المواشي في المدن الأوروبية القديمة لم تكن مُعدّة لإطعام البشر

02 : 00

يكشف بحث جديد أن أقدم المدن في أوروبا كانت تقوم على حمية نباتية في معظمها، ما يعني أن اللحوم كانت جزءاً من معالم الرفاهية بكل بساطة رغم تطور الزراعة وظهور المستوطنات الكبرى.

ظهرت المدن الدائرية العملاقة التي تعود إلى ثقافة «تريبيليا» منذ 6 آلاف سنة تقريباً، وهي تقع راهناً في أوكرانيا ومولدوفا.

يقول عالِم البيئة القديمة، فرانك شلوتز، الذي أشرف على الدراسة الجديدة في جامعة «كريستيان ألبريخت» في ألمانيا: «كان إطعام جميع الناس في مجتمع «تريبيليا» يتطلب أغذية معقدة جداً وأفضل المقاربات لإدارة المراعي». اعتُبِرت المواشي أساسية في النظام القائم، لكن لم تكن لحوم البقر جزءاً منه.

بين العامين 4200 و3650 قبل الميلاد، كانت الحيوانات في مجتمعات «تريبيليا» تحمل أهمية كبرى بسبب برازها، لا لحمها.

يكشف تحليل لنظائر النيتروجين في عيّنات الأسنان والعظام والتربة المأخوذة من بقايا تلك المجتمعات أن معظم المزارعين القدامى في أوروبا كانوا يستهلكون البازلاء، والعدس، وحبوباً مثل الشعير.

كانت المواشي والماعز والأغنام تُحفَظ في مراعٍ مسيّجة، وقد استُعمِلت في معظمها لتسميد الأراضي الزراعية. استهلكت تلك الحيوانات أيضاً البازلاء والحبوب، وحسّنت أسمدتها إنتاج المحاصيل اللاحقة.

كان ذبح المواشي لأخذ لحومها ليُضعِف مورداً أساسياً بعد بذل جهود شاقة لتربيتها، ما قد يؤدي إلى انهيار النظام القائم بالكامل. يفترض شلوتز وفريقه أن المنتجات الحيوانية كانت تؤمّن بين 8 و10% من الحمية الشائعة في «تريبيليا». لا أحد يعرف سبب تشتّت ثقافة «تريبيليا» بحلول العام 3000 قبل الميلاد. يشتبه بعض الخبراء بأنها تدمرت بالقوة أو تلاشت تحت تأثير الاضطرابات السياسية. لكن يفترض آخرون أن المناخ الأكثر برودة وجفافاً هو الذي دمّر تلك المجتمعات التي كانت مزدهرة في مرحلة معيّنة.

بعد اكتشاف هذا النوع من التقنيات الزراعية المتقدمة التي لم تستغل البيئة الطبيعية، من المنطقي أن نفترض أن انهيار ثقافة «تريبيليا» لم يكن اقتصادياً، بل كان مبنياً على التغيرات الاجتماعية أو السياسية. حتى الحمية النباتية المستدامة والمُغذّية إذاً تعجز عن حماية الناس من أضرار المجتمع البشري.

MISS 3