رواد مسلم

بكين تُزاحم واشنطن بالقدرات العسكرية

13 آذار 2024

02 : 00

سفينة حربية صينية (يسار) خلال مشاركتها في تدريبات مشتركة مع روسيا وإيران في خليج عُمان أمس (أ ف ب)

أثارت المنافسة الدولية المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين، والغزو الروسي لأوكرانيا، والحرب في الشرق الأوسط، والتوترات المتزايدة في شبه الجزيرة الكورية، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، تساؤلات حول واقع القاعدة الصناعية الدفاعية الأميركية، وقوّة الردع التي تمتلكها، وقدرتها على خوض أي حرب مستقبلية بالتزامن مع كلّ التوترات العسكرية حول العالم.

عملت الصين على مدى العقد الماضي إلى تغيير هيكل النظام الدولي من نظام أحادي القطب إلى نظام ثنائي القطبية، يتمحور حول واشنطن وبكين. بالإضافة إلى ذلك، تطوّر الصين قدراتها الدفاعية والهجومية بسرعة في مجالات عدّة، مثل الروبوتات، وأجهزة الاستشعار، والذكاء الاصطناعي، والفضاء، والضربات الصاروخية الموجّهة الدقيقة بعيدة المدى والفرط صوتية، والاتصالات المتقدّمة والقيادة والتحكّم.

إنّ صعود الصين كقوة اقتصادية عالمية جعلها القوة العسكرية البارزة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ إلى جانب الولايات المتحدة. وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية الأخيرة التي تواجهها الصين في مجالات عدّة، مثل أزمة ارتفاع معدلات البطالة، والشيخوخة السكانية السريعة، فقد زاد الإنفاق الدفاعي الصيني (المقدّر بما لا يقل عن 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) على مدار الثلاثين عاماً الماضية، بما يُقارب تسعة أضعاف. والأسبوع الماضي، أعلنت الصين زيادة بنسبة 7.2 في المئة في ميزانيتها الدفاعية لمواصلة تحديث قوّاتها المسلّحة وتعزيز قاعدتها الصناعية الدفاعية.

بالنسبة إلى القوّة البحرية، تمتلك الصين الآن أكبر شركة لبناء السفن في العالم، ولديها قدرة على بناء السفن بمعدّل يفوق 230 مرّة قدرة الولايات المتحدة، وفقاً لتقديرات البحرية الأميركية. كما تمتلك بكين أكبر حوض لبناء السفن مثل حوض «جيانغنان» الذي يتمتّع بقدرة استيعابية أكبر من كلّ أحواض بناء السفن في الولايات المتحدة، بحسب تقديرات البحرية الأميركية.

حتى لو لم يُهدّد الأسطول الصيني بعد التفوّق البحري الأميركي في كلّ أنحاء العالم، فمِن المرجّح أن يستمرّ بالتوسّع، وقد يتضاعف عدد غواصات الصواريخ الباليستية الصينية والغواصات الهجومية النووية (يبلغ عددها 6 حاليّاً مقابل 52 للولايات المتحدة)، والمقاتلات السطحية الكبيرة بحلول عام 2030، وفقاً لتقديرات مكتب الاستخبارات البحرية الأميركي، في حين أن التطوّر البحري الأميركي ليس بهذه السرعة.

أمّا بالنسبة إلى القدرات الجوية، فتمتلك الصين ثالث أكبر أسطول من الطائرات العسكرية في العالم، بعد واشنطن وموسكو. ولم يتزايد عدد الطائرات المقاتلة الصينية بشكل كبير على مدى السنوات العشرين الماضية، لكن الأسطول الجوي الصيني أصبح أكثر قدرة بشكل ملحوظ، بحيث يتكوّن من حوالى 2250 طائرة مقاتلة، بزيادة طفيفة عن 2120 طائرة قبل عقد من الزمن، لكنّها كانت تمتلك ما يقرب من 800 مقاتلة من الجيل الرابع والخامس في نهاية عام 2016، وأصبح لديها نحو 1500 في نهاية عام 2023. كما أنتجت الصين أكثر من 200 طائرة من الجيل الخامس من طراز «جي 20».

لا تزال هذه الأرقام أقلّ من تلك الموجودة لدى الولايات المتحدة، التي تشغّل أكثر من 3300 مقاتلة من الجيلين الرابع والخامس، لكنّها تُمثّل معدّلاً مثيراً للإعجاب في إنتاج الطائرات العسكرية. ولا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بميزة كبيرة في عدد طائرات الجيل الخامس، إذ تُشغّل 165 مقاتلة من طراز «أف 22» و606 مقاتلات من طراز «أف 35» الشبحية.

تعمل بكين على سدّ فجوة الإنتاج مع واشنطن، حيث تشير التقديرات الأخيرة للشركة المنتجة للمقاتلة «جي 20» إلى أنّها تنتج أكثر من 100 هيكل طائرة منها سنويّاً. على الرغم من أنّ هذا أقلّ من الإنتاج السنوي المتوقع لطائرات «أف 35» والذي يبلغ 156 هيكل طائرة سنويّاً بدءاً من عام 2023، إلّا أنّ معدّل الإنتاج أعلى بكثير ممّا كان عليه في السابق (ثلاثة أضعاف)، وتظلّ أرقام الإنتاج الفعلية لطائرات «جي 20» سرّية.

على الرغم من أنّ واشنطن لا تزال تُنفق على الدفاع أكثر من بكين، إلّا أنّها تواجه العديد من التحديات. وكان الإنفاق العسكري الأميركي قبل 20 عاماً 9 أضعاف نظيره الصيني. وفي العام الماضي، أصبح الرقم أقلّ من 3 أضعاف، ويبدو أنّ الفجوة تضيق أكثر فأكثر، وذلك لأنّ للولايات المتحدة التزامات عالمية، بينما تستطيع الصين أن تُركّز بشكل أكبر على جوارها المباشر غير المتوتّر جدّاً لتزيد من قدراتها العسكرية، حتّى أصبحت 4 من أكبر 10 شركات دفاعية في العالم، شركات صينية.

MISS 3