السكوثيون استخدموا جلد الإنسان في صناعة منتجاتهم كما يروي هيرودوت

02 : 00

وفق المؤرخ اليوناني القديم هيرودوت، كان السكوثيون المتوحشون شعباً مرعباً ومتعطشاً للدم. هو يصف التعامل الذي ينتظر الأعداء المهزومين أمام المحاربين السكوثيين بتفاصيل مريعة ويشير إلى تعدد استعمالات جثثهم بعد قتلهم.



اتُّهِم هيرودوت بنشر الأكاذيب، لكن يبدو أن معلوماته عن هذا الموضوع كانت دقيقة بدرجة معيّنة على الأقل. يكشف تحليل قطع جلدية مستخرجة من مدافن سكيثية في أنحاء جنوب أوكرانيا أن بعض العينات لها أصل بشري فعلاً.

يوضح فريق من علماء الآثار بقيادة لويز أورستيد براندت من جامعة كوبنهاغن: «تكشف نتائجنا أن السكوثيين كانوا يستعملون في المقام الأول أجناساً مثل الخراف، والماعز، والمواشي، والأحصنة، لإنتاج الجلد، بينما كان الفرو مصنوعاً من حيوانات برّية مثل الثعالب، والسناجب، والقطط. لكننا تفاجأنا حين وجدنا عيّنتَين من الجلد البشري، ما يطرح للمرة الأولى دليلاً مباشراً على صحة ادعاء المؤرخ اليوناني القديم هيرودوت حول استعمال السكوثيين جلد أعدائهم المقتولين لتصنيع عناصر الكؤوس الجلدية».

يُعتبر السكوثيون شعباً غامضاً بشكل عام، لكننا نعرف بعض المعلومات عنهم. هم معروفون بأسلوب حياتهم البدوي والحربي، وكانوا يحكمون السهوب الأوراسية بين العامين 700 و300 قبل الميلاد.

حللت أورستيد براندت وفريقها 45 قطعة جلد تم استخراجها من 14 مدفناً. خلال السنوات الماضية، كان الباحثون يتكلون على تحليل تركيبة الجلد نظراً إلى تدمير الحمض النووي خلال عملية دباغة الجلود. لكن طوّر العلماء حديثاً تقنيات لتحليل البروتينات في الجلد واستعمال تلك المعلومات لتحديد مواصفات القطع.

تمكّن الباحثون من تحديد الفصيلة التي تشتق منها قطع الجلد الخاضعة للتحليل. كان معظمها يشتق من الحيوانات. لم تتضح طريقة استعمال الجلد في حالات كثيرة. ربما تحوّل بعضها إلى أحذية أو ملابس. لكن كان يسهل التعرّف على الجعبات وحاويات الأسهم، وقد عثر العلماء على جلد بشري في جعبتَين مختلفتَين.

لم تكن الجعبة كلها مصنوعة من جلد الإنسان، بل تألف معظم هيكلها من جلود حيوانات متنوعة، وشكّل الجلد البشري جزءاً من أعلى الجعبة، ما يعني برأي الباحثين أن الأفراد كانوا يصنعون الجعبات من أي جلد متاح أمامهم، حتى أنهم كانوا يضعون الجلد الأكثر ندرة في الأعلى على الأرجح.

لم تقتصر حياة السكوثيين طبعاً على التقارير المريعة عن عنفهم المفرط. يقول الباحثون إنهم احتلوا الأراضي بين المجتمعات المستقرة في أوروبا وآسيا، وكان دورهم محورياً في نقل اللغات، والسلع، والتكنولوجيا، والأفكار، وحتى الأمراض، بين عالمَين منفصلَين.

تبرز أدلة أخرى أيضاً مفادها أن بعض السكوثيين فضّلوا أسلوب حياة أقرب إلى الزراعة. تكشف لنا الجلود التي صنعوها طبيعة الحيوانات التي ربّوها واستعملوها وأنواع التقنيات التي اختاروا استخدامها. قد يكون الجلد البشري مثيراً للاهتمام إذاً، لكن يبقى جلد الحيوان مبهراً بالقدر نفسه.

نُشرت نتائج البحث في مجلة «بلوس ون».

MISS 3