عماد موسى

دعوا شعبي يعيش

19 كانون الثاني 2024

02 : 00

يذكر التاريخ، ويتذكر أبناء هذه البلاد الجميلة، ممن تخطوا سن الرشد بكثير، الكلمة الشهيرة لمندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة في العام 1978 المنبثقة منها تلك الصرخة: دعوا شعبي يعيش. اسم المندوب غسان تويني. واسم رئيسه المباشر فؤاد بطرس. كلمة استولدت أو مهّدت لصدور القرار الدولي الرقم 425. ما كان تويني، بحجمه السياسي، بحاجة لتوجيهات بطرس ليعلن موقف لبنان، الدولة المستقلة، رغم الهيمنة السورية شبه الكاملة على لبنان لا على كل العقول.


لم تتمكن حكومات لبنان، طوال 22 عاماً من بسط سلطة الدولة على الحدود بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية، كما نص القرار الأممي الأول كما لم تتمكن طوال 18 عاماً من بسط سلطتها على الجنوب، بمؤازرة اليونيفيل كما نص الـ 1701.

لكن الديبلوماسية اللبنانية عملت بجهد لتطبيقه وسعت بكل قواها لفصل أزمة لبنان عن أزمة المنطقة والصراع العربي الإسرائيلي أملاً في إنهاء الإحتلال الإسرائيلي بمعزل عن احتلال الجولان وسيناء والأراضي الفلسطينية، وبمعزل عن القرار 242. وبعد الـ 1701 إجتهدت الديبلوماسية اللبنانية لتبرير ربط مصير البلد بمصير غزة واجتهدت أكثر لإخفاء تبعيتها لمحور الممانعة، واجتهدت أكثر وأكثر لتبرير عجزها الكامل عن لجم «الحزب» القائم مقام القوى العسكرية والفاتح حرباً على حساب الإستقرار، في أسوأ وضع معيشي وسياسي يشهده لبنان وفي وقت يُنتظر سماع صوت يصرخ في أروقة الأمم المتحدة:

دعوا شعب الجنوب يعيش، وشعب بيروت وشعب كل لبنان.

لا يحمي شعب لبنان موقف رئيس الحكومة، الخائف على تصدع الحكومة، معلناً باسم الحكومة ما يعلنه السيّد باسم الحوثيين والحشد العراقي وحماس وباسم المقاومة الإسلامية في لبنان.

ولا يحمي لبنان هذا الكم من الرياء والتكاذب والجبن والتلاعب على الكلمات.

دعوا شعبي يعيش، سواء توقف الطوفان من جهة أو من جهتين أو لم يتوقف.

دعوا شعبي يعيش سواء ارتبك العدو الصهيوني وتضعضع جنوده واصطكت ركاب ضباطه وارتعدت فرائصهم وتهجّر مستوطنوه أو لم يحصل شيء من كل ذلك. أي مكرمة من عند الله سبحانه وتعالى تقضي بأن يخسر لبنان خيرة شبابه وأن ينزف اقتصاده وأن يتهجّر جنوبه مقابل إصابات محققة بين قتيل وجريح في صفوف العدو؟

«دعوا شعبي يعيش» صرخة في وجه المغامرين بمصيرنا، وفي وجه من يجرّ البلاد صوب حرب هي بغنى عنها، وفي وجه من يتذاكى علينا وعلى الأمم بإعلان التزام لبنان القوي بالـ 1701 وبالتطبيق الكامل للـ 1701 وبتمسكه اليومي بالـ 1701. لو بيفلتو شوي... للقرار.

«دعوا شعبي يعيش» خارج أتون الحرب والتقاصف، دعوا شعبي يحب فلسطين ويعيش لنصرة فلسطين وشعبها، لا أن يروح فرق عملة على الطريق.

MISS 3