روي أبو زيد

مسلسلات رمضان

"بردانة أنا" يضع الإصبع على الجرح ويصرخ باسم النساء المعنّفات!

9 أيار 2020

02 : 00

يطرح مسلسل "بردانة أنا" قضايا متشعّبة في جزئه الثاني، لكنّها تصبّ جميعها في خانة محاربة العنف ضد المرأة.

تصرّ دانيا (كارين رزق الله) على محاسبة باسم (بديع أبو شقرا) لقتله شقيقتها التوأم (حنين) عبر الانتقام والمحاربة على جبهات عدّة، كما أنها قرّرت أن تعمل من جديد مع صديقة أخيها هذه المرة (نهلا عقل داوود)، سيدة متزوجة تكبره بعدة سنوات.

نشهد على قصص متشعبة تأسر المشاهد لقربها من واقعنا منها رومنسي ومنها اجتماعي عائلي. فالنقيب زياد حرب (وسام حنا) دخل في معركة مفتوحة مع والده (جوزف بو نصار) ليقينه بأنه قاتل والدته وأشقائه. اما باسم بطبعه الحاد وقلبه البارد فأدخل الى منزله الزوجي عروساً جديدة قاصراً يتواصل معها كعادته بالضرب والاذلال ولم يتردد في القيام بزيارة ودية الى والدة زوجته المغدورة (رولا حمادة) انتهت بكدمات على جسدها وحول عنقها.

حبكات قصصيّة عدة متداخلة في هذا النص للكاتبة كلوديا مرشيليان، إذ يعرض للزواج المبكر والأذى الذي يسبّبه للمرأة بشكل عام كما يفتح النافذة على سلطة الرجل المالية والسياسية في السيطرة على منزله وسجن شريكة حياته، كما الحال مع رندا (نهلا داوود) زوجة البروفيسور أسعد رشدان.

إذ في أحد المشاهد تقول رندا: حين تركت المنزل وبدأت العمل، شعرتُ وكأنني طائر خرج من قفصه نحو الحرية.

لذا، تعمد الأحداث الى أخذنا نحو منبع واحد وهو تسطير العنف ضد المرأة من أيّ شكل كان، ما يخلق جوّاً من الحماسة والتفاعل مع الممثلين الرائعين الذين أتقنوا تجسيد شخصياتهم وأعطوا المساحة المناسبة للمشاهد كي يبحث عن أهداف هذا العمل ورسائله المبطّنة.





تشير الممثلة كارين رزق الله في حديث الى "نداء الوطن" الى أنّ "قضية العنف ضد المرأة ليست موجودة في لبنان فحسب بل في العالم بأسره، إذ تتعرّض المرأة للعنف دوماً لأنها الأضعف جسدياً".

وتضيف أنّ "هذا الموضوع مرعب لأن من يلجأ لاستعمال يده بدل عقله في الحوار والنقاش يكون إنساناً ضعيفاً، فتخيّل إذاً أن يمارس هذا الضعيف عنفه على فرد آخر أضعف منه جسدياً"!

وإذ تشدد رزق الله على أنّ "ظاهرة العنف يجب أن تنتهي ومن الضروري أن تكون المحاسبة موجعة "، ترى أنه "يجب على القانون حماية المرأة من الجهات كافة التي تؤذيها وتتعرّض لها".

وتعتبر "أننا ما زلنا للأسف نبرّر جريمة الشرف، وإن قتل رجل زوجته تكون حجته هي الخيانة".

وتلفت رزق الله الى أن "بردانة أنا قارب موضوع العنف بشكل مباشر، كما أثار موضوع انتقام التوأم لمقتل شقيقتها".

وتشدد على أنّ "المسلسل صرخة مباشرة وإن لم يستطع أن يغيّر أي شيء بهذه المعادلة، فعلى الدنيا السلام"!

وتقول: "يمكن أن تنتبه من عدوّك ولكن كيف من الممكن أن تأخذ المرأة حذرها من أقرب الناس إليها؟ لقد نامت بقربه مغمضة العينين وسلّمته نفسها وحياتها، ايعقل أن يقتلها ويحرم أولاده من والدتهم"؟ وتؤكد رزق الله أنها "تعمل قدر المستطاع كي تربّي ابنتيها على الإيمان بنفسيهما والحفاظ على استقلالهما المادي والعاطفي كي لا يخضعا لسلطة أي شخص كان، حتى ولو كان شريك حياتهما".

يلفت الممثل بديع أبو شقرا في حديث الى "نداء الوطن" الى أنه "عملياً ضد فكرة الرسالة في الفن، لأن العمل يهدف الى إظهار الواقع من وجهة نظر الكاتب والمخرج والممثلين، وبناء عليه يحدد المشاهدون أهداف العمل ورسالته". ويضيف: "كمشاهد، أرى أنّ مجتمعنا يعاني جداً من جرائم التعنيف ضد المرأة ويتناسى الناس أنها نصف المجتمع في القانون والحياة الاجتماعية". ويشدد على أن "الرسالة التي تهمني من هذا الموضوع هي فكرة الرجل والرجولة"، موضحاً: "يتعاطى مجتمعنا مع مفهوم الرجولة بشكل خاطئ. فالرجولة لا تعني التسلط بل المشاركة والتفهّم وعدم ممارسة العنف بأي شكل من الأشكال".

