هبطت الكبسولة الصغيرة W-1 التابعة لشركة «فاردا» للصناعات الفضائية في «نطاق اختبار وتدريب يوتا» بنجاح، في 21 شباط 2024. التقطت كاميرا مركّبة داخل كبسولة بعرض 90 سنتم مشهد العودة المدهش بالكامل، بدءاً من انفصال المركبة عن حافلة الأقمار الاصطناعية في المدار الأرضي المنخفض، وصولاً إلى عودتها إلى غلاف الأرض الجوي وفتح المظلة والهبوط المتأرجح. في نهاية الفيديو الممتد على خمس دقائق، تظهر ساقان مع حذاء مغطى بالوحل وتوحي هذه الصورة باسترجاع المظلة والكبسولة. لا يكتفي الفيديو بعرض المشهد بل يترافق مع الأصوات الحقيقية أيضاً. حتى أن أصوات العودة والهبوط هي أكثر ما يثير الدهشة.
تعرض لقطات كاملة وغير خاضعة للمونتاج لحظة انفصال المركبة ثم هبوطها طوال 27 دقيقة. ذكرت شركة «فاردا» على موقع «إكس» أن سرعة العودة إلى الأرض بلغت 30870 كيلومتراً في الساعة.
كانت كبسولة W-1 جزءاً من مركبة «روكيت لاب فوتون» التي انطلقت في حزيران 2023 ضمن المهمة المشتركة «ترانسبورتر-8» التي أطلقتها شركة «سبيس إكس». استعملت «فاردا» تلك المركبة الفضائية لاختبار تقنيات تصنيعها في الفضاء.
داخل الكبسولة، تمكنت الشركة من إنتاج بلورات من دواء مضاد للفيروسات اسمه «ريتونافير»، ضمن بيئة الجاذبية الصغرى في المدار الأرضي المنخفض، ويمكن استعماله لمعالجة فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد «ج». تريد الشركة بهذه الطريقة أن تطوّر البنية التحتية اللازمة لتسهيل نشر الصناعات التجارية في المدار الأرضي المنخفض.
يقول المدير التنفيذي لشركة «فاردا»، ويل بروي: «نحن نصنّع الأدوية في الفضاء. يسمح لنا غياب الجاذبية بإنتاج أدوية لا يمكن تصنيعها على كوكب الأرض. تُعتبر الجاذبية في هذه الحالة معياراً بحد ذاته. إذا وضعنا مقياساً للحرارة على الفرن مثلاً، سنبتكر مجموعة كاملة من الوصفات والمأكولات الجديدة. وإذا تمكنا من تغيير الجاذبية، يمكننا أن نعدّل أيضاً العملية الكيماوية المستعملة لتركيب الأدوية».
أمضت كبسولة W-1 ثمانية أشهر كجزءٍ من مركبة «روكيت لاب فوتون» (المنصة العليا من صاروخ مركبة «إلكترون»)، فحصلت بذلك على الطاقة وقوة الدفع والقدرة على الملاحة.
يقول المدير التنفيذي في شركة «روكيت لاب»، بيتر بيك، في بيان صحافي نشرته الشركة: «كانت هذه المهمّة ظاهرة لافتة وعرضاً مبهراً لأهمية العمل الجماعي بين فِرَق «روكيت لاب» و»فاردا» لتطوير مركبة فضائية فاعلة وفريدة من نوعها، وهي تثبت إمكانية التصنيع في الفضاء، وعودة الكبسولة إلى الأرض، والحصول على منتج دوائي كامل. تحققت هذه الإنجازات كلها منذ المحاولة الأولى. قد يُوجّه نجاح هذه المهمة أبحاثنا الأخرى التي تهدف إلى تطوير كبسولة «نيوترون» المُعدّة للعودة إلى الأرض، ما يُسهّل إطلاق الرحلات الفضائية البشرية».
نقلت «فاردا» الكبسولة إلى مقرها في كاليفورنيا للتحقق منها بالكامل، وأرسلت عيّنات «ريتونافير» إلى شركة الأدوية «إمبروفد فارما» لتحليلها. حتى أنها تنوي تقاسم بياناتها مع وكالة «ناسا» وسلاح الجو الأميركي لأنها متعاقدة معهما.