Corona Awareness

"كوفيد - 19"...سبب لنشوء السكّري؟

02 : 00

يظن فريق دولي من الخبراء أن الناس قد يصابون بمرض السكري للمرة الأولى عند تعرضهم لحالة حادة من فيروس "كوفيد - 19".

ينشأ مرض السكري حين تتعطل قدرة الجسم على تنظيم مستويات الغلوكوز في الدم. قد تنجم المشكلة عن تضرر خلايا بيتا التي تنتج هرمون الأنسولين في البنكرياس (النوع الأول من السكري) أو فقدان حساسية الجسم تجاه الهرمون (النوع الثاني من السكري).

في تقرير نشرته "مجلة نيو إنغلاند" الطبية، يكتب الباحثون أن السكري قد يزيد خطر الإصابة بحالات حادة من فيروس "كوفيد - 19"، لكن تثبت أدلة جديدة أن الناس قد يصابون بالسكري للمرة الأولى بسبب هذه العدوى.

مضاعفات أيضية

يذكر الخبراء أن وباء "كوفيد - 19" قد يسبب مضاعفات أيضية خطيرة لدى مرضى السكري، ما يجعلهم بحاجة إلى علاج فيه جرعات عالية جداً من الأنسولين. هم يطرحون تقريراً من أحد مستشفيات سنغافورة عن رجل كان يتمتع بصحة جيدة، لكنه واجه مضاعفات مرض السكري بعد التقاط عدوى "كوفيد - 19".

وفي دراسة من العام 2010، تلقى 39 مريضاً علاجاً لمتلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (سارس) في مستشفى صيني، ثم لوحظ أن 20 شخصاً منهم أصيبوا بالسكري للمرة الأولى بعد دخولهم المستشفى.

يذكر خبراء السكري في تقريرهم أن عدداً كبيراً من الأنسجة الأيضية الأساسية في الجسم، بما في ذلك خلايا بيتا في البنكرياس والنسيج الدهني والأمعاء الدقيقة والكلى، يحتوي على مستقبلات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2. حين تتصل الفيروسات بهذه المستقبلات، قد تُسبب تغيرات في أيض الغلوكوز، ما يؤدي إلى تفاقم حالة السكري القائمة أو نشوء السكري للمرة الأولى.





وباءان متداخلان

إبتكر الخبراء سجلاً لجمع بيانات من الأطباء حول هذه المشكلة ولتحديد نطاقها وأفضل الطرق لمعالجتها.

يقول فرانشيسكو روبينو، أستاذ في الجراحة الأيضية في جامعة "كينغز كوليدج لندن" في بريطانيا وأحد المشرفين على المشروع الجديد: "يُعتبر السكري من أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً، وبدأنا ندرك الآن عواقب الصدام الحتمي بين وبائين. نظراً إلى تراجع مدة احتكاك البشر بفيروس كورونا الجديد، لم تتضح بعد الآلية الدقيقة التي تسمح للفيروس بالتأثير على أيض الغلوكوز، ولا نعرف ما إذا كانت مؤشرات السكري الحادة لدى هؤلاء المرضى تدخل في خانة النوع الأول أو الثاني من السكري، أو نوع جديد آخر من المرض".

يجب أن يعرف الباحثون ما إذا كان المريض الذي يصاب بالسكري بهذه الطريقة يبقى أكثر عرضة للمرض بعد مغادرة المستشفى.

يقول بول زيميت، أستاذ متخصص بمرض السكري في جامعة "موناش" في ملبورن، أستراليا، وأحد المشرفين على المشروع الجديد: "لا نعرف بعد مدى خطورة السكري المستجد لدى المصابين بفيروس "كوفيد - 19" واحتمال استمراره أو اختفائه بعد الشفاء من العدوى. وفي هذه الحالة، هل يزيد الفيروس خطر الإصابة بالسكري مستقبلاً؟ من خلال إنشاء هذا السجل العالمي، ندعو الأوساط الطبية الدولية إلى تقاسم الملاحظات العيادية المهمة سريعاً لتسهيل الإجابة على هذه الأسئلة".

شكوك مستمرة

عبّر عدد من الخبراء في "مركز علوم الإعلام" في لندن عن تشكيكهم بقدرة فيروس "كوفيد - 19" على التسبب بمرض السكري.

تقول الدكتورة غابرييلا دا سيلفـا كزافييه، محاضِرة مرموقة في مجال الأيض الخلوي في جامعة "برمينغهام" البريطانية، إن الأدلة الواردة في التقرير الجديد لا تكفي لإثبات وجود رابط سببي بين العاملَين. لكنها تؤيد دعوة الباحثين إلى جمع بيانات إضافية: "باختصار، من غير المنصف أن نستعمل البيانات المذكورة للتأكيد على وجود رابط سببي بين "كوفيد - 19" والسكري ومضاعفاته. لكن بعد طرح تلك الملاحظات، من المنطقي أن نراقب هذه الظاهرة عن قرب، كما يقترح العلماء في تقريرهم".

حصد ذلك السجل أيضاً دعم الدكتور رياض باتل، أستاذ مساعد واستشاري في أمراض القلب في مستشفى "كوليدج لندن" الجامعي في بريطانيا. لكنه يشدد على غياب أي أدلة جازمة تثبت وجود رابط سببي بين "كوفيد - 19" والسكري: "قد تكون البيانات التي تربط بين العاملَين مربكة لبعض الأسباب. نعرف أن أي مرض يسبب الضغط النفسي قد يجعل مستويات سكر الدم ترتفع موقتاً. هذا ما يحصل مثلاً مع النوبات القلبية. كذلك، قد يكون الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بفيروس "كوفيد - 19" معرّضين للسكري في مطلق الأحوال بسبب وزنهم الزائد. ومن المعروف أن البدانة ترتبط بأسوأ النتائج عند التقاط هذه العدوى".

برأي نفيد ستار، أستاذ في الطب الأيضي في جامعة "غلاسكو" البريطانية، قد لا يتأكد العلماء من ارتفاع معدلات السكري الإجمالية لدى السكان بسبب الوباء قبل مرور سنة أو سنتين: "في غضون ذلك، يجب أن يتشجع الناس على متابعة التحرك ويختاروا حمية صحية ويحافظوا على وزن مستقر قدر الإمكان، أو يخسروا الكيلوغرامات الزائدة لتقليص مخاطر الإصابة بالسكري راهناً ومستقبلاً، وحتى تخفيض احتمال الإصابة بأخطر حالات "كوفيد - 19" في حــال التقطوا العدوى".



MISS 3