باميلا أندرسون... جيلٌ جديدٌ من المعجبين

02 : 00

تعيش باميلا أندرسون، في عمر السادسة والخمسين، «نهضة» جديدة في مسيرتها. بدأ كل شيء في بداية العام 2023، حين أصدرت فيلمها الوثائقي Pamela: A Love Story (باميلا: قصة حب)، إلى جانب مذكراتها Love, Pamela (حب، باميلا)، ونشرتها الرقمية. توسّعت الضجة التي أحدثتها أندرسون حين بدأت الشائعات تنتشر حول مشاركتها في الموسم الثالث من مسلسل The White Lotus (اللوتس الأبيض). وعندما عادت للظهور على السجادة الحمراء، استرجع الكثيرون ذكريات قديمة عن أكثر ما اشتهرت به.



أصبحت المقاطع التي تُعلّم الناس كيفية تصفيف الشعر على شكل كعكة فوضوية من فترة التسعينات من بين الفيديوات الأكثر رواجاً في الفترة الأخيرة. وتنتشر صور حاجبَيها الرفيعَين وعينيها المكحّلتين باللون الأسود الداكن في صفحات صانعي المحتوى اليوم. هي تعتبر ما يحصل مضحكاً لأن ابنَيها، براندون توماس وديلان جاغر لي، هما من لفتا نظرها إلى ما يحصل.

اليوم، لا تزال أندرسون على طبيعتها، لكنها تعزف أوتاراً مختلفة هذه المرة. هي تبدو رقيقة وخفيفة، وكأنها تخلصت من أعباء ثقيلة، وتُقهقه بشكلٍ متكرر، وتزيل خصل شعرها الشقراء عن وجهها بدرجة من اللامبالاة. هي تتحرك بلا توقف، ويضجّ جسمها بحيوية غير مسبوقة. حتى أنها تتمتع بطابع هادئ وساحر لا يمكن وصفه، لدرجة أن تناسبها الحياة في منزل بسيط داخل غابة مسحورة. هي قررت أصلاً العودة إلى منزل عائلتها في جزيرة «فانكوفر». ربما أثّر عليها ابتعادها عن لوس أنجليس أو الحكمة التي اكتسبتها مع التقدم في السن، لكنها تتكلم اليوم بثقة فائقة. على عكس ما كانت عليه في شبابها، هي تخبر قصتها الآن بكل سلاسة، وهو مشهد يستحق الإشادة.

تقول أندرسون: «كنتُ أعلم دوماً أن الظروف ستتحسن مع مرور الوقت. لكني لم أعرف توقيت حصول ذلك. إنه وضع جميل لم يسبق أن اختبرتُه يوماً».

نشأت أندرسون في كندا، وهي تعترف بأنها لم تكن «الأميرة الجميلة» التي رغبت فيها والدتها. عندما كانت أمها تهتم بمظهرها على أكمل وجه، انشغلت أندرسون باللعب بالوحل. لكن لا يعني ذلك أن والدَيها لم يؤثرا عليها. تتذكر أندرسون أن والدتها كانت تقول لها: «لا وجود للجمال الطبيعي في الحياة. يتطلب الجمال تمضية ساعة كاملة على الأقل أمام المرآة. وتصبح المرأة أكثر قوة حين تكون جميلة». عند سؤالها عن تأثير ذلك الكلام عليها، تتطرق أندرسون إلى عواقب تلك الأفكار في حياتها لكنها تعجز عن التعبير عن طبيعة تلك الآثار بكلمات واضحة.

في العام 1989، أثبتت أندرسون أن الشاشات الضخمة التي تُستعمل في الملاعب لا تقتصر على تقريب الصورة من الحاضرين بطريقة مزعجة. هي تشيد بجيرانها في تلك الفترة لأنهم جلبوا لها تذاكر لحضور مباراة كرة قدم لفريق «بوسطن كوليدج». بعد ردود أفعال الناس على صورة أندرسون التي ظهرت على الشاشة الضخمة خلال المباراة وهي ترتدي قميصاً قصيراً، تلقّت عرضاً من مصنع بيرة للظهور في حملته الإعلانية المقبلة. ثم تواصل معها مسؤولون من مجلة «بلاي بوي» بعد فترة قصيرة وعرضوا عليها الظهور على غلاف تشرين الأول 1989.

