Medical Discovery

جينة لتنظيم مستويات الكولسترول؟

02 : 00

تقنية جديدة تجمع بيانات الفئران والبشر وتكتشف جينة لتخفيف إنتاج الكولسترول في الكبد حين ترتفع كمياته في الطعام...

إكتشف العلماء جينة قد تفسّر الخطر الوراثي المرتبط بارتفاع مستويات الكولسترول. يؤدي الكولسترول وظائف حيوية متعددة في الجسم. تكون هذه الجزيئة مثلاً جزءاً من أغشية الخلايا ويحتاج إليها الجسم لتصنيع الفيتامين D وبعض الهرمونات.

لكن تصبح مستويات الكولسترول المفرطة في الدم، على شكل البروتين الدهني منخفض الكثافة، عامل خطر للإصابة بتصلب الشرايين (تتضيّق الشرايين في هذه الحالة نتيجة تراكم الصفائح الدهنية)، ما قد يؤدي إلى نوبة قلبية أو جلطة دماغية.

ينتج الجسم كمياته الخاصة من الكولسترول في الكبد وتتعدد مصادره الغذائية أيضاً، منها البيض واللحوم الحمراء والزبدة. لكن بغض النظر عن نوع الحمية الغذائية، يحمل البعض قابلية وراثية لارتفاع الكولسترول في الدم. يقول براين باركس، أستاذ في العلوم الغذائية في جامعة "ويسكونسن ماديسون": "للأسف، لا نفهم بالكامل بعد طريقة تأثير هذه الاختلافات الوراثية على الخصائص الفردية، لا سيما معدل الكولسترول أو البدانة".

أشرف باركس على البحث الجديد وقد تفسّر النتائج التي توصّل إليها جزئياً احتمال أن يرث البعض مشكلة ارتفاع الكولسترول في الدم. يسلّط البحث الضوء على جينة تكبح في الحالات العادية إنتاج الكولسترول في الكبد عند استهلاك كميات كبيرة من الكولسترول الغذائي.

ارتكز البحث على دراسات استكشفت قواعد بيانات ضخمة عن تسلسل الجينوم بحثاً عن الروابط بين التغيرات الجينية وخصائص محددة، منها اضطرابات صحية متنوعة. صحيح أن هذه الدراسات تستطيع حصر البحث، لكنها تعجز عن رصد الجينات الفردية المسؤولة عن المرض.

يوضح باركس: "يمكننا أن نجري هذا النوع من الدراسات الكبرى على 500 ألف شخص ونستطيع تحديد مناطق الجينوم المرتبطة بالاختلافات في كولسترول الدم مثلاً. لكن تسمح هذه المقاربة بتسليط الضوء على جانب محدد ولا تكشف عن الجينة أو المسار الكامن وراء ذلك الرابط".

طوّر باركس وفريقه تقنية جديدة لحصر نطاق البحث، وهي تجمع بين القوة الإحصائية للدراسات المرتبطة بالجينوم وتفاصيل دقيقة من دراسات حيوانية. تتكل هذه التقنية على التداخل الوراثي البارز بين الفئران والبشر. في المتوسط، يتقاسم جينوم الفئران والبشر 85% من التسلسلات الجينية، باستثناء الحمض النووي غير المرغوب فيه، أي النوع الذي لا يشفّر البروتينات ولا يقوم بأي وظائف معروفة.

حلل الباحثون في البداية أكباد الفئران في المختبر ورصدوا شبكة من 112 جينة مرتبطة بتركيب الكولسترول. ثم فتشوا قواعد بيانات الجينوم البشري لتحديد الجينات التي تتداخل مع سلاسل الحمض النووي التي ربطها الباحثون بارتفاع مستويات الكولسترول لدى البشر. ساعدتهم هذه العملية على رصد 54 جينة، وقد برز 25 منها لأن دورها في تفكيك الكولسترول أو الدهون كان مجهولاً في السابق. ثم سمحت جولة أخرى من الاختبارات بحصر البحث ورصد جينة "سيسترين 1".

إكتشف الباحثون لاحقاً أن هذه الجينة قد تعطّل عملية تركيب الكولسترول في الكبد حين توفر الحمية الغذائية كميات مناسبة من الكولسترول. وعندما أزالوا تلك الجينة من أكباد الفئران، عجزت الحيوانات عن تنظيم مستويات الكولسترول في دمها. ثم ارتفعت نسبة الكولسترول لديها رغم تلقّيها حمية تحتوي على كميات صحية من تلك الجزيئة. يؤكد العلماء على ضرورة إجراء دراسات أكبر حجماً للتأكد من هذه النتائج. لكنهم يظنون أن تقنية الجمع بين بيانات الفئران والبشر تستطيع رصد جينات أخرى ترفع احتمال الإصابة بأمراض محددة. يمكن توسيع هذه التقنية كي تشمل خصائص أخرى مثل البدانة برأي باركس.

في النهاية، قد تمهّد هذه الطريقة لظهور ابتكارات جديدة لتطوير الطب الشخصي أو الدقيق، حيث يختار الأطباء معظم العلاجات الفاعلة للناس بحسب مواصفاتهم الوراثية.