أرتساخ تفرغ بسرعة من "مكوّنها التاريخي" وتنتظر بعثة أمميّة

02 : 00

تهجير أرمن أرتساخ مستمرّ نحو أرمينيا (أ ف ب)

إستمرّت أمس جريمة تهجير أرمن «جمهورية» أرتساخ في أعقاب إعلان حلّها مع نهاية العام بعدما اجتاحتها أذربيجان الأسبوع الماضي، إذ أكدت أرمينيا أنها استقبلت أكثر من ثلاثة أرباع سكان أرتساخ، لتُصبح بذلك «الجمهورية» التي عاش في مرتفعاتها الأرمن آلاف السنين، شبه فارغة من مكوّنها التاريخي، في غضون أيام قليلة، وسط دعوات فارغة وخشبية «للمحافظة على بلد متعدّد الإتنيات» يُكرّرها الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف الذي يُمعن في نبش الأحقاد القديمة، حيث أكدت يريفان أن مخاوف السكان تتأجّج بسبب سلسلة من «الاعتقالات غير القانونية» بين صفوف الأرمن، على الرغم من إعلان السلطات الأذرية السماح للذين سلّموا أسلحتهم بالمغادرة.

وفي هذا الصدد، ومن بين المهجّرين الذين التقتهم وكالة «فرانس برس» في بلدة غوريس الحدودية الأرمنية، تحدّث الجميع عن «وحشية» الاجتياح الأذري، معتبرين أنّه أكثر تدميراً بكثير من الحروب السابقة، فضلاً عن الرعب الذي عانوا منه عند وصول الجنود الأذريين. وأكد معظم الأشخاص في أرتساخ التي يتمتّع فيها معظم الرجال بخبرة في الجيش والقتال، أنهم أحرقوا زيّهم الرسمي ووثائقهم العسكرية، وحتى أكثر من ذلك بكثير، إذ أشارت الفتاة الشابة لاريسا إلى أنهم أحرقوا «الصور العائلية وذكرياتنا، وكتب تاريخ أبطالنا، لأنّ ليس هناك شكّ في أنّ الأذريين سوف يُدنّسونها».

وفي سياق عملية سحق أي إرادة بقاء متبقية لدى أرمن أرتساخ، أكد جهاز الأمن الأذربيجاني أنه اعتقل قائداً كبيراً في أرتساخ للاشتباه في تورّطه بـ»أنشطة إرهابية»، مشيراً إلى أن الموقوف الذي عُرّف عنه على أنه دافيت مانوكيان، ارتقى إلى رتبة ميجور جنرال في الجيش الأرميني قبل أن يُصبح النائب الأوّل لقائد قوات أرتساخ. ويأتي ذلك بعدما كانت باكو قد وضعت الخميس قيد «الحبس الاحتياطي» تحت ذريعة تُهم مماثلة، رئيس وزراء أرتساخ السابق روبن فاردينيان.

وحمّل الاتحاد الأوروبي أذربيجان مسؤولية «النزوح الجماعي» للأرمن. وجاء في بيان للاتحاد أن السكان يفرّون من منازلهم في أرتساخ إلى أرمينيا بعد إغلاق دام شهوراً لممرّ لاتشين. وشدّد على أن أذربيجان تتحمّل أيضاً «مسؤولية ضمان حقوق وأمن» أرمن أرتساخ، بما في ذلك «حقّهم في العيش في منازلهم بكرامة من دون تخويف أو تمييز، وكذلك حق العودة للنازحين»، بينما أعلن الكرملين أن روسيا ستُقرّر مع أذربيجان مستقبل مهمّة حفظ السلام في أرتساخ التي نشرت فيها قوات منذ العام 2020.

ووفقاً لحصيلة جديدة نشرتها شرطة أرتساخ، فإنّ انفجار مستودع للوقود في محطة واقعة على مشارف «العاصمة» ستيباناكيرت الإثنين، قد أسفر عن مقتل أكثر من 170 شخصاً وإصابة 349 آخرين، في حين ستُرسل عيّنات من رفاة الضحايا إلى أرمينيا لتحديد هويات أصحابها. وفي المجموع، يكون اجتياح باكو لأرتساخ قد أدّى إلى مقتل حوالى 600 شخص.

أمميّاً، وبعدما كان الاتحاد الأوروبي قد طالب بإرسال بعثة أممية إلى أرتساخ «في الأيام المقبلة»، ستُرسل الأمم المتحدة بالاتفاق مع أذربيجان قبل بداية الأسبوع المقبل بعثة مؤلّفة من 10 أشخاص يقودها مسؤولون في المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» إلى أرتساخ، بهدف تقييم الحاجات الإنسانية، وفق ما أكد المتحدّث باسم المنظمة الأممية ستيفان دوجاريك، موضحاً أن المنظمة لم تتمكّن من دخول هذه المنطقة «منذ نحو 30 عاماً». لكنّه أشار إلى أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان لن تُمثل في هذه «البعثة الأولية» التي تنحصر مهمّتها بالقضايا «الإنسانية وتلك المتعلّقة بالحماية». بالتزامن، طلب الصليب الأحمر ما يزيد على 20 مليون يورو لتلبية الحاجات الإنسانية المتنامية مع تهجير الأرمن من أرتساخ.


MISS 3