مايز عبيد

كرّ وفرّ وشائعات بين السلطة والثوّار... وحشد اليوم هو الفيصل

6 حزيران 2020

02 : 00

إستغرق يوم أمس الجمعة الكثير من المباحثات والمشاورات في صفوف الثوّار، تحضيراً للمشاركة المنتظرة في تظاهرات اليوم في وسط بيروت، ولأجل أن تكون المشاركة الشمالية بشكل عام والطرابلسية بشكل خاص، مهمّة وفعّالة. وفي هذا الإطار، كان يجري التحضير لاعتصام في ساحة النور من قِبل إحدى المجموعات الناشطة في الساحة، تنديداً بالأوضاع المعيشية، فتمّ تأجيله لعدم تضييع الجهود، والإنكباب على التحضير لتظاهرة بيروت وإنجاحها.

طوال نهار أمس الجمعة، لم تتوقّف الحملات الدعائية على وسائل التواصل الإجتماعي والشائعات عن إلغاء التظاهرة في بيروت. عشرات الأخبار كانت تُنقل بين الفينة والأخرى، عن تراجع مجموعة من هنا عن المشاركة، وانسحاب أخرى من هناك، بالتزامن مع الحديث عن أن تظاهرة السبت لن تمرّ على خير، وهناك مجموعات مُندسّة دخلت على الحراك لافتعال الأحداث الأمنية من أجل تخريبه. هذه المعلومات عزّزتها مُعطيات أمنية، وصل بعضها إلى ناشطين ومُهتمّين، وكانت نصائح بعدم المشاركة لئلا تتحمل أي مجموعة، مسؤولية أي خلل أمني قد يحصل على الأرض.

مرجع أمني شمالي أكّد لـ"نداء الوطن" أن هناك وثائق أمنية لدى الأجهزة المعنية تُفيد بدخول مجموعات تخريبية على خط التظاهرة لافتعال الأحداث، وأن مجموعات إلكترونية تابعة للسلطة تُروّج منذ يومين إلى إلغاء تظاهرة 6 - 6 وانسحاب المجموعات المختلفة منها، لأن أهدافها ليست بريئة، وأن عنوانها العريض نزع سلاح "حزب الله"، قد جاء مباشرة من السفارة الأميركية إلى المنظّمين في كل المناطق ليسيروا فيه".

على المقلب الشمالي المحلي، كان لهذه الشائعات والأخبار المتداولة أثر ليس بقليل، ما استدعى عدداً من الإجتماعات في صفوف الثورة، لا سيما في ثورتي طرابلس وعكّار، لاتّخاذ الموقف بالمشاركة من عدمها، حيث عُقد اجتماع ثوري في حلبا أيضاً لمناقشة هذه المستجدّات والتنسيق حيالها. واختلفت الآراء في صفوف المجموعات الثورية، بين من يُريد المشاركة، ومن لا يُريد. لكنّ الجميع مُتوجّس من الهاجس الأمني الذي بثّته الشائعات.

باختصار، كان نهار الجمعة حافلاً بتبادل الإتهامات. فالمجموعات الثورية تتّهم السلطة والأجهزة بتخويف الناس حتى لا يشاركوا، والسلطة ومن خلفها، يتّهمون الحراك بتلقّي أوامر وتنفيذ أجندات السفارات وشعاراتها. هذا الإنقسام عكسته أمس وقفة احتجاجية نُظّمت في ساحة النور ضدّ السلاح غير الشرعي، وتطبيقاً للقرار 1559، حيث عمل الجيش اللبناني على الفصل بين مؤيدين ومعارضين للتظاهرة.

الناشط في ثورة عكّار مختار ببنين زاهر الكسار الذي أعلن عبر "نداء الوطن" مشاركته في تظاهرة اليوم قال: "من أول يوم نزلنا إلى الثورة كانت أهدافنا وطنية مُشتركة بعدما أوصلتنا السياسة إلى ما وصلنا إليه من أزمات. خوّفونا في السابق من "كورونا" ليتّضح أنّهم يُريدون تطيير الثورة. وها هي اليوم السلطة نفسها تعمل على زرع الفتن في صفوف الثوّار والمجموعات وبثّ الإشاعات المُغرضة، من أجل تفشيل هذا اليوم الوطني، وتخويف المواطن الفقير من هاجس أمني ما، حتّى لا ينزل إلى الساحات مُطالباً بالعيش بكرامة".

في الواقع، كان لتوقيف الناشط ربيع الزين عشيّة التظاهرة، دور سلبي في توحيد الجهود بين المجموعات الثورية. وللتضامن معه ومع باقي الثوّار المعتقلين، نفّذ عدد من الناشطين اعتصاماً أمام قصر العدل في طرابلس، ورفع المعتصمون اليافطات المُندّدة بالتوقيف، مُطالبين القضاء بالإفراج عنهم. وقد ضرب الجيش اللبناني والقوى الأمنية طوقاً على مداخل سراي طرابلس وقصر العدل. وأُلقيت كلمات "ندّدت بالإعتقالات التي تطال الناشطين من قِبل السلطة وأجهزتها، وذلك من أجل القضاء على الثورة وإفشال تحرّك 6 - 6".

يبقى السؤال الذي ستُجيب عنه مجريات هذا النهار: هل تنجح تظاهرة اليوم في الحشد الشعبي فتكون الثورة قد سجّلت هدفاً هجومياً في ملعب السلطة؟ أم تنجح السلطة في إفشال التحّرك فتكون قد ضربت الثورة، التي تتحضّر لانطلاقة جديدة أقوى في مرحلة ما بعد "كورونا"، في مقتل؟