادن فيها. حين تشكلت أولى النجوم في الكون، اضطرت للخروج من المواد الأولية التي كانت موجودة في تلك الفترة (لا سيما الهيدروجين والهيليوم). لكن بدأت الأفران النووية التي تحترق في نواتها تنصهر مع ذرات الهيدروجين وتتحول إلى أجسام أثقل وزناً، بدءاً من الهيليوم وصولاً إلى الحديد.



وعندما انفجرت خلال ظاهرة السوبرنوفا الفوضوية، انتشرت تلك العناصر الثقيلة في أنحاء الفضاء، إلى جانب عناصر أثقل وزناً تشكّلت في خضم عمليات السوبرنوفا الحيوية الخاطفة. لهذا السبب، بدأت النجوم اللاحقة حياتها مع نسبة متزايدة من المواد الثقيلة. كلما كانت النجمة حديثة العهد، تزيد فيها كمية المعادن على الأرجح.



في المقابل، تتراجع كمية المعادن في النجوم القديمة. رصد العلماء كمية صغيرة نسبياً من تلك النجوم «الأصلية» التي تطفو في محيط درب التبانة، لكن كان معظمها يقع في الضواحي وفي الهالة المجرية. يظن علماء الفلك أن أقدم النجوم يُفترض أن تتدلى من مركز المجرة. لكن بما أن هذه المنطقة تبقى غنية بالمعادن وتكثر كمية الغبار التي تعيق رؤيتنا، من الأصعب رصدها.



أطلق الباحثون مشروع «المسح الأصلي للمجرة الداخلية» لمحاولة إيجادها. من خلال تحليل طيف الضوء المنبثق من نجمة محددة، يستطيع علماء الفلك رصد أطوال موجة مُضخّمة أو مُخففة بسبب وجود عناصر معينة. حلل الباحثون كمية العناصر التي تتماشى مع نجوم تتراجع فيها نسبة المعادن ورصدوا حوالى 8 آلاف مُرشّح.



أكدت الملاحظات اللاحقة التركيبات الكيماوية للنجوم التي تفتقر إلى المعادن، ما أدى إلى جمع عيّنة فيها حوالى 1300 نجمة قديمة في مركز المجرة. وبما أن العلماء وجدوا هذه الكمية كلها، تمكنوا من إجراء دراسات سكانية عليها، فاستعملوا بيانات من «مرصد غايا» (مشروع مستمر لرسم خرائط ثلاثة مواقع وحركات للنجوم في درب التبانة). تمكن الباحثون بهذه الطريقة من تحديد مدارات المجرة الخاصة بنجومها القديمة.



اكتشفت أرينتسن وفريقها أن مدارات النجوم القديمة حول مركز المجرة تكون بطيئة نسبياً. كذلك، تبدو النجوم القديمة مزوّدة بمدارات فوضوية إضافية، لكنها تشمل مداراً متوسطاً في محيط مركز المجرة. أخيراً، تقع معظم مدارات النجوم داخل مركز المجرة. وحتى تلك الواقعة في المدارات البيضاوية تميل إلى البقاء داخل المنطقة المركزية من درب التبانة.



في النهاية، تستنتج أرينتسن: «من المدهش أن نفكر بأننا نشاهد نجوماً تشكّلت في أولى مراحل تكوين درب التبانة وكانت تُعتبر بعيدة المنال سابقاً. نشأت هذه النجوم على الأرجح بعد أقل من مليار سنة على الانفجار العظيم، على غرار بقايا بداية الكون. بدأت البيانات المتاحة حول هذه الأجسام القديمة تزداد سريعاً. من الممتع أن نكتشف معلومات إضافية عن أوائل النجوم التي سكنت في مجرتنا خلال السنوات القليلة الماضية!».

MISS 3