سيلفانا أبي رميا

"سِحر شارلي شابلن" يجمع الأطفال على مسرح "زقاق"

11 أيلول 2023

02 : 05

إستضاف مسرح «زقاق» أمس بمركزه في الكرنتينا، النسخة الأولى من مهرجان الأطفال المجاني الشهري والتي حملت عنوان «سحر شارلي شابلن». وفي أول أحد من كل شهر، سيكون أطفال الأسر الفقيرة والمحتاجة والمحدودة الدخل على موعد مع هذا النشاط الذي يهدف إلى تخصيص مساحة تنفّس للطفولة ببراءتها ومرحها، ليشكّل متسعاً لهم للّعب والتفاعل وتنمية قدراتهم الذهنية والثقافية.



في تمام الساعة الثالثة والنصف، تجمّع مئات الأطفال من داخل العاصمة وخارجها، أتوا من بيئات مختلفة ليتقاسموا أوقات فرحة وذكريات بريئة بين مسرح الدمى والعروض الإيمائية والأفلام الكوميدية الصامتة والموسيقى وغيرها. فتحوّل «زقاق» الذي اعتاد أن يحتضن فعاليات البالغين وورشهم، إلى مدينة ألوان وأحلام تضجّ بالأغاني والألعاب وضحكات الأطفال.

وبالتعاون مع مسرح الأطفال Teatrino، تمّ تنظيم عروض مسرحية وإيمائية ورقصات ومقاطع من أفلام تتمحور جميعها حول أسطورة السينما الصامتة شارلي شابلن. وعلى مدى ثلاث ساعات متواصلة، تمكّن الأطفال من المشاركة بنشاطات لا تُحصى وألعاب ترفيهية وتثقيفية نقلت كلها سحر شابلن إلى أروقة استديو «زقاق». وتشكّل فريق الترفيه الذي التزم في تنكّره بملامح وماكياج وملابس شابلن، من الممثل والمهرّج موسى شمس الدين، الموسيقي سماح أبو المنى، محرّك الدمى والرسام حسين الحسن، الممثلة وصانعة الدمى ديما العطار، عازف الغيتار أحمد مصري، الحكواتية ديما نشاوي، الممثلة هبة طالب، بالإضافة إلى الفرقة الموسيقية «كَمنْجَتي».

وقد اختارت مخرجة العرض ميرا صيداوي أن يحمل الحدث بنسخته الأولى ميزات وخصوصية شابلن. وقالت إنّ «النجم الصامت يمثّل الفئات المهمّشة في كل أعماله، وهو ما جعلني أختاره طابعاً لفعاليات ونشاطات اليوم التي تستهدف هذه الفئات»، مؤكدةً أنّ السحر الذي لطالما ميّز إطلالات شابلن نجح في خلق حقبته السينمائية الخاصة ورسم الإبتسامة على وجوه المشاهدين لعقود مستمرّة حتى يومنا هذا.

ومنذ حوالى الشهر، إنطلقت التحضيرات لهذا الحدث الفريد والإنساني، مع فريق Teatrino الذي اعتاد أن يشكّل مسرحه منزلاً يعمل فيه الأطفال على التعبير عن جانبهم الفني وتطويره من خلال عروض المسرح، وفن الدمى، وفن التمثيل الصامت، وفن السيرك، والموسيقى، بحسب مدير الإتصالات فيه موسى شمس الدين. ووسط إقبال كثيف تجاوز توقعات المنظّمين، أكد شمس الدين نجاح النسخة الأولى بكل تفاصيلها وقال: «لمسنا تفاعلاً قياسياً من الأطفال وحماساً وتعطّشاً للّعب والمسرحيات والعروض الترفيهية والتهريج. وبين عنصر المفاجأة والإيقاعات الشابلنية الناجحة، حصدنا ما زرعناه في تحضيرات الأسابيع السابقة وغادر الأطفال مفعمين بالحياة ومتشوّقين لموعدهم المقبل على مسرح «زقاق» الدافئ».

