مجلس كنائس الشرق الأوسط يطلق نداء تلاقي ومحبّة مع مجتمعات اللّاجئين والنازحين

17 : 36

في وقفة أخلاقيّة وإيمانيّة، تداعى مجلس كنائس الشرق الأوسط، مؤسّسة أديان، معهد عصام فارس للسياسات العامّة والشؤون الدوليّة في الجامعة الأميركية في بيروت والمفوضيّة العليا لشؤون اللّاجئين في لبنان، وتداولوا في ما فرضته أزمة جائحة كورونا (كوفيد 19) على مجتمعات اللّاجئين والمجتمعات المضيفة، مع الحاجة لترسيخ التّعاضد قاعدة أساسيّة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة، وقد صدر عنهم مجتمعين النداء المشترك التالي نصّه: لأنّنا معًا شركاء في المسؤوليّة، مجتمعات مضيفة ولاجئين ونازحين، تعاضدنا جوهريٌّ في مواجهة وباء كورونا لصالح صحّتنا العامّة.

فمنذ أشهر أربعة والعالم يواجه تهديدًا غير مرئيّ تجاوز الحدود والعوائق جغرافيًّا وإثنولوجيًّا ودينيًّا. مئات الألوف يعانون الأوجاع وفقدنا أكثر من مئتي ألف ضحيّة، العديد منهم من المسّنين أو من المصابين بأمراض مزمنة، أيّ الذين ينتمون إلى الفئات الضعيفة في مجتمعنا. سقطت مستويات المناعة الصحيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة مع اجتياح هذا العدوّ للبشريّة بحسب ما صنّفته منظّمة الصحّة العالميّة لكلّ المرافق وكلّ القطاعات.

منذها يعايش العالم، كلّ العالم، خوفًا من استمرار مرحلة انتشار هذا الوباء دون حسيبٍ أو رقيب، على الرّغم من كلّ الإجراءات المتشدّدة التي اتّخذناها كأفراد، وكلّ الحكومات بالتّعاون مع المجتمعين المدني والأهليّ، والمؤسّسات الدينيّة، والقطاع الخاصّ. وقع التضحيات التي قدمناها جميعًا لصالح الخير العام، لم يقتصر على الجانب الصحيّ بل هو انتقل إلى الجانب الاجتماعي، وتحديدًا في ما يعنى باتّساع رقعة الفقْر، ونقص الموارد، وانعدام الأفق الواضح في ما ينتظرنا من تحدّيات.

الخوف العميق الذي احتلّ قلوب العدد الكبير من سكان العالم، وألزمنا منازلنا، وحدّ من تلاقينا مع عائلاتنا، وأحبّائنا، وأصدقائنا، وحّد رؤية مواجهتنا للوباء. يضاف إليه الخوف العميق الذي تواجهه الفئات الضعيفة غير القادرين على ملازمة منازلهم، أو الذين ليس لديهم منازل.

ومع التزامنا الوحدة في المواجهة، علينا التأكد من أن هذا الخوف العميق عينه يجب ألّا يستغلّ في ترسيخ الفوبيا من الآخر، أيّ آخر، وكلّ آخر قريبٍ منّا أو بعيدٍ عنّا. ينتمي إلى مجتمعنا أو وفد إليه قسرًا/طوعًا. هنا تكمن مقْتلة التّلاقي التّعاضديّ على مواجهة وباء كورونا: في تقويض وحدتنا التكافليّة، وهذا التقويض قد يؤدي أيضًا إلى أنواع أخرى من عدم المساواة والتعميم ويزيد من مخاطر التباعد الاجتماعي.

الفيروس لا يميّز بين الأغنياء والفقراء، بين القادة السياسيين أو الملوك، أو بين جدّة أو عامل خدمة، أو طبيب، ونحن بحاجة للعمل معًا، متضامنين، لتمكين بعضنا البعض في اتخاذ التدابير الاحترازية، واكتشاف الأعراض في مرحلة مبكرة من الإصابة لضمان الحصول على الرعاية ومنع المزيد من الانتقال للعدوى وحماية كافة المجتمعات.

من هنا وانطلاقًا من المسؤوليّة الدّينيّة والاجتماعيّة والإنسانيّة، وتأكيدًا على أنّنا كلنا شركاء في المسؤوليّة، لا بدّ من العودة إلى التّذكير بالثوابت التّالية:

1- التساوي في كرامة الإنسان تمثّل البوصلة الأخلاقيّة التي من الواجب أن تحكم توجّهاتنا بالاستناد إلى مرجعيّة النّصوص الدّينيّة كما المواثيق الأمميّة.

2- فلسفة التّعاضد المجتمعيّ تقوم على تجذير التّلاقي على حسن إدارة أيّ أزمة، ومنها أزمة وباء كورونا، بالاستناد إلى مبدأ الخير العامّ مع احترام كافّة حقوق الفرد خصوصًّا حقّه بالحياة.

3- اللاّجئون والنّازحون والمهجّرون الذين يعيشون ويساهمون في مجتمعاتنا، فرضت عليهم ظروفٌ قاسية ترك أرضهم وأهلهم، وهم يستحقّون منّا جميعًا كلّ اهتمامٍ ويستحقون الحصول على العلاج ذاته، وبالدّرجة الأولى يستحقّون الاحترام بما هم إخوةٌ لنا في الإنسانيّة.

4- مبادرات المحبّة والعطاء والتّعاون هي أكثر ما نحتاجه في هذه المرحلة مع صحْوة ضمير أخلاقيّة تقوّي التّواصل في ما بين المجتمعات المضيفة ومجتمعات اللاّجئين، والنّازحين، والمهاجرين، فبناء الأمل منْحةٌ في زمن المحْنة.

إنّ المسؤوليّة الدّينيّة والاجتماعيّة التي نحن مؤتمنون عليها تستصرخنا كلٌّ من موقعه للعمل بجدٍّ لقطْع دابر الخوف والتّخويف، فنحن دومًا مع بعض، ولو اقتضى الأمر أن نكون في هذه المرحلة عن بعْد، لإعادة بناء الجسور التي دمرت بشكل مؤقّت، فرابطة الأخوّة التي تجمعنا أقوى من أيّ وباء وموانع فاصلة.

MISS 3