لكن برزت مشكلة في شعرها. لم تكن أندرسون تنوي في الأصل أن تكون شقراء. حين كانت في طريقها إلى موقع تصوير مجلة «بلاي بوي»، استعملت كمية مفرطة من رذاذ تفتيح الشعر على شعرها البنّي الطبيعي، فتحوّلت خصل شعرها إلى لون أشقر فاتح. تدخّل فريق «بلاي بوي» فوراً واخترع تلك الشقراء المثيرة التي اشتهرت عالمياً. تقول أندرسون: «حصل هذا التحوّل بوتيرة تدريجية لكن بسرعة أيضاً. في موقع التصوير، انشغل الفريق بتصفيف شعري ووضع المكياج على وجهي، فتحوّلتُ إلى شخص مختلف. ذلك المظهر أعطاني الثقة التي أحتاج إليها كي أجسّد شخصية مختلفة أمام الكاميرات».

هي تعتبر أول جلسة تصوير لصالح مجلة «بلاي بوي» تجربة قوية غيّرت حياتها بالكامل: «لم أكن أشعر بأنني مسؤولة عن نفسي أو عن الأحداث السابقة في حياتي (في إشارة محتملة إلى الاعتداء الجنسي الذي تعرضت له في عمر مبكر). لقد أردتُ بكل بساطة أن أتحرر من ذلك الخجل المؤلم، وفكرتُ بأن أطلق العنان لنفسي والتصرف بجنون هو الحل الوحيد لتحقيق ذلك الهدف».

في زمن مسلسل Baywatch، أصبحت أندرسون من أشهر نساء العالم، وباتت الممثلة الأعلى أجراً في ذلك المسلسل التلفزيوني الذي حصد أعلى نِسَب مشاهدة في تلك الفترة، وتحوّلت إلى أيقونة في عالم الموضة. لم تكن البساطة جزءاً من قاموس هذه النجمة يوماً. هي لم تلجأ إلى مصمم أزياء لمساعدتها، بل كانت تختار ملابسها بنفسها، فارتدت الدانتيل الشفاف، والسراويل الجلدية، والمشدّات الضيقة، والترتر البرّاق الذي يعمي النظر، ولا ننسى قبعات الفرو طبعاً. هي تحتفظ بهذه الأزياء كلها اليوم في مستودع قد ينافس منزل أحلام «باربي». هي تعتبر ما كانت ترتديه عصرياً وجريئاً، فتقول بأسلوب لامبالٍ: «لقد أردتُ أن أستمتع بوقتي بكل بساطة وأن أرتدي الأزياء التي تعجبني. كنتُ أختار تلك الملابس للظهور بصورة سخيفة وللترفيه عن نفسي».






لكنها تتعامل مع السجادة الحمراء بجدّية متزايدة اليوم، أو يتولى أحد أبنائها هذه المهمة عنها. عندما حان وقت العرض الأول لفيلم Pamela: A Love Story، أصرّ براندون، وهو أحد منتجي الوثائقي، على أن تستعين بمصمم لمساعدتها على اختيار ملابسها لأنه لم يكن واثقاً من اللباس الذي ستظهر به. تضحك أندرسون حين تتكلم عن تلك الحادثة كأي أم معتادة على انتقادات أولادها. هي تتعاون راهناً مع ريبيكا رامسي التي غيّرت أسلوب أندرسون وأعطته طابعاً فخماً محوره البدلات الفاتحة، والسترات الدافئة، والأثواب السوداء القصيرة.

ومثلما انتقلت أندرسون من ثوب السباحة المشهور في مسلسل Baywatch إلى ثوب أحمر بسيط، بدأت تسترجع الآن سيطرتها على القصص المتداولة عنها بمساعدة ابنَيها. هما يقولان لها إن أحداً لا يعرفها على حقيقتها، بل يكتفي الناس بمشاهدة تلك الشخصية الكرتونية على الشاشات. هي تشعر أصلاً بأنها جسّدت تلك الأدوار المختلفة على مر حياتها.

