شربل داغر

مائدة المسيح... فلسطينية

22 حزيران 2020

02 : 00

ماذا أكل السيد المسيح، مع تلاميذه، في "العشاء الاخير"، أي قبل محاكمته وصلبه؟

باحثان إيطاليان في علم الآثار عملا على توفير إجابة مناسبة على هذا السؤال. وخلصا عملياً الى درس "مائدة فلسطين" في ذلك الزمن. ووجدا أن مأكول السيد المسيح معهم يمكن أن يتوزع على الأطباق التالية: يخنة من الفاصولياء، مع لحم الغنم، مع زيتون، وأعشاب مريرة، وصلصة سمك، وتمر، فضلاً عن نبيذ فلسطيني، وخبز من دون خميرة.

عاد الباحثان، في هذا، الى المطبخ الفلسطيني في القرن الميلادي الأول، وتوصلا إلى تحديد أطباقه ومواد أكله وشربه وفق مصادر تاريخية هي الأقرب إلى الصدق. بل تنبّهَ الباحثان إلى شكل المائدة نفسها، التي تحلّقَ فيها التلاميذ حول معلمهم، وحول شكلها، والجلوس إليها، وغير ذلك. فقد انطلق الباحثان من صور "العشاء الأخير" في الفن التصويري الإيطالي (وهي كثيرة ومعروفة)، ووجدا أن ما يسمى بالتصوير "الكلاسيكي" لا يوافق الحقيقة التاريخية. ففي فلسطين ما كانوا يجلسون إلى طاولة مرتفعة، ذات شكل مستطيل، بل إلى طاولة واطئة، ذات شكل مستدير. وما كانوا يجلسون على كراسٍ، بل على طنافس مطروحة أرضاً...

ليست هذه المرة الأولى التي يتمّ فيها تعرّض الصورة، اللوحة، إلى نقد بهذه الشدة، إلى كشف كونها "تَصنع" التاريخ من جديد، بل تزوّره في أحوال.

فما قيل فيه إنه تصوير واقعي، وموافق للحقيقة التاريخية، يَظهر انه... مختلَق، وهو موافق لثقافة المصور، أو لتدبيراته في صنع خيال للصورة.

قيل في عمل المصورِين، إنهم ينطلقون من الكتب القديمة. من دون شك، لكنهم كانوا "يُنزلونها" في وضعيات اجتماعية هي أقرب إلى ما كانوا يعيشون فيه، و"يُنزلونها" في هيئات إنسانية هي أشبه بمن كان يحيط بهم في محترفاتهم.

فكيف إذا صوَّرت لوحات ولوحات السيد المسيح أشقر الشعر، وله عينان زرقاوان!


MISS 3