شقاقات عميقة تهزّ صفوف الديموقراطيين

ترامب يُطالب النائبات الأربع بالاعتذار لأميركا

09 : 52

الديموقراطيّون متخوّفون من هزيمة جديدة العام 2020 (أ ف ب)

جدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس، هجومه على النائبات الديموقراطيّات الأربع بعد هجمات مكثّفة ومتبادلة الأسبوع الماضي، وطالبهنّ بالاعتذار "عن الأمور الفظيعة والكريهة التي قلنها". وبالرغم من أن الديموقراطيين وقفوا صفّاً واحداً في وجه ترامب، غير أن هذا التضامن الظاهري يُخفي شقاقات عميقة في حزب يبحث عن مرشّح يستطيع مواجهة ترامب في انتخابات 2020.



وكتب ترامب في تغريدة: "لا أعتقد أن النائبات الأربع قادرات على حب بلادنا"، في إشارة الى ألكسندريا أوكازيو كورتيز (نيويورك) وإلهان عمر (مينيسوتا) وأيانا بريسلي (ماساشوستس) ورشيدة طليب (ميشيغان)، وهنّ جميعاً غير متمرّسات في اللعبة السياسيّة الأميركيّة. وتابع الرئيس الأميركي: "عليهنّ الاعتذار لأميركا وإسرائيل على الأمور الفظيعة والكريهة التي قلنها"، معتبراً أنّهن "يُدمرن الحزب الديموقراطي، ولكنّهن نساء ضعيفات ويفتقرن إلى الثقة بالنفس ولا يُمكنهن أبداً تدمير أمّتنا العظيمة". وتأتي هذه التغريدة بعد أسبوع من "حرب كلاميّة" بين ترامب والنائبات الديموقراطيّات بعدما هاجمهنّ الرئيس الجمهوري في سلسلة من التغريدات القاسية، وطالبهنّ بـ"العودة" إلى بلدانهنّ الأم. ويصفهنّ ترامب باستمرار بأنّهن "يساريّات" خطرات على مستقبل الولايات المتّحدة.



توازياً، وبعدما أظهر الديموقراطيون الأسبوع الماضي وحدة صفّهم في وجه هجمات ترامب المدروسة على النائبات الأربع، يشهد الحزب الديموقراطي خلافات داخليّة على جبهات عدّة، خصوصاً في شأن نظام الرعاية الصحية وخطّة "الاتفاق الأخضر الجديد" لمكافحة التغيّر المناخي والهجرة. وتتمتع النائبات الأربع بنفوذ متزايد داخل حزبهنّ، الذي يسعين إلى دفعه نحو اليسار أكثر فأكثر، ما يؤثّر سلباً على صورته أمام الرأي العام وبخاصة في الاستحقاقات الانتخابيّة الكبيرة على الصعيد الوطني.



ويُشدّد الديموقراطيون على ضرورة هزيمة ترامب، المرشّح لولاية ثانية في تشرين الثاني 2020، غير أن بيتهم الداخلي منقسم على نفسه والاحتكاكات تتزايد بين مرشّحيهم العديدين، فيما يسعى كل منهم إلى التميّز عن سواه بهدف زيادة حظوظه في تمثيل حزبه في السباق الصعب إلى البيت الأبيض. ويُدافع العديد من المرشّحين، مثل إليزابيث وارن وبيرني ساندرز، عن سياسات أقرب إلى الاشتراكيّة، مثل إقرار نظام ضمان صحي شامل يُعرف بـ"ميديكار للجميـــع". لكن المرشّحـين الوســـطيين يخشـــون أن تؤدّي انعطـــافة الحـزب إلـــى اليسـار إلـــى إبعاد الناخبين المعــتدلين، مــا سيجعل من رابع المستحيلات هزيمة ترامب كما يُخطّطون ويطمحون.



وتخدم هذه الخلافات المتزايدة، الجمهوريين الذين ينتقدون سياسات النائبات الأربع اللواتي أُطلقت عليهنّ تسمية "الفرقة"، فيستهدفون مواقفهنّ المثيرة للجدل، كما يأخذون على الحزب الديموقراطي انعطافته القويّة نحو اليسار في برامجه السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة. والنائبات الأربع من أصول لاتينيّة وعربيّة وأميركيّة - افريقيّة، وثلاث منهنّ ولدن في الولايات المتّحدة (إلهان عمر أتت كلاجئة من الصومال).



ويستغلّ ترامب هذه الانقسامات، محفّزاً قاعدته من الناخبين المُحافظين البيض الذين ينتمـون بغالبيّتهـم إلى الطبقــــة الوسطــى، حيــث باتت عنـاويـــن الــصراع السـياسي الداخلـي واضحــة بالنســبة إليهم وتتلخّص في الاختيار بين الديموقراطيّة الموجودة حاليّاً أو أخذ البلاد نحو الاشتراكيّة، التي يعتبرونها خطراً يهدّد القيم التي تأسّست عليها الولايات المتّحدة الأميركيّة على يد "الآباء المؤسّسين".


وآخر نكسة للحزب الديموقراطي تمثّلت بعدما طُرحت على مجلس النوّاب ذي الغالبيّة الديموقراطيّة الأربعاء الماضي، مذكّرة تدعو إلى الشروع في آليّة لعزل الرئيس المحافظ بعد هجماته على النائبات الأربع، غير أنّها رُفِضَت بغالبيّة 332 صوتاً مقابل 95 صوتاً ديموقراطيّاً مؤيّداً. وأعربت رئيسة مجلس النوّاب الديموقراطيّة نانسي بيلوسي مراراً، عن معارضتها لآليّة عزل الرئيس في الوقت الحاضر، وهذا الموقف يجعلها والنائبات الأربع على طرفي نقيض، وقد ظهر التوتّر إلى العلن أخيراً. وكتب سيكات سكرابارتي، رئيس مكتب ألكسندريا أوكازيو كورتيز في تغريدة: "تعتقد بيلوسي أنّه ليس بإمكاننا التركيز على العزل، لأنّه يُحوّل اهتمامنا عن المشكلات اليوميّة"، مضيفاً: "لكنّني أتحدّاكم أن تجدوا ناخبين يُمكنهم ذكر أمر واحد قام به الديموقراطيّون في مجلس النوّاب من أجل حياتهم اليوميّة هذه السنة". وأثار هذا العرض العلني للخلافات الداخليّة استياء بعض الديموقراطيين المتخوّفين من هزيمة جديدة العام 2020.

MISS 3