روي أبو زيد

كلود حبيب:حلمي الاستقرار في لبنان وأن أُكرَّم في وطني

17 تموز 2020

02 : 00

أسست الفنانة التشكيلية اللبنانية كلود حبيب، غاليري "لا بارول للفن التشكيلي" في أبو ظبي. وهي منذ الـ2011 فردٌ من هيئة جامعة السوربون أبوظبي التعليمية كأستاذة فن الرسم. وترسم حبيب المرأة والطبيعة، والشخصيات الفنية والأدبية خاصة، وهذا ما فعلته أخيراً برسمها بورتريه الشاعر والكاتب الفرنسي بول فاليري. فتمّ تكريمها في فرنسا، وتحويل لوحتها إلى بطاقة بريدية، الأمر الذي فتح لها باب العالمية على مصراعيه. "نداء الوطن" التقت حبيب وكان هذا الحوار المشوّق:



من هي كلود حبيب وكيف تتمكّن من اختراق عالم الفن والثقافة؟


أنا فنانة تشكيلية محترفة وأكاديمية. أحب من خلال عملي أن أركّز على علاقة الفلسفة بالفن وهذا الأمر بان جليّاً في أعمالي التي تحمل هذا الطابع.

تتجلّى الفلسفة في أعمالي الخاصة باللوحات، كما أنني طوّرت تقنية فنية تعتمد على العمل بالاسمنت والرمل لإظهار أهمية الفن الفلسفي في أعمالي. أسعى قدر المستطاع للتشديد على أهمية الثقافة للفنان: العلم، الموهبة والخبرة سمات أساسية تكمّل بعضها البعض، خصوصاً وأنّ الفن علم قائم بحد ذاته.


لماذا اخترتِ أن تجسّدي لوحة فنية تجسّد الفيلسوف والشاعر بول فاليري؟ وما الأثر الذي تركه في حياتك؟

اخترت فاليري بحكم دراستي للفلسفة حيث تعرّفت على فكره وإنسانيته فلفتتني كثيراً. أنجزت العمل صدفةً ولم اقصد حينها أن يراه القيّمون على متحف بول فاليري. لكن لحسن الحظ تمكّن أحد من معارفي من الاتصال بهم فرأوا التقنية التي أنجزتُ بها المجسّم وأعجبوا بها كثيراً. وطلبوا ضمّ العمل الى المتحف. كما قام المتحف بإصدار بطاقة بريدية باسمي مصوّر العمل عليها. لوحة فاليري نُفّذت بتقنية الاسمنت والرمل على خشب مقوّى بالحديد. وفي هذا السياق، أحترم فكر فاليري كثيراً وتواضعه وأحاول تطبيق مقولته في حياته وهي: "إن أردتَ تحقيق أحلامك يجب أن تستيقظ صباحاً".


كيف حصل هذا الموضوع؟


بناء على دعوة من قبل أحد الأصدقاء بمناسبة مهرجان "الرسم والشعر" الذي يقيمه متحف بول فاليري بشكل دوري في مدينة سات الفرنسية مسقط رأس المفكّر، قمتُ بتنفيذ العمل من أجل تقديمه للمتحف في المهرجان، وكان بعنوان "بورتريه بول فاليري". العمل مؤلّف من الإسمنت على خشب وشباك معدنية، بمقاس 65×45 سم، وتمّ ضمّه بعدها الى مجموعة المتحف الخاصة.


كُرّمت في فرنسا بينما إنجازك لم تتم الإضاءة عليه في لبنان؟


أظنّ أن السبب الأول هو أنني أعيش خارج لبنان منذ سنين طويلة ولا أزوره كثيراً، أما السبب الثاني فهو أنّ الوطن مثقل بهموم معيشية وإقتصادية وسياسية كبيرة، فحكّامنا يتناسون أنّ الوطن الأخضر يتميّز بفنانيه ومثقفيه. أنا أفتخر انني لبنانية لكنني مكرّمة خارج وطني!



بورتريه بول فاليري



كيف تعبّرين عن نفسك وتوصلين وجهة نظرك من خلال الرسم والفن؟ وهل الفنان يعكس ما يعيشه في أعماله؟


الفنان يعبّر عن نفسه من خلال أعماله، والعمل هو جزء لا يتجزّأ من مشاعر الفنان وحالته النفسية والاجتماعية. عبّرتُ عن نفسي في معرضي الأخير في فرنسا إذ بتّ أعكس من خلال أعمالي الرحلة الطويلة التي خضتُها في حياتي والتحديّات التي واجهتُها كي أصل الى ما أنا عليه اليوم. أنا استعمل الألوان الأساسية في لوحاتي، فأختزلها وأجعلها تعبّر عن نفسي. وأعتمد تقنية الـ mixte media art، أي لوحاتي لا تُنجز بالزيت فقط أو الأكريليك فحسب، بل تكون ممزوجة بالخشب، الفحم، المسامير، الأسلاك المعدنية، الرمل. أتمنى من الناس قراءة عنوان العمل، ووضع المجهود الكافي للتمكّن من قراءته كما يجب.



من مِنَ الفنانين المعاصرين يؤثّر فيك كثيراً؟ لماذا؟


بما أنني إنسانة صاحبة "عفوية منظّمة" أتأثر كثيراً بأعمال فنية محيطة من حولي. قد أتأثر بلحن جميل من دون معرفة من هو "كاتب اللّحن"، كما أهتم بالقراءة كثيراً والشعر أيضاً. لكن، كنتُ أتمنى لقاء الرسام بول سيزان الذي عاش في القرن التاسع عشر والتتلمذ على يديه.


من هو مثالك الأعلى؟


تعاليم الإنجيل التي ترشدني في دروب حياتي كافة، فضلاً عن أفراد عائلتي الذّين زوّدوني بحكم أساسية ستبقى معي مدى الحياة كمفتاح الصبر وعدم الاستسلام، الخدمة والمحبة.

هذه القيم هي كنوز مهمة جداً لمن يعرف كيفية استخدامها في حياته.


ما هي حكمتك في الحياة؟


الاجتهاد والصبر، المثابرة ، عدم الاستسلام والتواضع هي الأسس الأساسية لتكوين حكمتي في الحياة.


أخبرينا عن الحلم الذي لم تحقّقه بعد؟


حلمي الرئيس هو أن أشعر بأنّ لبنان حفظ لي مكاناً، خصوصاً وأنني أحلم بالاستقرار في لبنان في يوم من الايام ما سوف يزوّدني بالعزم والقوة، فضلاً عن إنشاء مشغل الرسم الخاص بي.

أترسمين بإحساسك أم من اجل كسب المال فقط؟

سؤالك مؤلم وموجع، إذ أنا بحاجة لحواسي وقدراتي وإمكانياتي الفكرية كي أرسم بالشكل المناسب. وحالياً أنا لا أتّكل على بيع لوحاتي كي أتمكّن من العيش عيشة لائقة. لذا في بعض الأحيان أضطرّ الى رسم بعض اللوحات كالبورتريهات للأصدقاء. آمل في نهاية المطاف أن أصبح فنانة بدوام كامل وألا اضطرّ للعمل في مجالات أخرى كالتعليم مثلاً كي أكون مكتفية مادياً ومعنوياً.



MISS 3