كتاب

علاج بالأشعار لتهدئة الروح في زمن "كوفيد - 19"!

02 : 00

عند ظهور فيروس كورونا، حدّدت غيري تشافيس أفضل وسيلة لتهدئة روحها وروح أحبائها: القصائد! تشافيس أستاذة فخرية في جامعة "سانت كاثرين" والرئيسة السابقة للجمعية الوطنية للعلاج بالأشعار التي تستعمل القصائد كوسيلة للشفاء والتطور منذ عقود طويلة. هي مؤلفة ثلاثة كتب، منها Poetry and Story Therapy: Healing Power of Creative Expression (العلاج بالأشعار والقصص: القوة الشفائية للتعبير الإبداعي)، ولديها أكثر من ألفَي قصيدة عن الصداقة والزواج والعلاقات العائلية، وعن الحزن والخسارة، والشجاعة والأمل، ومواضيع كثيرة أخرى. في المقابلة أدناه، تتكلم تشافيس عن هذه الوسيلة غير الشائعة وتُشجّع الناس على تجربة القصائد لتجاوز هذه المرحلة الشائكة.

تفاجأنا عند سماعنا بأن العلاج بالأشعار موجود منذ فترة طويلة. كنا نظن أنه ابتكار جديد!

هذا العلاج ليس جديداً. الأشعار وسيلة علاجية معترف بها في العالم القديم منذ أكثر من ألفَي سنة. جلبتُ هذا المفهوم إلى جامعة "سانت كاثرين" قبل 40 سنة تقريباً، حين بدأتُ العمل في الكلية كأستاذة في الأدب الإنكليزي. من الممتع أن نقابل أشخاصاً من جميع أنحاء العالم، فيتعلمون من تجاربنا ويتقاسمون ما يفعلونه بطرقٍ مختلفة.

كيف يعطي العلاج بالأشعار مفعوله؟


يختار المعالجون بالأشعار أنسب القصائد لاستهداف ظروف محددة في الحياة ومجموعة معيّنة من المشاعر. نحن ندعو العملاء أيضاً إلى كتابة تعابيرهم الشعرية الخاصة تزامناً مع منحهم التوجيهات التي يحتاجون إليها.


أي نوع من التوجيهات مثلاً؟


قد نعطيهم مثلاً عبارة "في الماضي كنتُ... لكني الآن...". أحياناً، أقترح عليهم ابتكار مفارقة معينة لاستعمالها كنقطة انطلاق للكتابة الحرّة، على غرار تهدئة الغضب أو العمل الجماعي المعزول. تساعدنا هذه الطرق على توسيع آفاق تفكيرنا واكتشاف ذواتنا والآخرين. ثمة قصيدة في المجموعة الجديدة التي جمعتُها حديثاً تحت عنوان Lost and Found (فُقِد ثم وُجِد) بقلم إيميلدا ماغواير. المقطع الشعري الأول مُخصّص للعناصر المفقودة، والمقطع الثاني مُخصّص للمنافع المكتسبة. حين نكتب نسختنا الخاصة، يمكننا أن نتواصل مع جانبَين متناقضَين من تجاربنا بدل أن نتابع التركيز على ما نخسره حصراً.


كيف يساعد هذا التمرين الناس على التغيّر؟


يخضع صبرنا وقوة تحمّلنا لاختبار حقيقي بطريقة غير مألوفة في هذه الأيام، وتستطيع القصائد، بفضل خليط من الكلمات القوية والأصوات الصادقة، أن تُلهمنا وتدفعنا إلى التمسك بالأمل واستيعاب طبيعة مشاعرنا وأفكارنا. لن نشعر بالوحدة حين يعبّر صوت الشاعر عن حقيقتنا. قد يكون تقاسم القصائد وابتكار التعابير الشعرية الذاتية أداة مريحة ووسيلة لبناء المجتمعات في هذا الزمن الذي يشهد عزلة متزايدة.