تتطابق بعض الشخصيات مع حقيقتها كأمّ وكاتبة وناشطة. لكن فُرِضت عليها أدوار أخرى رغماً عنها. هذا ما حصل حين أصبحت جزءاً من ثنائي مشهور لا يكف عن الظهور في صحف الفضائح، أو عندما ظهرت كنجمة في شريط جنسي مسروق من دون علمها. لكنّ هذا الفيديو جعلها تتحمل أسوأ الانتقادات على المستوى الوطني فيما كانت وسائل الإعلام تعتبرها أصلاً مجرّد شخصية كاريكاتورية مثيرة. استعمل مقدّمو برنامج Late Night Show جسمها لإلقاء النكات في عدد هائل من المشاهد، حتى أن أحد المحامين أخبرها بأنها لا تستطيع المطالبة بأي شكل من الخصوصية لمجرّد أنها ظهرت في مجلة «بلاي بوي».





اليوم، يسهل أن يوجّه الناس أصابع الاتهام إلى وسائل الإعلام التي تستحق جميع الانتقادات التي تطاولها، لكن لا تريد أندرسون أن تعيد نبش الماضي. هي تكتب في مذكراتها أن «هذا الكتاب لا يشمل أي مشاعر ندم»، بل إنه يتطرق إلى الفكرة القائلة إن المرأة تعتاد بطريقة ما على التكيّف مع المواقف المزعجة. تضيف أندرسون: «أحياناً، قد نشعر بالصدمة من رأي الآخرين عنا لدرجة أن نتخطاه بسهولة. يكفي أن ننظر إلى ذلك الشخص ونعتبره مجرّد روح مجروحة».

سئمت أندرسون من تلقي أسئلة حول جسمها وحياتها العاطفية، فقررت أن توجّه الأنظار نحو مسألة أكثر أهمية مثل حقوق الحيوان، وهي تُركّز على هذا الملف منذ فترة. توضح أندرسون: «أحب أن أشارك في هذه النشاطات بنفسي. حملات الهاشتاغ على تويتر ممتازة، لكني أعتبر التحركات الملموسة على أرض الواقع أقوى بكثير». هي تستعمل «مؤسسة باميلا أندرسون» (منظمة غير ربحية تحارب لحماية حقوق الإنسان والحيوان والبيئة) لتحقيق هذا النوع من الأهداف، فهي زرعت الأشجار حول العالم، وتكلمت في جميع المنصات البارزة، بدءاً من جامعة «أكسفورد» وصولاً إلى الكرملين في روسيا، كما أنها ظهرت في مجموعة متنوعة من حملات منظمة «بيتا» للدفاع عن حقوق الحيوان. تضيف أندرسون: «أريد أن أكون صلة وصل بين الناشطين المتطرفين والآخرين لأن هذا النوع من النشاطات بدأ يكسب سمعة سيئة. لا أريد أن أطالب الناس بأن يصبحوا نباتيين، بل أفضّل الاحتفال بأهمية الخضار».

هي تنوي تطبيق المقاربة نفسها في مسلسلها الجديد Pamela’s Cooking With Love (باميلا تطبخ بكل حبّ)، على شبكة «فود نيتوورك كندا». من المنتظر أن يصدر المسلسل في العام 2024، وستظهر فيه وهي تتعاون مع كبار رؤساء الطهاة وهم يحضرون وجبات وقوائم طعام نباتية. سنشاهدها أيضاً في الموسم الثاني من مسلسل Pamela’s Garden of Eden (جنة عدن الخاصة بباميلا) الذي يتابع مساعي النجمة لإعادة ترميم عقارها في مقاطعة «كولومبيا البريطانية» في كندا. تعترف أندرسون بأنها لم تندمج بما يكفي مع مجريات الموسم الأول، لكنها مغرومة بنفسها الآن: «لقد عشتُ تجارب حب كثيرة في حياتي، ولا أظن أنني سأبقى وحيدة في أيامي المتبقية. لكني أعتبر هذه الفترة فرصة للتعرف على ذاتي. إنها مرحلة بالغة القوة، وقد أصبحتُ متصالحة مع نفسي».

ما بين التكلم عن والدتها وفيلم الكوميديا الرومانسية المفضل لديها (إنه فيلم Amélie!)، تلاشى توترها في هذه المقابلة وبدأت تتصرف على طبيعتها. على غرار العجينة التي تحب خَبْزها، تبدو أندرسون اليوم حيوية ورومانسية ومن الواضح أنها عادت إلى الساحة بقوة. في النهاية، تأتي الأشياء الإيجابية لأولئك الذين ينتظرون!


MISS 3