إكتشاف كائن قديم كان يفترس الديناصورات

02 : 00

يبدو أن العالم في العصر الطباشيري كان مكاناً خطيراً يصعب العيش فيه لأن سكانه كانوا يلتهمون الكائنات الأخرى أو يتعرّضون للافتراس. تكشف أدلة جديدة الآن أن نوعاً من الديناصورات واجه هذه النهاية المؤلمة، فوقع ضحية حيوان مفترس غير متوقّع.

يبدو الهيكل العظمي في ديناصور السيتاكوصور ملتوياً، وتقع ضلوعه في فم حيوان مفترس ذي أسنان حادة، ولديه قدم خلفية مقابل فخذه. لا تُعتبر عملية الافتراس بحد ذاتها مفاجئة، لكنّ هوية الحيوان المفترس غير متوقعة: إنه نوع من الثدييات المشابهة لحيوان الأبوسوم، وهو أصغر حجماً بكثير من السيتاكوصور، واسمه ريبينوماموس روبوستوس.

نعرف أن حيوان الريبينوماموس كان يقتات على صغار ديناصورات السيتاكوصور الأصغر حجماً، لكن جمع الباحثون للمرة الأولى أدلة حول إقدام تلك الحيوانات المفترسة على استهداف فرائس أكبر حجماً بكثير.

يقول خبير علم الأحياء القديمة، جوردن مالون، من متحف الطبيعة الكندي: «هذان الحيوانان عالقان في صراع قاتل، وهما على درجة عالية من التشابك. إنها أول مجموعة من الأدلة التي تشير إلى سلوك مفترس من حيوان ثديي ضد ديناصور. لا يُعتبر التعايش بين هذين الحيوانَين معلومة جديدة، لكن كشفت هذه الأحفوريات المدهشة للمرة الأولى هذا النوع من السلوكيات المفترسة في هذه الفصيلة».

عاش السيتاكوصور منذ فترة تتراوح بين 125 و101 مليون سنة، وكان منتشراً في المساحة التي تشكّل اليوم آسيا، وروسيا، ومنغوليا، وتايلاند. كانت هذه الحيوانات تحمل منقاراً قوياً ومشابهاً للببغاء، وتسير على سيقانها الخلفية، ولديها أطراف أمامية فيها مخالب، وكان طولها يصل إلى مترَين تقريباً.

أما حيوان الروبوستوس، فكان أصغر حجماً من فصيلتَين أخريَين من حيوانات الريبينوماموس التي عاشت في بداية العصر الطباشيري. كانت الأجناس الأكبر حجماً تستطيع النمو كي تصبح بحجم حيوان الغرير. مع ذلك، اعتُبر الريبينوماموس روبوستوس من أكبر الثدييات في العالم خلال تلك الحقبة. كان ذلك الزمن لا يزال عصر الديناصورات، وبقيت أعداد الثدييات فيه ضئيلة.

قد لا تبدو أحفوريات السيتاكوصور والريبينوماموس المدسوسة في الصخور البركانية مفاجئة للوهلة الأولى. يقتات عدد كبير من الثدييات على ما يستطيع إيجاده للبقاء على قيد الحياة: تُعتبر حيوانات الراكون المنتشرة في النفايات خير مثال على ذلك. ربما التقط التدفق البركاني ذلك الحيوان الثديي السيئ الحظ حين كان يحاول البحث عمّا يأكله.

لكن حين دقّق فريق بحثي بقيادة عالِم الإحاثة غانغ هان من «جامعة هاينان المهنية للعلوم والتكنولوجيا» في الصين بهذه المسألة، تبيّن أن هذا النوع المحدد من الثدييات لم يكن يقتات على الجِيَف.

كانت عظام السيتاكوصور لا تزال في مكانها ولم تشمل آثار العضّ التي يمكن توقّعها من عملية الافتراس. كذلك، ما كانت طريقة تشابك الحيوانَين لتصبح ممكنة تزامناً مع الالتهام. وما كان الحيوان الثديي ليصبح فوق الكائن الآخر لو كان الديناصور هو المعتدي. يعتبر مالون حجم الأدلة مؤشراً على حصول هجوم ناشط.

نعرف أن الحيوانات العدائية والأصغر حجماً في الأزمنة الحديثة تستطيع التفوّق على الفرائس الأكبر حجماً. تتعاون حيوانات القطيع، مثل الأسود أو الذئاب، لتجاوز هذه المشكلة، لكن يطبّق عدد من الحيوانات المفترسة الوحيدة والصغيرة مقاربة ارتكاب الأخطاء، وهي طريقة اعتمدتها حيوانات الريبينوماموس سابقاً على الأرجح. يستطيع حيوان الولفرين التفوق على الوعل مثلاً، مع أن هذا الأخير أكبر منه بأكثر من عشر مرات. ويقضي غرير العسل على حيوان المارية الذي يساويه بالحجم.

في النهاية، يستنتج مالون: «هذا ما حصل على الأرجح في الأحفوريات الأخيرة، فكان الريبينوماموس يلتهم السيتاكوصور وهو لا يزال حياً، قبل مقتلهما معاً في المرحلة اللاحقة».

تركت تلك العملية وراءها عظاماً يستطيع العلماء استكشافها بعد مرور ملايين السنين. نُشرت نتائج البحث في مجلة «التقارير العلمية».


MISS 3