Corona Awareness

دواء للسرطان لتخفيف أخطر التهابات "كوفيد - 19"!

02 : 00

انطلقت تجربة عيادية دولية بعدما حقق دواء سرطان يستهدف سبب الالتهابات القوية نتائج واعدة في الدراسات الأولية! عند الإصابة بحالة خفيفة أو معتدلة من فيروس "كوفيد - 19"، يتحسن وضع المرضى لفترة وجيزة أحياناً قبل أن يتفاقم بشكلٍ مفاجئ. قد يصاب هؤلاء المرضى لاحقاً بمشاكل تنفسية خطيرة أو متلازمة الضائقة التنفسية الحادة.

يفترض العلماء أن الفيروس يستطيع إطلاق استجابة مناعية مفرطة، رغم السيطرة على العدوى، ما يسبب التهاباً فائقاً في الرئتين وأعضاء أخرى.

يبدو أن هذا النوع من الاستجابات المناعية يبدأ حين تتعرف البلاعم (مستقبلات في الخلايا المناعية) على المادة الوراثية الخاصة بفيروسات مثل كورونا، فتطلق في هذه الحالة كمية هائلة من الجزيئات التي تحمل إشارات مناعية واسمها السيتوكينات. يبدو أن سيل السيتوكينات هو المسؤول عن الالتهاب المفرط الذي يضرّ بالرئتين وأعضاء أخرى لدى المصابين بحالات حرجة. في الوقت الراهن، ما من علاج مثبت للوقاية من تلك الأضرار أو عكس مسارها.

تشمل البلاعم أنزيم "كيناز التيروسين بروتون" الذي يطلق فيضاً من السيتوكينات. يُستعمل دواء أكالابروتينيب الذي يكبح نشاط هذا الأنزيم لمعالجة بعض أنواع سرطان الدم.

أهمية تخفيف الالتهابات

اكتشف الباحثون في "معهد السرطان الوطني" في الولايات المتحدة أن دواء أكالابروتينيب قد يخفف حدة الالتهاب لدى المصابين بحالات خطيرة من "كوفيد - 19" بما أنه قادر على كبح "كيناز التيروسين بروتون". لاختبار سلامة الدواء وفاعليته في هذا الإطار، تعاون هؤلاء الباحثون مع علماء من "المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية" و"مركز والتر ريد الطبي العسكري الوطني" وأربعة مستشفيات محلية أخرى. نُشرت نتائج التجربة في مجلة "علم المناعة".

تلقى 19 شخصاً من المصابين بفيروس "كوفيد - 19" داخل المستشفيات دواء أكالابروتينيب لفترة تتراوح بين 10 و14 يوماً. في بداية الدراسة، كان 11 مشاركاً يتنفسون عبر أقنعة أوكسجين، واستعمل ثمانية منهم أجهزة تنفس اصطناعية.

عند انتهاء فترة المتابعة، لم يعد ثمانية مرضى من المجموعة التي تلقت الأوكسجين يحتاجون إلى أي مساعدة للتنفس وخرجوا من المستشفى.

في المجموعة التي كانت تستعمل أجهزة التنفس في بداية العلاج، تخلى أربعة مرضى عن الآلات وخرج اثنان منهم من المستشفى، وتوفي اثنان آخران. لكن بدا وكأن الدواء لا يسبب أي آثار جانبية سامة. راقب الباحثون أيضاً مؤشرَين التهابيَين في الدم (مستويات الإنترلوكين 6، والبروتين التفاعلي "سي").

عادت مستويات البروتين التفاعلي "سي" إلى وضعها الطبيعي لدى عشرة مرضى من أصل 11 كانوا يستعملون أقنعة الأوكسجين في بداية الدراسة. وعادت مستويات الإنترلوكين 6 إلى طبيعتها لدى ثلاثة مرضى من أصل خمسة أجروا هذا الفحص، لكن تراجعت تلك المستويات بشدة لدى اثنين منهم.

كان الوضع مختلطاً لدى مستخدمي أجهزة التنفس، فقد بقي التراجع لديهم أصغر حجماً بشكل عام وتقلّبت المستويات المسجلة لدى بعض المرضى.





تحسّن سريع

يكتب الباحثون في تقريرهم: "سُجّل تحسّن سريع نسبياً في مستوى الأوكسجين والوضع العيادي لمعظم المرضى بعد أخذ دواء أكالابروتينيب، وارتبطت هذه النتيجة موقتاً بعودة المؤشرات الالتهابية إلى وضعها الطبيعي. كانت الاستجابات العيادية أكثر تفاوتاً تجاه الدواء لدى مستخدمي أجهزة التهوئة الميكانيكية، لكن سمح تحسّن كمية الأوكسجين لدى نصف هؤلاء المرضى بنزع الأنابيب عنهم".

على صعيد آخر، زادت أعداد الخلايا اللمفاوية (نوع من خلايا الدم البيضاء) لدى معظم المرضى. ترتبط أسوأ النتائج لدى المصابين بحالات حادة من فيروس "كوفيد - 19" بانحسار هذه الخلايا.

يقول المشرف على الدراسة مارك روشيسكي: "كنا نتوقع أفضل النتائج عند إعطاء العلاج المضاد للالتهابات قبل تدهور وضع المريض وحاجته إلى أنابيب التنفس، لكن تكشف هذه المعطيات الجديدة أن كبح أنزيم "كيناز التيروسين بروتون" قد يفيد مجموعة فرعية من المصابين بالفيروس ومستخدمي أجهزة التنفس". دعماً لهذه الفرضية، استنتج الباحثون أيضاً أن نشاط الأنزيم في خلايا دم المرضى كان مكثفاً في بداية الدراسة مقارنةً بالمتطوعين الأصحاء. وحتى مستويات الإنترلوكين 6 كانت أعلى مستوى لدى المرضى.

يذكر العلماء أن عوامل الخطر المعروفة للإصابة بحالة حادة من "كوفيد - 19"، منها البدانة، وارتفاع ضغط الدم، وتصلب الشرايين، والنوع الثاني من السكري، ترتبط أيضاً بنشوء التهابات فائقة. بالتالي، قد تجعل الالتهابات المسبقة هذه المجموعات من المرضى أكثر عرضة لحالات حادة من فيروس كورونا.

استهداف أصل المشكلة


طُرِحت طرق أخرى لإخماد الاستجابة المناعية لدى المرضى باعتبارها علاجات محتملة، منها الأجسام المضادة وحيدة النسيلة التي تستهدف الإنترلوكين 6. لكن يظن المشرفون على الدراسة الأخيرة أن استراتيجيتهم قد تكون أكثر فاعلية لأنها تستهدف سبب الالتهاب في البلاعم. ترتفع مستويات السيتوكينات لدى المصابين بحالات حادة من "كوفيد - 19"، لذا قد يسمح استهداف نوع واحد منها بكبح مســـار الالتهاب جزئياً.


تبقى هذه الدراسة صغيرة ولم تلجأ إلى مجموعة مرجعية لمقارنة النتائج. لكن في شهر نيسان الماضي، قبل نشر استنتاجات الدراسة، أدت نتائجها الواعدة إلى إطلاق تجربة عيادية عشوائية وأكبر حجماً اسمها "كالافي" وستشارك فيها جهات دولية. تهدف هذه التجربة إلى تقييم مدى فاعلية دواء أكالابروتينيب (كالكانس) لدى المصابين بمضاعفات تنفسية بسبب "كوفيد - 19".


MISS 3