سيروج ابيكيان

كُن لبنانياً كما الأرمن

24 حزيران 2020

02 : 00

في قلوبهم مرضٌ فزادهم الله مرضاً...

واذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنّما نحن مصلحون الا أنهم هم المفسدون لكنهم لا يشعرون. (ق.ك.) (س.م.)

بعد كلمة فخامة الرئيس العماد ميشال عون في مئوية تأسيس لبنان الكبير، وكلام الاعلامي نيشان ديرهاروتيونيان في برنامجه على قناة الجديد، بانت الى العلن العنصرية والضغينة في نفوس مَن ما زال متردداً في الانتماء الى الوطن الذي ننتمي إليه ونحبه. والمستغرب استمرار التمادي في استغلال ما حدث من الاعلام التركي والاعلام الموالي له في لبنان والسفارة في الرابية رغم تسارع وتيرة الاحداث السياسية.

غذّت الأطماع التركية المستجدة في العالم العربي (ليبيا – العراق – سوريا - لبنان – قطر – اليمن – الصومال والسودان) هذه العنصرية، وربما هي من زرعتها في نفوس بعض إخوتي في الوطن والعيش المشترك. ولعلّ ما جاء في مقال مسؤول البروباغاندا التركية حمزة تيكين في وكالة الأنباء التركية والذي اعتبر انّ المستهدف ليس اردوغان لا بل المسلمين بأسرهم- وقد استضافته احدى الاذاعات اللبنانية فأعاد التطاول على فخامة الرئيس بلهجة فتنوية- دليلٌ قاطع على الانتقال الى مرحلة ترجمة طموح تركيا في لبنان كجزءٍ من مشروعها التوسعيّ في المتوسط والبلدان العربية بعدما صُدّت أبواب أوروبا بوجهها.

نعم، انّه التوغل نفسه الذي عهدناه مراراً، فهذه الأطماع ليست جديدة. ففي اجتماعٍ سريّ اتفق البعض، المنضوي تحت راية الأحلام التركية، بأنّ ثورات الربيع العربي فرصةٌ لفرض الحضور التركي كمرحلةٍ أولى، في مناطق كانت يوماً ما تحت نير الاحتلال العثماني، معتبرين أنّ الظروف مؤاتية - لا سيما في ظلّ ضعف الانظمة العربية - لإعادة إحياء السلطنة العثمانية في الذاكرة والنفوس، وبسط النفوذ التركي مجدداً في مرحلةٍ لاحقة، عبر استغلال تديّن الشعب العربي ومحاولة انتهاك سيادته تحت راية الاسلام والمسلمين وعبر زرع الفتن المذهبية بين أبناء الدولة الواحدة وإدارة النعرات بتنظيمٍ متقن.

لشركائنا في وطننا الحبيب نقول إنّ هذه المرّة ليست شبيهةً بسابقاتها لذا فلنضع النقاط على الحروف ونذكّر ببعض الثوابت:

- الأرمن طائفةٌ مؤسسة ومكوّن أساسيّ في لبنان، أسوة بمكوناتٍ أخرى. ليسوا إذاً لاجئين أو جاليةً أجنبية، أو جسماً غريباً بل اختاروا صيغة العيش المشترك والميثاقية قناعةً وليس إكراهاً.

- الأرمن لم تتلطّخ أيديهم بحروبٍ داخلية بل حصروا نضالهم بالذود عن الوطن والعمل على ازدهاره.

- الأرمن بنوا وعمّروا ولم يدمروا يوماً ولن...

لأولئك الذين يلعبون على الوتر الطائفي بعنصريةٍ بغيضة خدمةً لأهدافٍ خارجية خبيثة نقول:

قد نختلف في الآراء السياسية وهذا حق لك ولي، ولكن لا تحسبنّ الكرامات وكرامة الشهداء تُداس. لا تحسبنّ أنه بوسعكم يوماً جرّ الطائفة الارمنية الى فتنةٍ داخلية فاللعبة مكشوفة.

وللذين يراهنون على الاختلاف الديني لزرع الفتنة عبثاً تحاولون. فنحن قومٌ يحترم جميع الأديان والمعتقدات والتقاليد، وطالما اعتبرنا سماحة مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعّار "مطران الأرمن" في طرابلس لذا "خيطوا بغير مسلّة"!

يا من تبحث عن هويتك المفقودة، أمامك اليوم فرصة لتثبت اختيارك للبنان وطناً لك. ندعوك الى التعقل والعودة الى كنف الدولة ودستورها ومؤسساتها وميثاقها. دعك من الانجرار خلف مشاريع خارجية تتربّص بوطننا.

تمثّل بالأرمن ومحبّتهم للبنان وكن لبنانياً. لا ترتمِ في أحضان بلدٍ يستغلّ ضعفك ليستخدمك وقوداً. إبحث عن خدمة وطنك النهائي: لبنان.

MISS 3