مايا الخوري

طوني ورد لـ"نداء الوطن": شعرتُ بأنّني معنيّ بتلبية إحتياجات المستشفيات

17 نيسان 2020

04 : 30

بمبادرة إنسانية قيّمة، حوّل مصمم الأزياء اللبناني العالمي طوني ورد ورشة عمله من إنتاج للقطع الإبداعية إلى ورشة إنتاج ملاءات أسرّة وبدلات وقائية، لصالح مستشفيات معنية بمعالجة مرضى فيروس كورونا COVID-19. ولم يكن ليحقق ذلك من دون تفاني فريق عمله بحيث اتّخذ إجراءات صحية صارمة حماية لصحتهم. عن مبادرته ومشاريعه وعيشه العزل المنزلي، كان لـ"نداء الوطن" حديث معه.

حين قرأ المصمم اللبناني العالمي طوني ورد تقريراً صحافياً عن نقص في تجهيزات مستشفى رفيق الحريري الجامعي، الذي خُصصّ لاستقبال مرضى فيروس كورونا COVID-19، شعر أنه معنيّ في تلبية هذه الاحتياجات، خصوصاً أنه تزامن مع عودته من الولايات المتحدة الأميركية والتزامه العزل المنزلي.

عندها تواصل مع قسم التسويق الخاص بدار أزيائه، لإيجاد الطريقة الأمثل للمساعدة، كما تواصل مع مسؤول الإنتاج، لإتخاذ الإجراءات الصحية الصارمة حماية لصحة الموظفين وعدم تعريضهم للأذى.

أي تدابير وقائية إتخذتم؟ قال: "تعقيم المعمل، إبعاد الماكينات عن بعضها البعض وتعقيمها. كما خصّصنا طاولة لمواد التعقيم، ليتمكّن الموظفون من إستهلاكها قبل لمس الأقمشة فيما استخدمت غالبيتهم القفّازات والأقنعة أثناء العمل. إلى ذلك صنّعنا 500 قناع مطابق للمواصفات قابلة للغسل أيضاً. بعدما إنتهينا من العمل خضعنا للفحوص المخبرية، لنتأكد من سلامة الجميع".



وعن الإجراءات التي اتّبعها لتنفيذ مبادرته، قال: "تواصلت مع مدير مستشفى الحريري الجامعي، الذي أبلغنا عن تجهيز 160 سريراً جديداً، لكنهم طلبوا من المرضى إحضار أغطية الأسرّة معهم بسبب النقص في التجهيزات. فبادرنا إلى شراء القماش وبدء الإنتاج. كما صمّمنا 4 عيّنات مختلفة من البدلات الوقائية الخاصة بالطاقم الطبّي، تم عرضها على المعنيين لتبيان أي منها يطابق المواصفات المطلوبة للتنفيذ".

هل واجهتهم تحّدياً معيّناً؟ أجاب: "سعينا إلى تأمين قماش مطابق للمواصفات والمتوفر راهناً في السوق، لأنّ ثمة تجّاراً صنّعوا البدلات الطبية لتصديرها إلى دبي ودول أخرى، فيما نعاني نقصاً في مستشفياتنا، وطيران الشحن متوّقف". لافتاً إلى أن المستشفى أمّن لهم عيّنة قماشٍ لمطابقة مواصفاتها، لكنهم لم يجدوا الألوان المخصصة للطاقم الطبّي بسبب الشحّ، فعرضوا بعض العيّنات على المعنيين في انتظار الموافقة لبدء الإنتاج لمستشفيي البوار والحريري.

ورد يرفض التصنيع بهدف الربح المادي ويشددّ على أن ما يقوم به هو مبادرة إنسانية فقط. لافتاً إلى أنه قرر إبقاء عملية الإنتاج سراً خشية التعرّض لمحضر ضبط لمخالفتهم القانون بفتح أبواب المعمل. مضيفاً: "طلبنا من قسم التسويق عدم الإعلان عن ذلك. لكن إحدى الموظّفات عرضت الصورة عبر صفحتها، لنتلقى بعدها إتصالات كثيرة من أناس أرادوا من ضمن إختصاصهم المساعدة في تأمين التجهيزات للمستشفيات. لذا حمّست هذه البروباغندا الآخرين على المساعدة أيضاً".

