أَسْكِت أفكارك للإستغراق في النوم

02 : 00

تتدفق الأفكار في عقول عدد كبير من الناس حين يأوون إلى الفراش، رغم غياب أي حوافز بصرية أو سمعية قد تُشتت تفكيرهم، ما يمنعهم من الاستغراق في النوم. قد تظهر هذه المشكلة في بداية الليل أو عند الاستيقاظ ليلاً. من الناحية الإيجابية، تتعدد الخطوات التي تسمح بكبح تلك الأفكار المتدفقة وتُسهّل النوم لمدة معينة. لكن لنتعمق أولاً بأسباب الأرق وأعراضه.



ما هو الأرق؟

في الوقت الراهن، يصاب حتى ستة أشخاص من كل عشرة بأعراض الأرق بشكلٍ منتظم، وتستمر هذه الأعراض طوال أشهر أو سنوات لدى شخص واحد من كل عشرة.

يترافق الأرق مع صعوبة في الاستغراق في النوم في بداية الليل، أو الاستيقاظ ليلاً، أو الشعور بالإرهاق والخمول نهاراً، أو مشاكل في التركيز، أو تعكر المزاج. يشعر عدد كبير من المصابين بالأرق بأنهم يقظون فور إيوائهم إلى الفراش. ما سبب ما يحصل؟

كلما طال الوقت الذي نمضيه في السرير ونحن نقوم بنشاطات مختلفة عن النوم، يقتنع الدماغ والجسم مع مرور الوقت بأن السرير مكان مُخصص لنشاطات لا علاقة لها بالنوم.

لا تقتصر تلك النشاطات على مشاعر القلق، بل تشمل أيضاً استعمال الهاتف الخليوي، ومشاهدة التلفزيون، والأكل، والعمل، والشجار، والتدخين، واللعب مع الحيوانات الأليفة.

قد يقتنع الدماغ تدريجاً بأن السرير مُخصّص لتلك النشاطات المختلفة بدل الراحة والنوم. مع مرور الوقت، قد يصبح الإيواء إلى الفراش حافزاً لرفع مستوى اليقظة والامتناع عن النوم. تُسمّى هذه الحالة "الأرق المشروط".

في ما يلي ست خطوات لكبح سيل الأفكـــــار قبل النوم...

جدّد الرابط بين السرير والنوم

قد يساعدك علاج السيطرة على الحوافز في إعادة بناء الرابط بين السرير والنوم. طبّق الخطوات البسيطة التالية في كل ليلة من الأسبوع:

• لا تستعمل سريرك إلا للنوم والعلاقات الحميمة. يُفترض أن تحصل جميع النشاطات الأخرى خارج السرير، ومن الأفضل أن تنقلها إلى غرفة أخرى.

• حاول ألا تأوي إلى الفراش إلا إذا كنت تشعر بالنعاس (أي حين تثقل جفونك ويسهل أن تستغرق في النوم). إذا لم تكن تشعر بالنعاس، من الأفضل أن تؤخر موعد نومك. استعمل هذه الفترة للقيام بنشاط يُجدد استرخاءك في غرفة أخرى.

• إذا كنت لا تزال مستيقظاً بعد مرور 15 دقيقة على وجودك في السرير، انهض واذهب إلى غرفة أخرى. قم بنشاط مهدئ آخر إلى أن تشعر بالنعاس مجدداً. يمكنك أن تقرأ كتاباً، أو تسمع الراديو، أو تنهي بعض الأعمال المنزلية العالقة، أو تحلّ الكلمات المتقاطعة. لكن تجنّب في المقابل أي نشاط تحفيزي مثل العمل أو ألعاب الكمبيوتر.

• كرّر أول خطوتَين إلى أن تنام خلال 15 دقيقة تقريباً. قد تحتاج إلى دورات عدة من النهوض والإيواء إلى الفراش. لكن ستزيد حاجة جسمك الطبيعية إلى النوم خلال هذه الفترة. في نهاية المطاف، قد تستغرق في النوم بعد 15 دقيقة على نهوضك من السرير.

