حتى علماء المناخ ما كانوا مستعدين للعام 2023

02 : 00

يبدو أن ما لا نعرفه يؤذينا فعلاً! كان المناخ في العام 2023 إثباتاً صريحاً على هذا الواقع. في السنة الماضية، توقّع علماء المناخ طوال الوقت أن تحطّم درجات الحرارة الأرقام القياسية. لكن تبيّن أن الواقع كان أسوأ من التوقعات بكثير، فقد سُجّلت مستويات تاريخية من موجات الجفاف، والفيضانات، والعواصف، وحرائق الغابات، في أنحاء العالم، ولم يكن جزء كبير من البلدان مستعداً بالكامل للتعامل مع هذه المستجدات. يعترف عالِم المناخ الرائد في وكالة «ناسا»، غافين شميت، بأن ما حصل أصابه بالذهول. هو صرّح لوكالة «فرنس برس» بأن العام 2023 لم يكسر الأرقام القياسية فحسب، بل إنه «سجّل رقماً كسر الرقم القياسي السابق بهامش قياسي».

يتفق معظم علماء المناخ على ربط هذه النزعة طويلة الأمد بالاحتباس الحراري، لكن يظن شميت أن ما حصل في العام 2023 يؤكد على تلك الفكرة ويكشف ظاهرة أخرى قد تكون أخطر مما توقعنا أو أصعب من أن نفسرها حتى الآن.

ربما ترتبط التفاصيل الغامضة بالهباء الجوي، أو ظاهرة «إل نينيو»، أو أحداث في القطب الجنوبي أو شمال المحيط الأطلسي، أو اختلال توازن الطاقة على كوكب الأرض، فضلاً عن فرضيات كثيرة أخرى.

يطلق العلماء راهناً محاولات يائسة لاكتشاف العوامل التي يغفلون عنها.

للمرة الأولى على الإطلاق، تجاوزت جميع أيام سنة 2023 الدرجة المئوية الواحدة فوق المستويات المسجّلة قبل الحقبة الصناعية. يظن العلماء أن المناخ في تلك السنة اقترب من درجة مئوية ونصف فوق تلك المستويات، ما قد يؤدي إلى انهيار أهداف اتفاق باريس للمناخ.

لكن كانت عشرة مراكز مختلفة للتنبؤ المناخي قد توقعت في السنة السابقة أن يبقى احتمال وصول درجات الحرارة خلال العام 2023 إلى المستويات التي سجلتها هذه السنة منخفضاً جداً.

بدأت ظاهرة «إل نينيو» تتراكم في السنة الماضية، لكن يبدو أنها نشأت بطريقة أضعف مما فعلت في الماضي الحديث، ما يعني أن درجات الحرارة القياسية التي سجّلها العام 2023 لم تكن تنجم عن خليط التغير المناخي وظاهرة «إل نينيو» بكل بساطة.

ثمة عوامل مؤثرة أخرى على الأرجح. في السنة الماضية مثلاً، سجّل الجليد البحري في القطب الجنوبي أدنى مستوياته منذ 45 سنة، ويعتبر العلماء هذا التغيّر غير مسبوق. بدأت كتلة اليابسة في أقصى الجنوب تذوب بطريقة لم تتوقعها نماذجنا المناخية يوماً.

قال عالِم المحيطات الفيزيائي، إدوارد دودريج، في العام 2023: «سُجّلت خمسة انحرافات معيارية فوق المعدل الوسطي. إذا لم تحصل أي تغيرات، نتوقع إذاً أن نشهد شتاءً مماثلاً مرة واحدة كل 7.5 ملايين سنة».

لكن إذا ذابت كمية كافية من الجليد البحري في القطب الجنوبي، يخشى العلماء أن تصبح الطبقة الجليدية أكثر هشاشة أمام الرياح والأمواج.

بعيداً عما يحصل في القطب الجنوبي، يستكشف علماء المناخ أيضاً التغيرات الحاصلة في الثورات البركانية، وانبعاثات الهباء الجوي، والدورة الشمسية، باعتبارها تفسيرات محتملة لاختلالات المناخ في العام 2023.

يقول شميت: «تحمل التطورات التي شهدها العام 2023 أهمية كبرى لأنها تجعلنا نتساءل: هل يعني ما حصل أن الوضع سيستمر على هذا الحال؟ وهل يعني أن تلك الآثار ستبدأ بالتسارع؟ لا نعرف الجواب بعد وهذا الوضع يطرح مشكلة».

يدعونا عالِم الأرض روبرت رود من جامعة «بيركلي» إلى الانتظار بكل بساطة كي نعرف إذا كان العام 2023 استثنائياً أم أنه بداية للتغيرات المناخية المتسارعة. في ظل استمرار انبعاثات غازات الدفيئة وتسجيلها مستويات قياسية، هو يتوقع أن يتجاوز المناخ دوماً عتبة الدرجة المئوية والنصف في المستقبل القريب.

MISS 3