وعن مصير داره والتكيّف مع الواقع المستجدّ، قال: "توّقفت دورة الحياة منذ 3 أسابيع. كنّا نعيش في قطار سريع، توقّف فجأة، لننقلب رأساً على عقب في حال ذهول وإنكار للواقع. أحد منا لم يكن يتوّقع ما حصل. كان يُفترض أن أكون حالياً في ميلانو، ومن ثم أتوّجه إلى نيويورك. بطاقات السفر جاهزة، الفنادق محجوزة، المواعيد محدّدة لا يمكن تجاوزها. فإذا لم نجتمع حالياً، لا عمل لستّة أشهر مقبلة، إنه أمر مهمّ للتسويق. سيؤدي هذا الواقع إلى القفز لموسم كامل في الموضة، ما يعني إنعكاساً سلبياً على سلسلة الإنتاج، وبالتالي خسارة موظّفين، وعدم قدرة تجّار الأقمشة على تسليم البضاعة. إنها كارثة على صعيد الموضة التي تشكّل المرتبة الثانية في الصناعة عالمياً. نحن نتكيّف مثل الصناعات الأخرى، لكننا في واقع غير قابل للتغيير إنما يمكن التغيير من حولنا والتفكير بشكل مختلف لمحاولة التحضير للمستقبل، الذي لن يشبه الماضي حتماً. لا أظنّ أن الناس سيكونون مستعدّين للإجتماعات المباشرة والتواصل المباشر قبل إيجاد لقاح للفيروس".



عرض مجموعة الأزياء "أون لاين"، والتواصل مع الزبائن ليست مستجدّة على دار ورد للأزياء، لكن ذلك لا يلغي أهمية اللقاء المباشر مع الزبون، لمعاينة القماش وشرائه. وقال: "نتواصل كفريق عمل حالياً عن بعد، ويتّصل قسم المبيع بالزبائن للإطمئنان عليهم، ومتابعة ما إذا كانوا بحاجة إلى شيء، خصوصاً أن 100 عرسٍ محددة سابقاً مجهولة المصير. كما يسعى قسم التسويق إلى المساعدة إجتماعياً وتقديم الدعم حيثما أمكن. فإذا كانت أمور معيّنة قابلة للتنفيذ عن بعد، إلا أنه لا يمكن التصنيع عن بعد مثلاً. ألغت المتاجر العالمية الطلبيات، وكذلك ألغيت طلبيات الشهرين الحاليين في متاجري وهذا منطقي لأن المصير مجهول وهذه مشكلة كبيرة".

وأعلن ورد عن بدء تصميم مجموعته المقبلة، التي كان يُفترض تقديمها في تموز المقبل "لكننا نتأمّل تقديمها في كانون الثاني المقبل في أسبوع الموضة الباريسي. تتضمّن هذه المجموعة مفاجآت كثيرة مرتبطة بواقعنا الحالي. وهي ستكون مرتبطة بأوّل عرض قدّمته في حياتي، أحييه مجدداً بطريقة مختلفة تحت عنوان "العودة إلى الجذور" و"إحترام الأرض الأم". لم أتوّقف عن العمل أبداً، بل على العكس، أصبح بإمكاني التفكير بدقّة أكثر وبتأنٍ، محترماً الوقت الذي بات قيّماً جدًا".

وعن كيفية إستفادته من العزل المنزلي، قال: "أقضي الوقت حالياً مع عائلتي، أمارس الرياضة، أقرأ كثيراً، أتواصل مع أصدقاء بعد غياب، أقوم بأبحاث عبر المواقع الإلكترونية، أشاهد الأفلام مساءً مع أولادي. إلى ذلك، أخصّص يومياً إجتماعاً عن بعد مع قسم من أقسام فريق العمل، كي لا نفقد التواصل، وإن كان عبر الشاشة".


MISS 3