• انهض من السرير في الوقت نفسه من كل صباح، وبغض النظر عن مدة نومك في الليلة السابقة.

• تجنب القيلولات الطويلة نهاراً لأنها قد تُصعّب عليك النوم ليلاً.

على مر ليالٍ عدة، يسمح هذا العلاج بتجديد الرابط بين السرير والنوم مقابل كبح العلاقة الشائبة بين الإيواء إلى الفراش واليقظة وتدفق الأفكار.

شتّت عقلك بأفكار إيجابية

قد تشعر بالقلق واليقظة بسبب الأفكار السلبية التي تراودك في الفراش أو نتيجة قلقك من عواقب قلة النوم، ما يؤدي إلى تصعيب عملية الاستغراق في النوم.

في هذه الحالة، جرّب تقنية "إعادة التركيز المعرفي". حاول أن تسترجع ذكرى إيجابية، أو تذكّر فيلماً أو برنامجاً تلفزيونياً في عقلك لإلهاء نفسك عن تلك الأفكار السلبية.

في الحالة المثلى، يُفترض أن تصبح هذه الصور ذكرى يمكنك استرجاعها بكل وضوح لإنتاج مشاعر حيادية أو إيجابية بدرجة معينة.

قد تؤدي الذكريات الإيجابية أو السلبية بدرجة مفرطة إلى رفع مستوى اليقظة وتكثيف النشاطات العقلية.

استرخِ حتى النوم


يستهدف العلاج بالاسترخاء الأرق عبر تخفيف مستوى اليقظة وتحسين نوعية النوم. تقضي طريقة فاعلة بشدّ وإرخاء المجموعات العضلية في أنحاء الجسم تدريجاً، بما يتماشى مع توصيات علاج الإرخاء العضلي التدريجي.

يمكنك أن تجرّب أيضاً تمارين التنفس، والموسيقى الهادئة، والصور المرئية، وأي تمارين استرخاء أخرى تناسب وضعك.

يتعلق جزء من الاسترخاء قبل النوم بتجنب العمل في وقت متأخر من المساء أو أي نشاط على الشاشات قبل الإيواء إلى الفراش مباشرةً. امنح نفسك "منطقة عازلة" كي تتمكن من بدء الاسترخاء قبل موعد النوم.

أترك القلق لساعات النهار


خصّص بعض الوقت للقلق في وقتٍ سابق من النهار كي لا تراودك هذه الأفكار ليلاً. قد تستفيد أيضاً من تدوين جزء من تلك الأفكار التي تقلقك.

إذا بدأتَ تفكر بمسائل مقلقة خلال الليل، يمكنك أن تُذكّر نفسك بأنك دوّنتها مسبقاً وأنك تستطيع حلّها خلال "فترة القلق" في اليوم التالي.

اقتنع بأن الإستيقاظ ليلاً طبيعي


قد تستفيد حين تقتنع بأن الاستيقاظ لفترة قصيرة ليلاً أمر طبيعي، فهو لا يشير إلى تدهور الصحة. يمتد النوم على "دورات" مختلفة خلال الليل، وتدوم كل دورة لتسعين دقيقة تقريباً، وهي تشمل مراحل مختلفة من النوم الخفيف والعميق وفترة الأحلام.

تبدأ معظم دورة النوم العميق في النصف الأول من الليل، وتقع معظم مراحل النوم الخفيف في النصف الثاني. يستيقظ الجميع لفترات قصيرة من الليل، لكن لا يتذكر معظم الناس تلك اللحظات في صباح اليوم التالي.

ماذا لو فشلت جميع الحلول؟

إذا لم تنجح الخطوات الآنف ذكرها، يقضي أفضل خيار بالخضوع للعلاج السلوكي المعرفي المضاد للأرق. يستهدف هذا العلاج غير الدوائي الأسباب الكامنة وراء الأرق، ويسمح بتحسين النوم والصحة النفسية والأداء العام على المدى الطويل.


MISS 3