أحمد عياش

لبنان 2024 وقارئة الفنجان

28 كانون الأول 2023

02 : 00

على طريقة الشاعر نزار قباني «ستفتش عنها يا ولدي»، نظرت قارئة فنجان لبنان على مشارف عام 2024، وقالت بصوت يثير الهلع: «قد تنطلق الحرب أيضاً في جنوب لبنان، لأنّ في إسرائيل هناك من يقول اليوم إن الحالة ممتازة للقيام بحرب في لبنان: 80 ألف إسرائيلي أجلوا عن الجليل الأعلى، وعدد كبير من المدنيين غادروا منازلهم في جنوب لبنان، بحيث أصبحت الساحة خالية من المدنيين».

وحملق لبنان في وجه قارئة فنجانه ليسألها أكثر عن الحرب و»الحالة الممتازة» لكي تشنّها إسرائيل عليه، لكنها قاطعته، ومضت قائلة: «في إسرائيل، أصوات ترتفع وتدعو للحرب في لبنان، ومنها وزير الدفاع يوآف غالانت. لكن الأميركيين، حتى الساعة، رغم تأييدهم اسرائيل واستمرارها في الحرب في غزة، ما زالوا يعارضون فتح جبهة الشمال. جو بايدن أبلغهم بذلك في الأسبوع الأول من الحرب. وعندما عادت نغمتها مجدداً للتداول منذ نحو أسبوعين، كررت الإدارة الأميركية رسمياً أنها ما زالت عند موقفها المعارض فتح جبهة لبنان».

ووسط ذهول لبنان حتى الآن، خلصت قارئة الفنجان إلى إطلاق آخر ما قرأته: «الخطر يا ولدي، يبقى قائماً أولاً، لأنّ إسرائيل لا تطيع أميركا في كل الحالات، وثانياً لأنّ المناوشات الجارية في لبنان يومياً قد تتجاوز رغبة الطرفين في إبقاء النار هادئة أو تحت السيطرة، وقد يحصل سوء تفاهم أو سوء تفسير ويتم تجاوز الخطوط الحمر لقواعد الاشتباك التي تم التوصل إليها».

يبدو غريباً سماع هذه اللغة تنطق بها قارئة الفنجان، أو قارئة أو قارئ طالع سيحتلون الشاشات مساء الأحد المقبل، لكي يتنبأوا في كل شيء، سواء في لبنان أو في العالم. لكن، ما قالته قارئة الفنجان في سياق هذا المقال، هو فعلياً ما أدلى به البارحة الوزير السابق والكاتب والديبلوماسي الشهير غسان سلامة، في حديث صحافي مطوّل. فهل يؤدي الكشف عن هوية «قارئة الفنجان» إلى إعطاء توقعات للحرب الإسرائيلية على لبنان اهمية؟ أم أنّ الأهمية، تكون اكثر لو بقيت التوقعات منسوبة إلى عرّافة نزار قباني؟

من العبارات الشهيرة التي تناقلها الناس منذ القرن الخامس عشر الميلادي، «البحث عن جنس الملائكة». وهي أتت في سياق ما رويَ عن حصار القسطنطينية. وما يشبه أحوال ذلك الزمن، هي أحوال لبنان الراهنة. فعلى الرغم من تعاظم الخسائر البشرية والمادية التي لحقت ولا تزال بالمناطق الحدودية من الجنوب، ينشغل الناطقون باسم «حزب الله» في البحث عن كيفية توصيف «الانتصار» الذي ستنتهي إليه حركة «حماس» في غزة أولاً، ثم ينتهي إليه «الحزب» في لبنان ثانياً.

خرج قبل أيام أحد منظّري «حزب الله» في مقابلة تلفزيونية، إلى القول إنّه «يشتهي» الموت في الحرب الدائرة من غزة إلى الجنوب. وتمنى لو أنّ إسرائيل «تغزو لبنان براً»، كي تمنى بالهزيمة التي تنتظرها. فهل، هناك من شك بعد هذا الكلام بما توقعه سلامة، حول حرب آتية؟

من غرائب هذا الزمن، ما أتت به الأنباء أمس من إسرائيل عن ولادة «منظمة اللوبي 1701»، وهي منبثقة من نازحي المستوطنات الإسرائيلية الشمالية. وهدفها تطبيق القرار 1701 الخاص بجنوب لبنان. هل من قارئة فنجان أخرى، تفك لنا ألغاز ما ينتظر لبنان بعد الحرب؟

MISS 3