Medical Discovery

"إسكات" جينة يعالج سرطان الثدي العدائي

02 : 00

تكشف دراسة جديدة أن العلماء يستطيعون تعطيل جينة مسؤولة عن نوع عدائي من سرطان الثدي. من خلال إسكات تلك الجينة، تنكمش الأورام ولا تنتشر في أنحاء الجسم.

تصاب امرأة واحدة من كل تسع نساء بسرطان الثدي وفق "جمعية السرطان الأميركية". في العام 2019، شخّص الأطباء حوالى 268600 حالة جديدة من سرطان الثدي الغازي في الولايات المتحدة، وتوفيت 41760 امرأة بسبب هذا المرض. يكون خِمْس الحالات من النوع العدائي المعروف بسرطان الثدي الثلاثي السلبي الذي تصعب معالجته.

على عكس معظم حالات سرطان الثدي، لا تعزز هرمونات الأستروجين والبروجستيرون نمو الأورام الثلاثية السلبية، لذا تكون الأدوية التي تعيق تلك الهرمونات، مثل التاموكسيفين، غير فاعلة.

لكن وفق بحث أجرته كلية الطب التابعة لجامعة "تولاين" في "نيو أورليانز"، لويزيانا، يبدو أن الجزيئة التي تعطّل جينة محددة في الأورام الثلاثية السلبية قد تشكّل علاجاً بديلاً واعداً. نشر العلماء نتائج اكتشافهم في مجلة "التقارير العلمية" الصادرة عن "معهد الأبحاث الطبيعية".

مفعول إسكات الجينات

جمع البحث بين دراسات عن خلايا تنمو في أطباق مخبرية ودراسات جرت على أجسام الفئران الحية. بدأ العلماء يحللون خلايا مزروعة من السرطان الثلاثي السلبي، وهي تشتق في الأصل من مريضة خضعت للعلاج في العام 1973 في "مركز أندرسون للسرطان" في هيوستن. قارن الباحثون آثار تعطيل جينتَين معروفتَين بارتباطهما بسرطان الثدي: Rab27a وTRAF3IP2.

لتعطيل الجينتَين أو "إسكاتهما"، استهدفوهما بجزيئات مزوّدة بأحماض نووية ريبية قصيرة اسمها TRAF3IP2-shRNA. إنها أجزاء من الحمض النووي الريبي الذي يلتف على نفسه على شكل دبوس الشعر، فيمنع قراءة جينة محددة أو نسخها لتصنيع بروتين.





إكتشف الباحثون أن تعطيل TRAF3IP2 ينعكس سلباً على المسارات الأيضية المرتبطة بالسرطان في الخلايا، بما يفوق أثر جينة Rab27a. ثم تأكدوا من هذا الاستنتاج عبر تعطيل كل جينة وحدها لدى نماذج من الفئران المصابة بسرطان الثدي. أدى تعطيل جينة Rab27a إلى إبطاء نمو الورم لدى الفئران، لكنّ عدداً ضئيلاً من الخلايا السرطانية انتشر في مناطق أخرى.

إنما أدى تعطيل جينة TRAF3IP2 في المقابل إلى كبح نمو الأورام الجديدة ومنع انتشار الأورام القائمة لمدة وصلت إلى سنة. الأفضل من ذلك هو أن العلاج ساهم في تقليص الأورام السابقة إلى أن أصبحت غير قابلة للرصد.

يقول المشرف الرئيس على الدراسة، رضا إيزادبانا، أستاذ طب مساعِد في جامعة "تولاين": "تكشف هذه النتيجة المثيرة للاهتمام أن جينة TRAF3IP2 قد تؤدي دوراً مؤثراً في أي علاج مبتكر لسرطان الثدي".

دراسات أخرى في الأفق

يحاول العلماء اليوم الحصول على إذن من "إدارة الغذاء والدواء" الأميركية لبدء تجارب عيادية في أسرع وقت ممكن. يجب أن يتأكدوا من نتائجهم أولاً عبر زرع خلايا سرطان الثدي المأخوذة من نساء لدى الفئران، في عملية "نقل الأعضاء بين الكائنات الحية" (Xenotransplantation).

يوضح العالِم الألماني إيشكارد ألت: "كانت الدراسة الأخيرة محدودة على بعض المستويات لأننا استعملنا خلية واحدة من سرطان الثدي، لاستكشاف آثار إسكات جينتَي Rab27a وTRAF3IP2 على نمو الأورام. يُفترض أن تشمل دراساتنا المستقبلية زرع عينات من نساء مريضات لدى كائنات حية أخرى للتأكيد على هذه النتائج غير المسبوقة في مجال التجارب المخبرية والحية".

في النهاية، قد يكون إسكات جينة TRAF3IP2 علاجاً فاعلاً لأنواع متعددة من السرطان وحتى قصور القلب. من المعروف أن هذه الجينة تنشّط مسارات خلوية متنوعة تعزز الالتهابات التي تؤثر بشدة على السرطان وقصور القلب أيضاً.

في خضم الأبحاث عن سرطان الثدي، تعاون فريق البحث من جامعة "تولاين" مع الدكتور شاندراسيكار بيساني من جامعة ميسوري في كولومبيا، علماً أنه العالِم الذي اكتشف دور جينة TRAF3IP2 في زيادة الالتهابات عند الإصابة بقصور القلب.

شارك بيساني أيضاً في بحث جديد اكتشف أن تعطيل تلك الجينة قد يكون نهجاً فاعلاً لمعالجة الورم الأرومي الدبقي، وهو نوع خبيث من سرطان الدماغ.


MISS 3