ريتا ابراهيم فريد

شباب تخطّوا فترة الحجْر عبر الكتابة: "مسؤوليتنا أن ننشر الإيجابية"

10 حزيران 2020

02 : 00

لم تمرّ فترة الحجر التي فرضتها جائحة الكورونا مرور الكرام على قسم كبير من اللبنانيين. فإلى جانب الأثر الإقتصادي الذي تسبّبت به عبر توقّف معظم الأعمال، ألقت بتأثيرها النفسي أيضاً على عدد كبير من الشبان والشابات. إلا أنّ البعض منهم اختار أن يستفيد من هذه الفترة لتطوير موهبته في الكتابة أولاً، ولنشر الوعي والأمل ثانياً. وفي وقت كان المجتمع محاطاً بأجواء سلبية، ويعاني بغالبيته من القلق، استطاع هؤلاء الشباب أن يستحضروا الإيجابية ويترجموها في كتابات نشروها عبر مواقع التواصل الإجتماعي.


إيلي زغيب: الفترات الصعبة تدفعني أكثر نحو الكتابة


أنشأ إيلي زغيب صفحة على الفيسبوك تحمل إسم "ع-الورق"، وهي تضمّ اليوم أكثر من مئة وتسعين ألف متابع، إضافة الى حساب على الإنستغرام يضمّ أكثر من اثنين وعشرين ألف متابع، حيث ينشر كتاباته التي تلاقي تفاعلاً كبيراً. وإذ يسعى إيلي حالياً لأن ينجز كتابه، يشير الى أنّ فترة الحجر ساعدته على التركيز أكثر على الكتابة، بغضّ النظر عن التوتّر الدائم الذي نعيشه جميعنا، مؤكّداً أنّه إنسان واقعيّ بطبعه، وإيجابي في المكان المناسب، لكنه لا يمنح نفسه معنويات وهمية. ويشير الى أنّ تفاعل الناس مع كتاباته يمنحه طاقة إيجابية، وشعوراً بأنه قريب من القارئ بخاصة في المواضيع التي يقرّر مشاركتها مع الناس. ويضيف أنّ الطاقة السلبية التي تحاوطنا في هذه الفترة هي التي تدفعه أكثر نحو الكتابة، حيث أن الأفكار لا تأتيه من موقع راحة أو سعادة. ويوضح: "كل ما حصل معنا في الفترة الأخيرة أكّد لي أننا شعب اعتاد على الأوضاع الصعبة. وأننا في أقسى الظروف التي نمرّ بها، قادرون على إيجاد طريقة للمضيّ قدماً، مهما كان حملنا ثقيلاً".

وعن المسؤولية الملقاة على الكتّاب في هذا الوضع، قال إيلي: "أنا شخصياً لا أكتب لأني مجبر على الكتابة أو بهدف نشر الرسائل. والفنّ بالنسبة لي ليس بالضرورة أن يكون دوماً رسالة". واعتبر إيلي أنه سيفقد الشفافية إذا حدّد هدفاً لكتاباته، التي ستكون حينها مجرّد صفّ للكلمات، وهذا الأمر قد يحبطه. وتابع: "لكن من ناحية أخرى، يمكننا أن نستعمل صفحاتنا على مواقع التواصل لنشر الإيجابية، وليس بالضرورة عبر الكتابات".






إيلي مكرزل: الكتابة أعطتني أملاً بأنّ الغد سيكون أفضل


منذ بداية الحديث عن الحجر المنزلي، شعر إيلي مكرزل بالخوف من هذا الموضوع، لا سيما أنّه معتاد على نمط حياة معيّن. لكنه قرّر استغلال هذه الفترة وتحويلها الى مصدر يترك أثراً إيجابياً لدى المحيطين به. وكي يتخطّى فترة الحجر، بدأ يكتب بأسلوب مختلف لم يكن يتّبعه من قبل. إختار مواضيع جديدة تتعلّق بالكورونا أو بالوضع الاقتصادي. وحيث أنّ معظم المتابعين أمضوا معظم أوقاتهم خلال فترة الحجر على مواقع التواصل الإجتماعي، ازداد التفاعل مع منشوراته. ويشير الى أنه لامس إعجاب الكثيرين وتماهيهم مع ما يكتب وكأنّه يتحدّث بلسانهم، بخاصة أنّ معظمهم لا يمتلك القدرة على التعبير عن أفكاره وأحاسيسه. ويقول: «حاولتُ أن أدمج الحياة الجديدة التي فرضت علينا مع القليل من الأمل بحياة جميلة. ولهذا السبب تفاعل الناس مع كتاباتي. في النهاية نحن بشر. وكل شخص قد يصل الى مرحلة يأس أو ملل. لكن الأهمّ أن نتمكّن من تخطّي الأزمة. وأنا أؤمن بأننا نمتلك القدرة على جعل الأمور تؤثر علينا سلبياً أو ايجابياً. فقد استطعت أن أترجم كل الأحاسيس التي أمرّ بها من خوف وقلق وأمل وفرح وحتى المواضيع الوطنيّة، وتمكّنت أن أخرج من هذه الحالة التي نمرّ بها بأقلّ خسائر ممكنة». وإذ يؤكّد إيلي أنّ الكتابة أعطته طاقة فرح لا يمكن وصفها، أشار الى أنها منحته أيضاً أملاً كبيراً بأنّ الغد سيكون أفضل، وهذا ما عبّر عنه في كتاباته. ويشدّد على أن الكتّاب يتحمّلون مسؤولية كبيرة لأن المتابعين يتأثّرون بكلماتهم، ومن هُنا لا بدّ من أن يتقن الكاتب اختيار المواضيع والكلمات وطريقة الطرح.






