السلطعون الناسك يلبس المخلّفات البلاستيكية بدل الصدف

02 : 00

حلّل بحث بولندي جديد 386 صورة لسلاطيع ناسكة تحمل صَدَفاً اصطناعياً. كان مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي قد حمّلوا تلك الصور قبل أن يحللها العلماء عبر استعمال مقاربة بحثية على صلة بعلم البيئة الرقمي. من أصل 386 صورة، ظهرت سلاطيع ناسكة وهي تستعمل أغراضاً بلاستيكية كملجأ لها في 326 حالة.



للوهلة الأولى، قد يبدو هذا الاكتشاف مثالاً لافتاً حول قدرة النشاطات البشرية على تغيير سلوك الحيوانات البرية وأسلوب حياة الكائنات والأنظمة البيئية المشتقة منها. لكن تتعدد العوامل المؤثرة في هذا المجال.

بدل إنتاج صَدَف خاص بالحيوان لحماية جسمه، كما يفعل السلطعون العادي أو الكركند، يستعمل السلطعون الناسك الصَدَف الفارغ الذي يتركه الحلزون النافق وراءه. تحمي الصدفة بطن السلطعون الناعم أثناء تنقله، لكن يسحب الحيوان كامل جسمه إلى داخلها حين يشعر بالتهديد، فتتحول الصدفة إلى ملجأ متحرك.

يتأثر هذا الاختيار أيضاً بتوافر الصَدَف المناسب. لسبب مجهول، يختار جزء من السلاطيع الناسكة احتلال الأغراض البلاستيكية بدل الصَدَف الطبيعي، وتؤكد الدراسة الأخيرة على هذه النزعة.

مقارنةً بالصَدَف الحقيقي، تكون المخلفات البلاستيكية أكثر سطوعاً وقد تتباين مع خلفية البيئة المحيطة، ما يجعل السلاطيع أكثر عرضة للحيوانات المفترسة.

نعرف أيضاً أن التعرّض للمواد البلاستيكية الدقيقة والعناصر التي تنبثق من البلاستيك قد يغيّر سلوكيات السلطعون الناسك، فيصبح أقل دقة في اختيار الصَدَف وأقل قدرة على القتال للحصول على الصدف الذي يريده، حتى أنه قد يغيّر شخصيته ويصبح أكثر ميلاً إلى أخذ المجازفات. لمعرفة أسباب ونتائج استعمال المخلفات البلاستيكية بهذه الطريقة، لا بد من استشكاف مسار انتقاء الصدف عبر سلسلة من التجارب المخبرية.

قد يسمح تحليل طرق استعمال مخلفات البلاستيك وسط السلاطيع الناسكة بفهم عواقب بعض النشاطات البشرية في البيئة، لكنه لا يكشف ما تفعله الحيوانات للتأقلم مع حقبة التأثير البشري. هل يمكنها أن تتكيّف مع الظروف المستجدة عبر استعمال الاستجابات السلوكية تجاه البلاستيك أم أنها تتطور على مر الأجيال؟

يعجز علم البيئة الرقمي عن الإجابة على هذا النوع من الأسئلة، ومع ذلك تشكّل الدراسة الجديدة جرس إنذار حول التغيرات المحتملة التي تحتاج إلى استكشاف كامل في الوقت الراهن.