فيروس كورونا يؤثّر على القلب مباشرةً؟

02 : 00

تذكر أحدث الدراسات أن فيروس كورونا الجديد قد يؤثر على خلايا القلب عبر المُستقبِل الموجود في الرئتين، ما يُمهّد لنشوء مضاعفات قلبية مرتبطة بفيروس "كوفيد - 19".

ظنّ الخبراء في البداية أن هذا الفيروس مرض تنفسي يترافق مع أعراض مثل السعال وضيق التنفس والتهاب الرئة. لكن تكشف أدلة جديدة أنه قد يُسبب أعراضاً عصبية وقلبية أيضاً.

رصد الأطباء تغيرات في نظام الدورة الدموية لدى المصابين بعدوى "كوفيد - 19"، وقد أدت في بعض الحالات إلى جلطات دموية ومضاعفات قلبية مثل تغيّر إيقاع القلب وتضرر نسيجه والتعرض لنوبات قلبية.

ثمة إجماع واسع على المخاطر التي يحملها الفيروس على مستوى القلب، لكن لا أحد يعرف بعد مدى ارتباط تلك الأعراض بالفيروس مباشرةً أو ظهورها بسبب مسارات مَرَضية أخرى مثل الالتهابات. نُشرت نتائج الدراسة الجديدة في مجلة "طب التقارير الخلوية"، حيث شارك العلماء في حل هذا اللغز حين أثبتوا أن فيروس كورونا قد يؤثر على خلايا القلب ويغيّر وظيفتها.

تشتق هذه النتائج من تجارب جرت على خلايا جذعية بشرية، وتكشف أن الأعراض القلبية المرتبطة بفيروس "كوفيد - 19" قد تكون نتيجة مباشرة لإصابة نسيج القلب.

استعمل الباحثون الخلايا الجذعية المستحثّة ومتعددة القدرات لإنتاج خلايا قلبية. يستطيع العلماء ابتكار هذا النوع الخلوي انطلاقاً من الخلايا الجلدية ثم يعيدون برمجتها كي تصبح مشابهة لأي نوع من خلايا الجسم. تشكّل هذه الخلايا أداة مفيدة لإجراء الأبحاث حول الأمراض البشرية واختبار علاجات جديدة. في هذه الدراسة، برمج الباحثون الخلايا الجذعية المستحثة ومتعددة القدرات كي تصبح خلايا قلبية، ثم حقنوها بفيروس كورونا الجديد. استخدم العلماء مجاهر وتقنيات التسلسل الجيني واستنتجوا أن العدوى قد تصيب خلايا القلب مباشرةً. اكتشفوا أيضاً أن الفيروس قد ينقسم سريعاً داخل خلايا القلب، ما يؤدي إلى تغيّر قدرته على الخفقان بعد فترة تَقِلّ عن ثلاثة أيام.

يوضح المشرف الأول على الدراسة، أرون شارما، باحث في معهد الطب التجديدي في مركز "سيدار سيناي" الطبي في لوس أنجلوس: "لم نكتشف أن هذه الخلايا القلبية المشتقة من خلايا جذعية تكون معرّضة لالتقاط فيروس كورونا الجديد فحسب، بل إن الفيروس قد ينقسم بسرعة داخل خلايا عضلة القلب أيضاً".





دور مُستقبِل الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2

ركّزت تجارب أخرى على جينات مختلفة عبّرت عنها خلايا القلب قبل التعرّض للفيروس وبعده. لاحظ الباحثون في هذه الدراسة أن الاستجابة المناعية الفطرية ومسارات التخلص من مضادات الفيروسات تصبح ناشطة.

لكن كيف يصل الفيروس إلى القلب أصلاً؟ يفترض الباحثون أن هذه العملية تحصل عن طريق الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2. إنه المُستقبِل الذي يستخدمه الفيروس لنقل العدوى إلى الخلايا داخل الرئتين.

الأهم من ذلك هو أن الدراسات أثبتت أن العلاج بأحد الأجسام المضادة لذلك الأنزيم قد يمنع فيروس كورونا الجديد من التكاثر وينقذ الخلايا داخل القلب. يقول شارما: "من خلال إعاقة بروتين الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2 عبر جسم مضاد، لا يستطيع الفيروس أن يتّصل بذلك البروتين بالسهولة نفسها، وبالتالي لن يدخل إلى الخلية بسهولة. تساعدنا هذه العملية على فهم الآليات المرتبطة بطريقة عمل هذا الفيروس، كما أنها تكشف المقاربات العلاجية التي نستطيع استعمالها كعلاج محتمل لفيروس كورونا".

أهمية النتائج الجديدة

يظن الباحثون أن العلماء يستطيعون استخدام الخلايا القلبية المشتقة من خلايا جذعية لاختبار أدوية جديدة واكتشاف المركّبات القادرة على منع التهاب الخلايا القلبية. يضيف فايثيلينغاراجا أروموغاسوامي، أستاذ مساعد في جامعة كاليفورنيا - لوس أنجلوس وأحد المشرفين على الدراسة: "قد يكون هذا النظام التجريبي الأساسي مفيداً لفهم الاختلافات في مسار تطور مسببات أنواع أخرى من فيروسات كورونا، على غرار المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس)".

لكن تبقى هذه المقاربة محدودة على بعض المستويات لأن الخلايا القلبية المشتقة من خلايا جذعية لا تعكس حقيقة ما يحصل بدقة. حلل الباحثون أيضاً الخلايا في طبق مخبري، وهو نظام معزول يخلو من التفاعلات المناعية التي تحصل في العادة داخل جسم الإنسان.

في مطلق الأحوال، تكشف هذه التجارب بكل وضوح أن الخلايا أصيبت بفيروس كورونا الجديد، وتتماشى هذه النتيجة مع بيانات عيادية أخرى رصدت الفيروس في قلوب أشخاص ماتوا بسبب "كوفيد - 19".


MISS 3