جوزيف حبيب

2024... "عام متصدّع" ينتظر بايدن!

15 كانون الأول 2023

02 : 00

هل يضطرّ بايدن إلى الانسحاب من السباق الرئاسي؟ (أ ف ب)

تُحاصر بايدن معضلات داخلية وخارجية هائلة مع اقتراب دخوله السنة الرابعة من عهده الرئاسي الحافل. يتوقّع أن يكون 2024 «عاماً متصدّعاً» على الرئيس الديموقراطي الساعي، حتّى اللحظة، إلى التجديد لولاية رئاسية ثانية، تبدو أصعب منالاً بمرور الوقت.

ما يزيد الطين بِلّة بالنسبة إلى بايدن، دخول مجلس النواب الأميركي بكامل «ثقله القانوني» على «حلبة الملاكمة» السياسية بفتحه تحقيقاً رسميّاً لعزل «الرئيس النعسان»، كما يحلو لخصمه اللدود ترامب السخرية منه، بسبب أنشطة نجله هانتر التجارية والمالية الدولية غير القانونية.

لطالما اتّهم الجمهوريّون الرئيس بايدن باستغلال منصبه وصرف نفوذه عندما كان نائباً للرئيس باراك أوباما، لتأمين مقعد لهانتر الذي له تاريخ حافل من إدمان المخدّرات، ويواجه اليوم لائحتَي اتهام، في مجلس إدارة شركة الغاز الأوكرانية العملاقة «بوريسما»، علماً أن «الإبن المُشاكس» لا يمتلك أي مؤهّلات أو خبرات تُبرّر تبوّؤه هذا المنصب. كما نسج هانتر شبكة علاقات نفعيّة متشعّبة مع شركات وجهات أجنبية، من بينها صينية.

صحيح أنّ إجراءات عزل الرئيس الأميركي تنطلق من مجلس النواب، الذي له حق اتهام سيّد البيت الأبيض، ولا تحتاج هذه العملية إلّا لغالبية بسيطة لإمرارها، وهي في متناول الجمهوريين، بيد أن محاكمة الرئيس تحصل في مجلس الشيوخ، حيث أنّ قرار «العزل» يحتاج إلى أصوات ثلثي الأعضاء، الأمر غير المتوافر في «جعبة» الأقلية الجمهورية هناك.

لكنّ هذه «العملية الماراتونية»، التي تتّخذ في جزء منها منحى «الانتقام الحزبي» على ما فعله الديموقراطيون حين حاولوا عزل ترامب مرّتَين، «ستُهشّم» أكثر صورة بايدن «المتشقّقة» أصلاً، في آخر سنة مفصلية من عهده، فيما يجهد فريقه في الدفع بعجلات حملته الانتخابية المتعثّرة بفعل زلّاته وتلعثماته المتكرّرة.

وإلى جانب «كوابيس» هانتر «المُرعبة» التي «تُطارد» والده الرئيس، يستطيع الجمهوريون توجيه «ضربات» سياسية وقانونية وإعلامية موجعة إلى «وجه» بايدن، بإعادة فتحهم «ملفات لاذعة» تبدأ بالانسحاب الفوضوي للقوات الأميركية من أفغانستان، وتمرّ بـ»وثائق بايدن السرّية»، ولا تنتهي بالفشل في منع تدفّق «موجات بشرية» من المهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود الجنوبية مع المكسيك.

وبالحديث عن «الهجرة الكارثية» وأمن الحدود الجنوبية، كان لافتاً إعلان بايدن أخيراً استعداده لـ»تسويات كبرى» مع الجمهوريين حول هذه القضية البالغة الحساسية، مقابل تسهيل «حزب الفيل» إفراج الكونغرس عن حزمة مساعدات ضخمة لكييف. وهنا تبرز قضية أخرى تؤرق بايدن، ألا وهي الحرب في أوكرانيا، حيث تبتغي موسكو استغلال «ضبابية» الدعم العسكري والمالي الغربي لعدوّتها، لتحقيق مكاسب ميدانيّة، ما سيُشكّل حال نجاح روسيا في مساعيها، انتكاسة كبيرة لسياسة بايدن الخارجية.

وبينما خفّضت إدارة بايدن، ولو موَقّتاً، حدّة التوترات الجيوستراتيجية مع غريمتها العالمية الأولى الصين، تفاقمت أزمات خارجية أخرى من شبه الجزيرة الكورية، حيث تمكّنت بيونغ يانغ المسلّحة نوويّاً من إطلاق قمر اصطناعي تجسّسي، وصولاً إلى «الحديقة اللاتينية الخلفية» لبلاد «العم سام» مع بزوغ أزمة جديدة - قديمة متّصلة بالنزاع على منطقة إيسيكيبو الغنية بالنفط بين فنزويلا وغويانا، وما تطرحه من تحدّيات على مصالح واشنطن في المنطقة.

ولا بدّ من المرور على «الطبق» الشرق أوسطي المُلتهب مع استعار الحرب في قطاع غزة وتداعياتها الدراماتيكية على مصالح أميركا وأمن قواعدها ومنشآتها، في وقت تؤمّن فيه واشنطن «غطاء» لحليفتها تل أبيب، ما ينعكس سلباً على حظوظ بايدن الرئاسية من باب احتمال خسارة الولايات المتأرجحة الحاسمة، خصوصاً مع تعهّد شخصيات من الجاليات المسلمة وناشطين يساريين بعدم التصويت له، هذا إن لم تفرض عليه «ظروف قاهرة» الانسحاب من السباق الذي يزداد تعقيداً وصعوبة على رئيس أرهقته سنين طويلة من العمل في «بحار» واشنطن الهائجة.


MISS 3