كاتيا سعد: الكتابة علاج ذاتيّ ومصدر للطاقة


تعتبر كاتيا سعد أنّ الكتابة نعمة إلهية في الدرجة الأولى. وتؤكّد أنّها من الأشخاص الذين يحبّون نشر التفاؤل حتى خلال الأوقات الأشدّ سلبيّة. كاتيا التي تعيش في فرنسا، تشير الى أنها تحاول دوماً الخروج من القوالب التقليدية والأحكام المسبقة، وأن تكتب بطريقة حرّة. وكونها صحافية، فهي، إذاً، في صلب هذا المجال. أما في ما يتعلق بفترة الحجر الذي فرضه فيروس كورونا، فلفتت سعد الى أنها استفادت منه كي تكتب عن الحجر بطريقة إيجابيّة، وتحديداً عن كيفية الاستفادة منه. وأكّدت أنّ التفاعل مع منشوراتها ازداد خلال هذه الفترة، «لأن القرّاء باتوا يملكون وقتاً أكبر لتصفّح مواقع التواصل الإجتماعي، أو ربما لأنهم يبحثون عن بارقة أمل إيجابية في ما نكتب. علماً أن هناك عدداً كبيراً من الناس الذين لا يحبّون القراءة ويكتفون بقراءة سطرين أو حتى العنوان فقط»، حسب قولها. وتابعت: «أعتبر أن الكتابة تمدّني بالطاقة الإيجابيّة، وهي علاجي الذاتيّ ومصدر طاقتي». وإذ لا تخفي أنها شخص مزاجيّ وعصبيّ، تشير في المقابل الى أنّ الكتابة تساعدها على التخلص من الطاقة السلبية. لذلك تنصح أصدقاءها، في حال كانوا منزعجين من أمر ما، أن يكتبوا حتى لو عادوا ومزّقوه لاحقاً. هذا وترى أنّ مسؤوليتها أن تكون صادقة في كتاباتها، وتوضح: «إذا لم أكن مقتنعة فحتماً لن تصل فكرتي بالشكل الذي أريده. الكتّاب عادة يصبحون قدوة لأشخاص آخرين، فيعجبون بأفكارنا وكتاباتنا، وقد يجدون أن بعض الأفكار تشبههم. وهذا يمدّ القراء بالإيجابية ويزيد من نسبة الوعي. وقد تغيّر الكتابة بعض الأفكار وبعض الأحكام المسبقة والسلبيّة وبالتالي تساهم في تغيّر المجتمع».





وائل كنعان: علينا أن نصل الى عمق القارئ كي ندفعه الى التفاؤل

مع بداية فترة الحجر، توقّف وائل كنعان عن مزاولة عمله. فاتخذ قراره بتطوير كتاباته وتحسين لغته العربيّة. قرأ كتب قواعد وإملاء وأعاد دراستها. وسعى في الوقت نفسه الى المحافظة على استمرارية نشر الجمل القصيرة المترافقة مع الصور، التي كان ينشرها سابقاً على صفحاته. وفي ظلّ حالة القلق والإحباط التي نعيشها، استحضر وائل الطاقة الإيجابية من خلال تواصله مع أشخاص جدد لديهم شخصيات مميزة. سجّل ملاحظاته، وحاول أن يعيش الحالة التي مرّوا بها كي يترجمها بالكتابة. ويوضح: «حاولتُ التركيز على هذه الناحية كي أبتكر نوعاً جديداً من الكتابات. شعرتُ بالحماس أكثر من الفرح. وفي فترة الحجر كان لدينا الوقت الكافي إما للتواصل مع أشخاص جدد، أو لاكتشاف نواحٍ جديدة أو طريقة تفكير في شخصيات نعرفها».

وعن المسؤولية الملقاة على الكاتب في ظلّ هذه الظروف الصعبة، يقول وائل: «يُقال أننا نعيش اليوم في عصر مواقع التواصل الإجتماعي، لكني أرى أنه عصر المحتوى الذي يصل من خلال هذه المواقع. وأي شخص يقدم محتوى، سواء مقاطع فيديو أو صور أو أغنيات أو كتابات، عليه أن يتحمل مسؤولية كبيرة. والإنسان بالعادة يتواصل مع الكتابات بطريقة شخصية جداً، كونها تدخل الى عمقه وقلبه، وهنا تكبر المسؤولية عند الذي يكتب، حيث عليه أن يصل الى عمق القارئ بطريقة تغير له نظرته للأمور وطريقة تعاطيه مع ما يحدث معه. كما أنّ مسؤوليتنا ككتّاب تكمن في أن ندفع من يقرأ كلماتنا الى التفاؤل أكثر وتخطي هذه الأزمة. هذا وعلينا أن نستمر في تقديم المحتوى الذي اعتاد عليه المتابعون، كي يشعروا أن كل شيء طبيعي والأسوأ سينتهي قريباً».






MISS 3