وإذ يرى أبو شقرا أنه "يجب تغيير مفهوم الرجولة الخاطئ في مجتمعنا"، يعتبر أنّ "التربية عنصر رئيس في هذا الموضوع، خصوصاً وأنّ أطفالنا يتربّون على مفاهيم مغلوطة قد تتسبب في يوم من الأيام بحدوث هذه الجرائم خصوصاً خلال مواجهات الرجال مع نساء متحررات يطالبن بحقوقهن".

ويؤكد أنه "يجب معالجة الموضوع بالتوعية، المدارس، النظام التعليمي، الفن..."، معتبراً "حين يجد الرجل نفسه ضعيفاً يلجأ الى السلطة المعطاة له من المجتمع، لكنها سلطة سخيفة وسطحية".

ويختم أبو شقرا حديثه بالقول إنّ "العنف والجريمة لا يُبرّران أبداً تحت أي ظرف إطلاقاً".

ترى الممثلة ميراي بانوسيان لـ"نداء الوطن" أنّ "العنف ضد المرأة في لبنان موضوع مزمن ويتطلّب نسبة وعي على نطاق المجتمع ككل". وتضيف: "أنا أجسد شخصية عطّوف جارة باسم وأعيش صراعاً قويّاً جداً من جهة عدم إفصاحي عن سرّ قتله لزوجته". وتؤكد "العنف الذي مورس عليّ هو معنوي مارسه باسم عليّ خصوصاً حين هددني بأخذ الفتيات وحرماني منهنّ".





هل ازدادت نسب العنف خلال الحجْر المنزلي؟

إسعيد: الجلّاد والضحية يعيشان تحت سقف واحد!

تؤكد مديرة برنامج الدار الآمن للنساء في جمعية "أبعاد" جيهان إسعيد لـ"نداء الوطن" أنّ "اتصالات النساء بالمركز ارتفعت أكثر من 58 بالمئة خلال فترة الحجر المنزلي"، مضيفةً أنّ "العنف ضد النساء يُمارس خارج فترة كورونا لكنّ وتيرته ارتفعت بما أنّ الجلّاد والضحية في مكان واحد". وتشير الى أن "النسب غير محصيّة بطريقة دقيقة لأن سيدات كثيرات يتواصلن معنا عبر الماسنجر أو الواتساب، تجنّباً للإتصالات المباشرة أمام أزواجهن". وتضيف إسعيد أنّ أشكال العنف متنوعة، إذ ممكن أن تكون جسدية، جنسية، لفظية ومعنوية.

أناني: لإقرار قوانين تحمي النساء من العنف

تلفت رئيسة جمعية "أبعاد" غيدا أناني لـ"نداء الوطن" الى أنّ "155 اتصالاً من نساء معنّفات وردت في آذار وتضاعفت الأرقام في شهر نيسان"، مؤكدة أنّ "هذه الأرقام لا تعكس الواقع بل هي أقلّ بكثير من النسب الفعليّة على الأرض".

وتضيف أنّ "الهيئات المعنية بموضوع النساء، الجمعيات المدنية، والإعلام تسعى الى رفع الوعي لدى النساء تجاه الإخبار وتقديم الشكاوى"، لافتةً الى أن "الوزارات المعنية والجهات الاساسية لم تؤمّن الجهوزية اللازمة للحفاظ على سلامة النساء في هذه الظروف".

وتوضح أناني: "كان من الضروري إقرار استراتيجية وطنية لحماية النساء من العنف، وهو أمر ليس موجوداً حتى اليوم. ناهيك عن أنه لم تخصّص أي ميزانية لردع العنف المنزلي".

وتشدد على أنّ "مراكز اللجوء والإيواء، الأطباء الشرعيين، المستشارين النفسيين والأجهزة الصحية التي ترافق النساء قائمة على أكتاف الجمعيات المدنية، لأن الدولة لا تتحمّل مسؤوليتها تجاه هذا الموضوع". وتكشف أنّه أقله على الدولة إعفاء النساء المعنفات من الرسوم الناتجة عن العنف مثلاً تدفع المرأة المُغتصبة 200 دولار أميركي للطبيب الشرعي كي يضع تقريره ولا يدفع المغتصب شيئاً!

وتختم أنه "يجب تفعيل القوانين التي تحمي النساء لأنها فضفاضة ولا يتم الالتزام بها في المراكز المتخصصة التابعة للدولة كالمخافر والهيئات وغيرها".


MISS 3