وعن سبب إطلاق مهرجانات شهرية مجانية مماثلة، كشف مخرج «زقاق» المسرحي عمر أبي عازار أنّ الفكرة وُلدت هذا الصيف عندما كان متواجداً في أحد مهرجانات العاصمة، في وسط شوارع بيروت، حيث لفت انتباهه الكمّ الهائل من الأطفال الموجودين الذين اكتفوا مُرغَمين بالتفرّج على الألعاب والنشاطات الموجودة دون الحصول على رفاهية تجربتها بسبب تكلفتها الباهظة (بين 7 و10 دولارات أميركية للجولة الواحدة) وقدرة أهاليهم المادية المحدودة. وقال: «بقيت وجوههم العابسة ودموع بعضهم عالقة في ذهني لأيامٍ تلَت المهرجان، إلى أن قرّرت أن أقوم بخطوة تعطي هؤلاء الأطفال قطعة من حقوقهم البسيطة التي غاب عنها هذا البلد والمعنيّون فيه». وأضاف: «هكذا قرّرنا أن نخصّص يوماً للطفل في استديو «زقاق» وأن يكون أول يوم أحد من كل شهر، فيشكّل مساحة تحتضن هؤلاء الأطفال المتحدّرين من أسر محتاجة أو ذات دخل محدود، ونقدّم لهم مهرجاناً مجانياً تفاعلياً ينمّيهم ويسلّيهم ويكون لهم متنفساً للّعب والمرح والإحتفال بالطفولة والأحلام».

وإذ يرى أبي عازار أنّ الطفل يجب أن يكون لديه أكبر قدر ممكن من الفرص التي تربطه بالثقافة والفن والترفيه، وتعرّفه على أطفال آخرين من بيئات مختلفة يتواصل ويتفاعل معهم، شدّد على أنّ الطفل اللبناني بحاجة ماسة لإبعاده عن الجو المثقل بالهموم اليومية التي تؤرق أهله وأن يتواجد في إطار لا يشبه المدرسة، يعطيه روح التعاون والمرح وينمّي قدراته ومخيّلته.



ملصق المهرجان



أعضاء فريق Teatrino



تفاعل تام مع الكوميديا الصامتة



أما عن تكاليف الحدث، فأكد المخرج حصولهم على مساعدة رمزية نوعاً ما من «المركز الثقافي الفرنسي» والسفارة الفرنسية. وأردف: «يأتي الدعم الأكبر من مؤسسة «زقاق» التي تقدّم المكان وفريق العمل وتكلفة الكهرباء شاملةً التبريد طوال فترة النشاط. فالتحدّي كبير جداً حين نقرّر تنظيم فعاليات مجانية بالكامل في بلدنا المُفلس». وختم: «البسمة التي رأيناها اليوم على وجوه الأطفال والإنتصار والرضا على محيّا الأهالي جعلتنا ننسى التعب والجهد اللذين بذلناهما وأكدت لنا أننا نجحنا وسننجح شهرياً في إعادة الحلم والضحك إلى عيون أطفال حرمهم بلدهم من أدنى حقوقهم ومن مساحات عامة تليق بطفولتهم وتكون متنفساً لها».

ويوم الأحد 1 تشرين الأول المقبل، تنطلق الدورة الثانية من المهرجان لتتمحور حول فنون السيرك، والتي أكد أبي عازار أنها ستتضمن ورشاً وعروضاً نادرة ومميزة مرتبطة بهذا العالم الخيالي الذي لطالما خطف قلوب الصغار وأدهشهم. وقال: «هدفنا الإستمرار صيفاً وشتاءً، آملين ألا تأتينا لا سمح الله حوادث أمنية أو سياسية أو إقتصادية تعطّل رسالتنا وتعكّر سماء الطفولة».


MISS 3