ضحكتُ حين قرأتُ واحدة من القصائد المفضّلة لديكِ بعنوان Snowbound (تحت سطوة الثلوج). صحيح أن ناتاشا لين فودج كتبتها في العام 1980، لكنها تتماشى على أكمل وجه مع حياتنا في زمن وباء "كوفيد - 19": "حان وقت وقف السفر/ والنزول من قطارات الناس الآخرين/ ومنع الطائرات من الهبوط في حياتنا/ هذا الزمن تحت سطوة الثلوج/ أصبحنا محكومين بملازمة مساحاتنا الخاصة/ حيث يكون الرقم الوحيد الذي نتصل به هو رقمنا الخاص". هل تكون القصائد دقيقة لهذه الدرجة دوماً؟

بصفتي معالِجة بالأشعار ومُحِبّة للقصائد، أقدّر تحديداً قيمة القصائد التي تحاكينا بكل وضوح وحيوية، والقصائد التي نستطيع أن نرى أنفسنا فيها، وتلك التي تشمل تركيبات مبتكرة ومفاجئة من الكلمات وتنجح في محاكاة تجاربنا الخاصة.


هل يتعلق عدم قبول الأشعار على نطاق أوسع بخوف الكثيرين منها؟  هل نعجز عن فهمها أم نتابع التفكير بمحاولاتنا الكارثية لكتابة قصيدة في المدرسة الابتدائية؟


هذه المخاوف مألوفة جداً. على مر السنين، سُئِلنا عما يجعلنا نسمّي أنفسنا "معالجين بالأشعار" في مناسبات لا تُعد ولا تُحصى لأن هاتين الكلمتَين تثيران أكبر المخاوف على الإطلاق. أظن أن هذا الوضع يرتبط بطريقة تعليمنا. في مناسبات كثيرة، يختار المعلمون قصائد معقدة ويضطر الطلاب لتحديد الخطأ والصواب في معانيها. لكن حين أدعو الناس إلى الكتابة، نادراً ما أستعمل كلمة "قصيدة"، بل أطلب منهم بكل بساطة أن يجمعوا الكلمات التي يريدونها.


هل تنجح هذه الطريقة؟


لا يدرك الكثيرون أنهم يحملون قصائد فعلية في داخلهم. أنا أعطيهم توجيهات حول أسلوب الكتابة وأطلب منهم أن يختاروا الكلمات التي يريدونها. قد يكتبون فكرة إبداعية وغالباً ما يتفاجأون من طريقة جمعهم للكلمات. حالما نعطي الكلمات شكل قصة، أو حتى صدمة، أثناء الكتابة، سندرك سريعاً أننا نستطيع السيطرة على ما نكتبه ونربط كتاباتنا بمعانٍ محددة. بعد مرور أسبوع أو حتى يوم واحد، تصبح هذه العملية منطقية بنظرنا. إنها أداة مؤثرة جداً وهذا ما يضمن مفعولها العلاجي الناجح.


كيف يتجنب المعالِج بالأشعار تجاوز حــــــــدوده والتعدي على صلاحيات المعالج النفسي المرخّص؟


نحن نتكلم عن هذه الحدود طوال الوقت. أنا معالِجة نفسية مرخّصة في مينيسوتا وأستاذة أدب في الوقت نفسه. أردتُ أن أكون مؤهّلة بالكامل للقيام بهذا العمل بطريقة مسؤولة. لكن تختلف المستويات في هذا المجال، لذا نحيل البعض إلى معالجين نفسيين آخرين. نحن ندرك جيداً الحدود التي تفصل بين المعالج والمساعد. يتدرب المساعد على كتابة الأشعار للتعامل مع أشخاص غير مصابين بحالات نفسية مثبتة، بل يحتاجون إلى الدعم والراحة والوعي الذاتي حين يواجهون تحديات الحياة. ثمة حاجة كبرى إلى العمل مع أشخاص غير مصابين باضطرابات نفسية، لا سيما في الوقت الراهن.


ما هي نصيحتك للبدء بعلاج مماثل؟


لا تقلق إذا شعرتَ بأن العلاج سخيف في البداية. أكتب شيئاً لكرسيك الهزاز القديم! قد يخبرك مثلاً بألا تجلس عليه لفترة طويلة. بل إنهض وتحرك! يجب أن تبدأ بكتابة قصيدة!


MISS 3