طوني كرم

"منتدى العدالة": كيف نحمي القضاء؟

1 آذار 2024

02 : 00

إطلاق حفل "منتدى العدالة" في القاعة العامة لمحكمة التمييز في بيروت

شهدت القاعة العامة لمحكمة التمييز أمس، «محاكمة» قدّم خلالها المحتفلون بإطلاق «منتدى العدالة»، دفوعاً جوهريّة ووجاهيّة بحقّ بعضهم، أو بحق أولئك الذين يتعمّدون تعطيل دولة القانون وتحقيق العدالة في لبنان.

ويندرج هذا المنتدى الجامع لكلّ من وزير العدل، ورئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية، والرئيس الأول لمحكمة التمييز – رئيس مجلس القضاء الأعلى، ورئيس مجلس شورى الدولة، مع تسجيل تغييب نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس عن الحفل، إلى «إجراء إصلاح وتطوير شاملين لـ»مرفق العدالة»، بعد إجراء «مراجعة عمليّة للنظام القضائي في لبنان» والتي تم تفنيدها في تقرير موجز، سيُعهد إلى مجموعات العمل أو أصحاب المصلحة المعنيين في القطاعات ذات الصلة إلى بلورة خارطة طريق شاملة لإصلاح وتطوير مرفق العدالة، وتعزيز استقلاليّة المؤسسات القضائية، وفعاليتها، وتفعيل مبدأ المساءلة وتسهيل حقّ التقاضي أمام المحاكم كافة، وذلك إستكمالاً لخطة الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار، المدعومة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والإتحاد الأوروبي، دولة سويسرا، وشركاء دوليّين آخرين.

وفي حضور عدد من القضاة وأصحاب الإختصاص من أكاديميين وممثلين عن المنظمات الدولية، إعتبر الرئيس الأول لمحكمة التمييز – رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود أنّ تكريس دولة القانون، يفترض ثلاثية ثابتة: تشريعات وقوانين، قضاة مستقلون، وجهاز قضائي فاعل، ضمانات مادية للقضاة، وتجهيزات لقصور العدل.

وشدد على أن القضاء اللبناني ينتظر إقرار اقتراح القانون المتعلق بإستقلالية السلطة القضائيّة. ولفت إلى أنّ الجواب على الوضع القضائي القائم يعود إلى «تقاعُسِ السلطةِ التشريعيةْ وعدمَ توقيعِ التشكيلاتِ والمناقلاتِ القضائيةْ الشاملةْ والجُزئيةْ»؛ وخلُص إلى أن السلطاتِ والمرجعياتِ والقوى والفاعليات ِالسياسية لا ترغبُ بوجودِ سلطةٍ قضائيةٍ مستقلةْ، وأَن كلاً منها يريدُ قضاءً على قياسِهِ وقياسِ مصالحِهِ. كما ان النهوضَ القضائيْ، واستعادةَ القضاءِ لدورِهِ، لن يتحقَّقا إلاّ عِبرَ إرادةٍ وتعاونٍ حقيقيين، بين مختلفِ السلطاتِ.

بدوره، شدد رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان على أنّ المسؤولية الكبرى لإنتظام السلطة القضائية تقع أولاً وأخيراً على اللبنانيين، وأشار إلى أنه من الخطأ تصوير أن هناك معركة دائرة بين السياسيين والقضاء، خلافاً للتشخيص الصحيح، بوجود معركتين: الأولى، «بين السياسيين الشرفاء الأوادم والسياسيين الزعران». والثانية، «بين القضاة الأوادم والقضاة الزعران».

ولفت إلى أن التحجج بعدم إعطاء السلطة القضائية إستقلاليتها في غير مكانه، لأن بعض القضاة لا يقومون بدورهم أسوة بالسياسيين، وسأل: «ما الذي يمنع وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى من القيام بانتدابات بدلاً من التسكيج؟ وكيف ينتظم القضاء في ظل الشغور في رئاسة التفتيش القضائي؟».

وختم عدوان كلمته متمنياً على رئيس مجلس القضاء الأعلى، «فتح المعركة القضائيّة التي لا تتطلب قانون إستقلالية القضاء من أجل أن تعمد بنفسها إلى نزع الشوائب التي تعتري الجسم القضائي، على اعتبار أنها تتطلب إرادة وليس قانوناً».

وبعد أن تطرق كلّ من سفيرة الإتحاد الأوروبي في لبنان ساندرا دي وايل، والمثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة في لبنان، السيد محمد صالح، إلى مواكبتهما دعم قطاع العدالة في الوقت الذي تواجه فيه المؤسسة القضائيّة في لبنان تحديات غير مسبوقة، دعا وزير العدل هنري الخوري إلى مناقشة جميع المطالب التي عرضها المشاركون من خلال وضعها على جدول أعمال ورش العمل المقبلة. وتساءل ما إذا كانت العدالة في لبنان تحتاج إلى منتدى لتتحقق، أو إلى قضاة كفوئين جديّين، واستطرد قائلاً: الجواب بسيط، فالعدالة من دون تشريعات ومؤسسات تنظمها لا يمكن أن تحقق غايتها.

وإعتبر أنّ هذا المنتدى الأول في تاريخ لبنان، يحاكي بكل صراحة وشفافية الصعاب التي تواجهها العدالة، من بينها النقص في التنسيق بين باقي السلطات والحاجة الماسة للإصلاحات؛ وأشار إلى أن دور المنتدى يكمن في إقتراح الحلول لهاتين المشكلتين من خلال دعوة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية إلى حوار صادق وإيجابي هو الأول من نوعه حول الإشكاليات الأساسيّة المتعلقة بالسلطة القضائية.

أما رئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي الياس، فتوقف عند حيثيات إستقلالية القضاء كمبدأ أساسي لقيام دولة القانون، كما وجوب وضع تشريعات صريحة تحول دون تولي القاضي مناصب سياسيّة ووزارية وإدارية خلال خدمته القضائيّة، وأشار إلى أنّ «القاضي الكسول يشكل خطراً على العدالة أسوة بالقاضي المرتشي».

MISS 3