جو حمورة

إنتخابات بلا منافسة... بوتين يُقصي خصومه!

16 آذار 2024

02 : 00

امرأة تُدلي بصوتها داخل أحد مراكز الإقتراع في موسكو أمس (أ ف ب)

لا ينتظر أحد أي مفاجأة في الانتخابات الرئاسية الروسية. النتيجة محسومة لصالح الرئيس الحالي فلاديمير بوتين الذي يمسك مقاليد السلطة في موسكو منذ أكثر من عقدين بقبضة حديدية.

حاول بعض المعارضين الترشّح للانتخابات الرئاسية التي بدأت أمس الجمعة وتستمرّ لثلاثة أيام متتالية حتّى الأحد، ولكن «لم تُقبل ترشيحاتهم»، فبقي في الميدان الانتخابي ثلاثة مرشحين يفيدون في إضفاء شرعية على الانتخابات الرئاسية أكثر من فائدتهم في محاولة الفوز بنسبة مهمّة من الأصوات.

وعلى النمط الشرقي العام، تخوض روسيا انتخابات رئاسية لا حماسة أو إثارة فيها، على الرغم من صرف بوتين وأنصاره الكثير من الأموال للدعاية والبث الإعلامي المتحمّس لعملية الانتخابات. أمّا الشيء المثير الوحيد في هذه الانتخابات، فهو دعوة يوليا نافالنايا، أرملة المعارض الروسي أليكسي نافالني الذي «توفي في ظروف غامضة في السجن» للتظاهر أمام مراكز الإقتراع.

وعلى الرغم من أن الدعوى قد لا تتمّ الاستجابة لها كما تشتهي نافالنايا، إلّا أن الأمن الروسي أعلن جهوزيته التامة للحؤول دون وقوع أي أعمال شغب أو «عرقلة للعملية «الديموقراطية».

وقبل أيام قليلة من الانتخابات، هاجم رجل بأداة حادة المعارض الروسي والمساعد السابق لأليكسي نافالني، ليونيد فولكوف، أمام منزله في منفاه في ليتوانيا، ما أدّى إلى إصابته بكسر في ذراعه في حادثة عبّرت الحكومة الليتوانية عن «صدمتها» بها.

وأوضح فولكوف الأربعاء أن رجلاً ضربه «حوالى 15 مرّة» بأداة حادة، مشيراً إلى أنه أصيب بكسر في ذراعه، وعبّر عن سروره بأنه ما زال على قيد الحياة و»لم يُحوّلوني إلى طبق لحم!».

تزدهر أعمال القتل بحق المعارضين الروس، في استمرار لافت لممارسات النظام الشيوعي السوفياتي السابق. كلّ معارض هو مشروع «مؤامرة»، وكلّ رأي مختلف يجلب متاعب للسلطة.

حاول هؤلاء مواجهة النظام الحاكم في روسيا كلٌّ على طريقته، فلم ينفع العنف الشعبي ولا نفع النضال السلمي الديموقراطي. أليكسي نافالني، بوريس نيمتسوف وميخائيل خودوركوفسكي والكثير غيرهم، واجهوا مصيراً قاسياً تراوح بين النفي والمحاكمة والاعتقال والتسميم وحتّى القتل في السجن.

وبطبيعة الحال، لا تُمارس الأنظمة الديكتاتورية قمعها «خارج القانون»، بل تُعزّز أدوات قمع المعارضة عبر تعديلات تشريعية تُسهّل عملية تصفية من تشاء. وهكذا فعلت روسيا في السنوات القليلة الماضية، عندما أقرّت قوانين ضدّ «العملاء الأجانب» وأخرى ضدّ «المنظمات غير المرغوب فيها»، لتُشكّل قاعدة قانونية وأدوات قمعية «شرعية».

وعلى الرغم من استمرار الجهود الدولية للضغط على روسيا لاحترام حقوق الإنسان والديموقراطية، إلّا أن النظام الروسي يظلّ متمسّكاً بسياسته الداخلية المركزية والقمعية. وفي محاولة لتفسير هذا السلوك، يُبرّر النظام الروسي أفعاله دائماً بذريعة الحفاظ على الاستقرار والأمن الوطنيَين. ومن خلال هذه السياقات، تُبرّر الإجراءات القمعية والقانونية التي تتّخذها الحكومة الروسية بحق المعارضين والنشطاء.

ومع ذلك، فإنّ هذه الاستراتيجية ليست مستدامة على المدى الطويل. فالضغط الدولي والمطالبات المتزايدة بالإصلاحات السياسية واحترام حقوق الإنسان في روسيا يُمكن أن تُضعِف تدريجياً مكانة النظام الحالي.

يبقى السؤال الملح للمجتمع الدولي، هو كيف يُمكنه التعامل مع نظام روسيا الذي يظلّ متمسّكاً بسياساته القمعية من دون مراعاة للمطالب الديموقراطية وحقوق الإنسان؟ وهل يُمكن أن تؤدّي الضغوط الدولية إلى تغيير في سلوك النظام الروسي أم أنه سيستمر في المحافظة على سياسته الحالية بلا رادع أو رأفة بأي أحد؟

MISS 3