"القومي" يوضح: حزبنا تميّز بوحدته وبثباته على مبادئه ونهجه الصراعي

02 : 00

"نشرت جريدتكم في عددها الصادر يوم الجمعة 29 أيار 2020 ـ الصفحة السابعة، مقالاً للأستاذ جورج العاقوري، يستعرض فيه "وقائعَ" جزئية يحاذر أي كاتب البناء عليها لتقديم وجهة نظر، خصوصاً متى تعلقت بحزب عقائدي عريق صانع للحدث ويحمل مشروعاً نهضوياً للأمة.

بالتأكيد "تشكل الأحزاب بمفاهيمها الحديثة والمرنة حاجة سياسية"، لا بل أكثر من ذلك، هي نقطة ارتكاز لترقية الحياة السياسية والمدنية، وتعميق القيم الأخلاقية في المجتمعات، شرط أن تتأسس على مبادئ وأهداف واضحة. وهل هناك أسمى من الوحدة الروحية ـ الاجتماعية ونهج الصراع دفاعاً عن الأمة وتثبيتاً لحقها وسيادتها، في مواجهة الإرادات الاستعمارية وأطماعها؟ وهاتان الغايتان الساميتان واضحتان في جوهر غاية الحزب "السوري القومي الاجتماعي" ومبادئه.

لقد تعمّد كاتب المقال تقديم "مشهديات" مجتزأة وهذا يؤدي حكماً إلى استنتاجات مغايرة للواقع.

إن تركيز الكاتب على حالات باهتة، واعتبارها "إنقسامات"، واستحضاره محطات داخلية مرّ بها الحزب تاريخياً، كل هذا لا يشكل أساساً للزعم بأن الحزب "القومي" مصاب بـ "مرض عضال" منسوب إلى "فقدان وحدته"، ذلك لأن "الماء تكذب الغَطّاس". فـ"الحزب القومي" تميّز بأنه حقق وحدته، وبحضوره المؤثر وبثباته على مبادئه وخياراته السياسية والنضالية، ويمكن للكاتب أن يقرأ المراحل جيداً ليكتشف أن الحزب كان شريكاً طليعياً في صناعة الحدث، وأنه الجهة الوحيدة التي وقفت بوجه النظام الطائفي في لبنان، لأنه علّة العلل، ورغم مُر العذابات التي كابدها القوميون قتلاً واعتقالاً، صمد الحزب وبقيت قضيته متألقة في راهنيتها.

وللتذكير فقط، فإن الحزب أطلق مقاومة شرسة ضد الاحتلال الإسرائيلي للبنان العام 1982، بدءاً من عملية سوق الخان في حاصبيا 21 تموز 1982 والتي قوضت شعار العدو (سلامة الجليل) الذي اطلقه على اجتياحه للبنان، مروراً بعملية الويمبي 24 أيلول 1982 التي شكلت فاتحة تحرير العاصمة، إلى العمليات الاستشهادية النوعية، بموازاة محاربة عملاء العدو وكسر شوكتهم في لبنان وتصفية مشروعهم التقسيمي التفتيتي الذي وضعه العدو لضمان انتقال لبنان الى ضفته، وبالتالي تزييف انتمائه وحقيقته ودوره.

وعليه، فإن "التشخيص" الذي توصل اليه الكاتب في خاتمة مقاله، قد يكون مأخوذاً من "موسوعة النظريات" التي تقوم على فرضية تحويل الأمنية إلى حقيقة. إن حزباً يحقق انجازات مشهودة كالتي تحدثنا عن بعضها لا يمكن نعته بتوصيفات كالتي اطلقها الكاتب. ولذلك فإن المرض العضال، يصيب حصراً القوى الطائفية والانعزالية التي شكلت خلايا عسكرية وأمنية للخطف والقتل على الهوية، واستخدمت بندقيتها المأجورة لصالح مشروع تقسيم لبنان تمهيداً لشرذمته.

اللافت أيضاً أنّ الكاتب تطرق لما اسماه "ظاهرة العومية" و "المتاريس الطائفية"، و"تقلُّص جمهور الحزب"، وهو عن خلفية غير بريئة زجّ بأسماء اشخاص مقدّرين تبوأوا مناصب وزارية ونيابية على أنهم قوميون، بانياً على تلك الخلفية إدعاء نزوح قومي نحو العونية... إنها حقاً لمفارقة!

يزعم الكاتب أن حضور نواب الحزب "القومي" في اللقاء الذي عقد بمطرانية بيروت للروم الأرثوذكس على أنه انزياح عن مبدأ "فصل الدين عن الدولة"، في حين أنّ اللقاء المذكور هو نتيجة تداول بين نواب في البرلمان اللبناني يمثلون الشعب من دون تمييز، وأن حضور نواب من الحزب "القومي" اتى في سياق أخذ اللقاء نحو الاتجاه الوطني، لكن للأسف، كُثُر هم الذين يريدون استنساخ "قرنة شهوان" في كل الطوائف والمذاهب. أما بما خصّ "تقلص جمهور الحزب القومي"، وحرص الكاتب على تظهير ارقام مرشح "القوات اللبنانية" في الكورة فادي كرم، فهنا بيت القصيد، لكنْ لعلم الكاتب إن قانوناً انتخابياً قائماً على النسبية والدائرة الواحدة هو الذي يحدد حقيقة الأحجام والأوزان الحقيقية، وليس قانوناً تم استيلاده من رحم النظام الطائفي الذي هو علة العلل.

على كل حال، فإن أحداً لا يستطيع وضع الحزب "السوري القومي الاجتماعي" في خبر كان، وما من أحد مؤهل أن يرى الحزب بمعزل عن مؤسسه، لأنه إذا كان من ميزة للحزب "القومي"، فهي ثباته على الفكر والنهج الصراعي، تماماً كما أراده سعاده، حزباً للمستقبل وللحياة الحرة العزيزة".

MISS 3